تمثل القدرة على استيعاب الكلام والإجابة عنه بجواب مسكت طرفاً من الأدب الذي كان رائجاً عبر التاريخ العربي والعالمي، وقد انتقينا جملة منها:
1- قال رجل لهشام القوطي: كم تعد؟ قال: من واحد إلى ألف ألف وأكثر، قال لم أرد هذا، كم لك من السنين؟ قال: والله ما لي منها شيء السنون كلها لله، قال: فما سنك؟ قال: عظم، قال: فابن كم أنت؟ قال: ابن اثنين رجل وامرأة، قال: فكم أتى عليك؟ قال: لو أتى علي شيء لقتلني، قال: فكيف أقول؟ قال: تقول: كم مضى من عمرك؟
2- دخل شريك بن الأعور على معاوية، وهو يختال في مشيته، وكان شجاعاً مع دمامة.
فداعبه معاوية قائلاً: ويلك أنت شريك وما لله شريك، وأبوك أعور والصحيح خير من الأعور، وأنت دميم والوسيم خير من الدميم.
فلمَ سوّدك قومك عليهم؟!
فقال شريك: وأنت أيضاً معاوية، وما معاوية إلا كلبة عَوَت فاستعوت فسميت مُعاوية، وأبوك حرب والسلم خير من الحرب، وجدك صخر والسهل خير من الصخر، وإنك ابن أمية، ما أمية إلا أمَة صغرت فسميت أمية.
فبم صرت أمير المؤمنين؟!
فتبسم معاوية غيظا وقال: أقسمت عليك إلا خرجت عني.
فخرج وهو يقول:
أيشتمني معــاويةُ بن حـرب وسيفي قاطع ومعي لساني
وحولي من ذرى يمن ليـوث ضراغمة تهش إلى الطعان
3- أتى أبو موسى المكفوف مؤدب الحسن بن رجاء نخاساً فقال له: أطلب لي حماراً ليس بالصغير المحتقر ولا بالكبير المشتهر، إن خلا الطريق تدفق، وإن كثر الزحام ترفق، لا يصدم بي السواري، ولا يدخلني تحت البواري، إن أكثرت علفه شكر، وأن أقللته صبر، إن حركته هام، وإن ركبه غيري نام، فقال النخاس: يا عبد الله اصبر قليلا، فإن مُسخ القاضي حماراً أصبت حاجتك.
4-وشى واش إلى الإسكندر برجل، فقال: أتحب أن نقبل منك ما قلت فيه على أن نقبل منه ما قال فيك، قال: لا، قال: فكف عن الشر يكف عنك.