لا تظلم أحداً

يحكى أن رجلاً قال رأيت رجلاً مقطوع اليد من الكتف وهو ينادي من رآني فلا يظلمن أحداً، فتقدمت إليه فقلت له: يا أخي ما قصتك...؟! ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

قال: قصة عجيبة وذلك أني كنت من أعوان الظلمة، فرأيت يوماً صياداً وقد إصطاد سمكة كبيرة فأعجبتني فجئت إليه فقلت: أعطني هذه السمكة.

فقال: لن أعطيك أنا آخذ بثمنها قوتاً لعيالي، فضربته وأخذتها منه قهراً ومضيت بها، فبينما أنا أمشي بها عضت على إبهامي عضةً قوية فلما جئت بها إلى بيتي وألقيتها من يدي ضربت على إبهامي وآلمتني ألماً شديداً حتى أني لم أنم من شدة الوجع والألم، وورمت يدي فلما أصبحت أتيت الطبيب وشكوت إليه الألم.

فقال الطبيب: هذه بدء الآكلة إقطعها وإلا نقطع يديك فقطعت إبهامي، ثم ضربت على يدي فلم أطق النوم ولا الفرار من شدة الألم، فقيل لي إقطع كفك فقطعته وأنتشر الألم إلى الساعد وآلمني ألماً شديداً ولم أطق الفرار وجعلت أستغيث من شدة الألم.

فقيل لي إقطعها إلى المرفق فقطعتها فأنتشر الألم ثم قطعتها من كتفي.

فقال لي الناس ما سبب ألمك فذكرت لهم صاحب السمك فقال لي أحدهم: لو كنت رجعت في أول ما أصابك الألم إلى صاحب السمكة وأستحللت منه وأرضيته لما قطعت من أعضائك عضواً، فاذهب الآن إليه وأطلب رضاه قبل أن يصل الألم إلى بدنك.

قال: فلم أزل أطلبه في البلد حتى وجدته فوقعت على رجليه أقبلها وأبكي وقلت له: يا سيدي سألتك بالله إلى ما عفوت عني.

فقال لي: ومن أنت...؟

قلت: أنا الذي أخذت منك السمكة غصباً وذكرت ما جرى وأريته يدي فبكى حين رآها.

ثم قال: يا أخي قد أحللتك منها لما قد رأيته بك من هذا البلاء.

فقلت: يا سيدي بالله هل كنت قد دعوت علي لما أخذتها...؟!

قال: نعم قلت اللهم إن هذا قد تقوى علي بقوته على ضعفي على ما رزقتني ظلماً فأرني قدرتك فيه.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏       ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

فقلت: يا سيدي قد أراك الله قدرته في وأنا تائب إلى الله عز وجل عما كنت عليه من خدمة الظلمة ولاعدت أقف لهم على باب ولا أكون من أعوانهم مادمت حياً إن شاء الله.

المصدر: مجلة بيوت المتقين، العدد (38)، صفحة (26)