يونس بن عبد الرحمن القمي

يونس بن عبد الرحمن مولى علي بن يقطين كان من الثقات ومِن أصحاب الإمامين موسى بن جعفر وعلي بن موسى الرضا (عليهما السلام)، وكان عالماً جليلاً مؤمناً كاملاً موحداً عظيم القْدر، ولقد أدرك يونس كلاً مِن الإمام الباقر والصادق والكاظم والرضا (عليهم السلام)، إلا أنّه لم يرو إلاّ عن الكاظم والرضا (عليهم السلام)، وعندما كان يُذكر يونس عند الأئمة(عليهم السلام) فإنهم يذكرونه بالتبجيل والتقدير ويترحمون عليه ويعظّمون شأنه، وفي ذلك دلالة قوية على علوّ منزلته وشموخ مقامه. فمثلا يذكرُ العلاّمة المامقاني في خبر داود بن القاسم قال: قلتُ لأبي جعفر (عليه السلام): (ما تقول في يونس؟ فقال: «رحمهُ الله فإنّه كان على ما نحب») تنقيح المقال: ص 340، وعن عبد العزيز المهتدي قال: كتبتُ إلى أبي جعفر (عليه السلام):(ما تقول في يونس بن عبد الرحمن؟ فكتبَ إليّ بخطه: أحبّه وأترحم عليه وإن كان يُخالف أهل بلدك)، وأيضا رُوي مسنداً عن الكشي عن الحسن بن علي بن يقطين أنّه قال: سألتُ الإمام الرضا (عليه السلام) فقلتُ: (جُعلتُ فداك إنّي لا أكاد أصل إليكَ أسألك عن كل ما أحتاجُ إليه من معالم ديني أفيونس بن عبد الرحمن ثقة أخذ عنّه ما أحتاج إليه من معالم ديني؟ فقال: نعم)، ولكن وللأسف الشديد ومع كل هذا المدح والتوثيق من أئمتنا (عليهم السلام) وعلماؤنا رضوان الله تعالى عليهم في حق يونس بن عبد الرحمن، نجد أن هناك بعض الروايات التي تذم يونس بن عبد الرحمن ذكرها بعض علماء أهل السنة، وبعض الشيعة أيضا.

  ومن الممكن أن نحدد بعض الأسباب التي دعت البعض للطعن في يونس بن عبد الرحمن وذمّه، ومنها:

 أولاً: أنّ من الذامّين من لا يستطيع أن يذم أو يعيب على أئمة أهل البيت (عليهم السلام) فحاول ذمّ أتباعهم والمقربين منهم، وهو تعريض واضح كما لا يخفى على أهل العلم والعقل.

ثانياً: أنّ ذمّ بعض علماء أهل السنة لرجال الشيعة لاسيمّا المقربين من الأئمة (عليهم السلام) كان يوفر للمخالفين فرصة كبيرة للتقرب إلى الخلفاء والملوك.

ثالثاً: إنّ عدم الفهم الصحيح والإدراك التام لدى المخالفين كان أحد أسباب اتهام يونس وأمثاله، فإنّ المرء عدوّ ما جهل، فجهلهم بما يقوله يونس كان سبباً لاتهامه.

رابعاً: وقوف يونس ضدّ الواقفيّة ومخالفته لهم هو سبب أيضاً دفع الواقفية للهجوم عليه، وتسقيطه والحطّ من شأنه وذلك عبر الاتهامات والافتراءات عليه

فيونس من كبار العلماء وهو مؤمن شيعي إثنا عشري إمامي، ولقد مدحه الأئمة الأطهار (عليهم السلام) وثقه علماء الشيعة، فذنبه الوحيد الذي حاربته الواقفية من أجل أنّه إثنا عشري، وحاربه بعض علماء أهل السنّة لأنّه شيعي إمامي، وهذا أوضح دليل على الاستبداد والاضطهاد الفكري مع شديد الأسف.

المصدر: مجلة اليقين العدد (13)، الصفحة (7).