تشتهر عند المسلمين بعض الأقوال التي تنسب إلى النبي (صلى الله عليه وآله) أو الأئمة (عليهم السلام)، والتي تتعلق أحياناً بجانب عقائدي، أو فقهي، أو اجتماعي، وتتسالم عليها الناس، وتبني عليها الأفكار، والأسئلة، والمناقشات، وقد لا تكون تلك النسبة صحيحة، وليس للكلام أي اعتبار حقيقي.
من هذه الأحاديث ما يتعلّق بإمامنا المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) حيث تحدثت بعض المقالات والبحوث عن قول النبي (صلى الله عليه وآله) في الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف): «لو لم يبقَ من الدنيا إلا يوم لطوَّل الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي».
هذا الكلام المنسوب للنبي (صلى الله عليه وآله) يتولّد منه تساؤل يحتاج الى بيان وهو: إن اسم والد النبي(صلى الله عليه وآله) هو عبد الله، واسم والد الإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف) الحسن، فكيف يقول النبي(صلى الله عليه وآله): «يواطئ اسم أبيه اسم أبي»؟
وبعد متابعة هذه الرواية ثبت لنا عدة أمور نافعة في الجواب عن السؤال المزبور:
أولاً: هذه الرواية لم ترد من طرق الشيعة، بل ذكرت في مصادر غيرهم، لا يصحّ الاحتجاج على الشيعة بروايات رواها غيرهم، حيث أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده: ج4، ص106، والحاكم النيسابوري في المستدرك: ج4، ص488، وعلّق الذهبي عليها بأنها رواية صحيحة.
وهؤلاء من غير الشيعة كما هو واضح، نعم رواية كتب الشيعة خالية من عبارة (يواطئ اسم أبيه اسم أبي) التي هي محل السؤال، لاحظ ما نقل عن الإمام الصادق(عليه السلام): قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «القائم من ولدي اسمه إسمي، و كنيته كنيتي، و شمائله شمائلي، و سنته سنتي، يُقيم الناس على ملتي و شريعتي، ويدعوهم إلى كتاب ربي عز و جل، من أطاعه فقد أطاعني، ومن عصاه فقد عصاني، و من أنكره في غيبته فقد أنكرني، ومن كذّبه فقد كذّبني، ومن صدقه فقد صدقني، إلى الله أشكو المكذبين لي في أمره، والجاحدين لقولي في شأنه، و المظلين لأمتي عن طريقته، و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون»[1].
ثانياً: فضلاً عن أنه نقل بعض الأعلام - من غير الشيعة - الرواية من غير عبارة (يواطئ اسم أبيه اسم أبي) منهم أحمد بن حنبل في مسنده حديث، رقم (4279) بلسان: «لا تنقضي الأيام، ولا يذهب الدهر، حتى يملك العربَ رجلٌ من أهل بيتي؛ يواطئ اسمه اسمي» وبنفس اللسان نقلها الترمذي في صحيحه حديث رقم (2230) وقال عنه حسن صحيح.
والخلاصة: أن هذا السؤال لا داعي له؛ لأنه فرع ثبوت نص الرواية، ولم يثبت حتى عند غير الشيعة كما قدمنا، فنحكم عليها أنها من الموضوعات.
وربما يقوّي احتمال وضع هذه الزيادة: أن المهدية اُدّعِيتْ في مطلع القرن الثاني لاثنين اسم كل منهما محمد واسم أبيه عبد الله، وهما محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى، ومحمد بن عبد الله المنصور المعروف بالمهدي العباسي، وقد حرص أنصار كل منهما على أن يطبقوا أحاديث المهدي الموعود على صاحبهم، ولكن مغامرة ادعاء المهدية سرعان ما تنكشف، عندما لا يستطيع مدعيها، أو المدعاة له، أن يعمم الإسلام على العالم، ويملأ الأرض عدلاً، أو يعطي المال حثياً بغير عد.
إلى آخر صفات المهدي الموعود (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فمن المرجح أن تكون هذه الزيادة في الحديث لمصلحة أحدهما.
المصدر: مجلة اليقين العدد (30)