الطاوية

الطاويّةُ (Taoism) هي إِحدى الديانات القديمة الكبرى التي عرفتها بلاد الصين بعد الديانة الكونفشيوسية، والتي نشأت في القرن السادس أَو الرابع قبل الميلاد كما يعتقد، وما زالت قائمة إِلى يومنا هذا.

وتقوم فكرة هذه الديانة على أَساس العودة إِلى الحياة الطبيعية وإِلى أَسبابها، رافضين الحضارة والمدنية بكل أَشكالها، لأَنها -باعتقادهم- أَفسدت فطرة الإِنسان الذي وُلِدَ خَيِّراً، فمثلهم الأَعلى في ذلك هو في العودة إِلى النظام الطبيعي المتميز بنقاء الفطرة وسلامتها.

وعلى أَساس اهتمامهم بالطبيعة فقد اهتم أَتباع الطاويّة بعلوم الكيمياء والطب والفيزياء، حيث يؤمنون بالطاقة البشرية وتأثيرها، ويولونها اهتماماً كبيراً، وخاصّة بالرياضات الروحية الجسدية، مثل: (اليوغا)، والتي من خلالها يرتقي الإِنسان إِلى مرحلة الخلود كما يزعمون.

لكن ومع ذلك كله تبقى تعاليم الطاوية ومعتقداتهم غير واضحة المعالم والمفاهيم، والسبب يعود في ذلك إِلى:

1- أَن الطاويّة المتبلورة اليوم هي عبارة عن تشكُّلاتٍ من المفاهيم والعقائد عبر مراحل مطولة من الزمان.

2- أَن كثيراً من التعاليم الطاويّة محاطة بالغموض، ويحرص أتباعها على السرية التامة، حيث لا تُفشى أَسرارها إِلا لخواص الأَتباع.

النُّشوءُ والتَّأْسيسُ:

رغم وجود جدل واسع حول بداية ظهور الطّاويّة، وحول شخصية مؤسسها، إِلا أَنّ جُلَّ الباحثين يُرجعونها إِلى الفيلسوف الصيني لوتس (Laotse) الذي كان ميلاده عام (507 أَو 604) ق.م هو صاحب مذهب الطاويّة، وقد وضع كتابه (طاو – تي – تشينغ)، (Tao – te – ching)، أي: كتاب طريق القوة، وهو الكتاب الذي تعتمد عليه الطاويّة بشكل رئيسي، والذي يُعتبر رموزاً غامضة لا يمكن أَن تُفهم إِلا على ضوء الشروح الموضِّحة.

ولقد اختلفت النظرة إلى مؤسس الطاويّة (لوتس) بحسب اختلاف أَتباعه، فمنهم من يراه ساحراً عظيماً، ومنهم من يراه (وهم النخبة وسكنة البلاط الإمبراطوري) من يراه الإمبراطور الخارق للطبيعة، والذي يدير الكون ويجلب السلام للإمبراطورية الصينية.

ومن الجدير بالذكر: أَنَّ الطاويّة بقيت فترة طويلة كفلسفة تؤثر في الفكر الصيني، دون أَي علاقة لها بالدين والمعتقدات الدينية، إِلى أَن زعم (شانغ طاو لينغ) -وهو المؤسس الثاني بعد لوتس كما يعتقد- سنة (142م)أَنه قد جاءه الوحي من الرَّب تعالى بأَن يتحمل إِصلاح تبعات الدين الطاوي، وأَنه قد ارتقى، وسُمّي بـ(المعلم السَّماوي)، وقاد ذلك التنظيم، وأَصبح له سلالةٌ عُرِفوا بالمعلّمين السَّماويين، ومن هذا الوقت تحولت الطّاوية من مجرد فكر فلسفي إِلى ديانة لها أَتباع في مناطق مختلفة من العالم كالصين وتايوان وسنغافورة وبانكوك واليابان.

الأفكار والمعتقدات الطاوية:

يعتقد أَتباع الطاويّة بما يلي:

1-   أن كل ما في الوجود هو (الطاو)، فهو أصل كل الأشياء، وإِليه مردُّ كل الأَشياء، وأَنَّ كل ما في الكون تمثيل لـ (لطاو) في ثنائية (الين واليانج)، وكل ما في الكون يسعى للموازنة بين قوتي (الين واليانج)، حتى يتحقق التناغم مع (الطاو) الذي هو أصل الكون، وانبثقت عنه جميع الموجودات، ويعتقدون أَنه يشمل طاقة كونية حيوية اختلف اسمها من لغة إِلى لغة، ومن بلد إِلى بلد، ومن تطبيق إِلى تطبيق كالصحة والرياضة والتغذية.

2-   يؤمن الطاويّون بوحدة الخالق والمخلوق، وأَنهما شيءٌ واحدٌ، لا تنفصل أَجزاؤهُ، وإِلا لاقى الفناءَ.

3-   إِنَّ الخالقَ حالٌّ في كُلِّ الموجودات، ولا يستطيع أَن يتصرفَ إِلا بِحلولهِ في الأَشياء.

4-   ليس لديهم بعث ولا حساب، إنما يكافأ المحسن بالصحة وبطول العمر، بينما يجازى المسيء بالمرض وبالموت المبكر.

5-   اهتم الطاويون بطول العمر، ويعتبر التقدم في السن دليلاً على القداسة، حتّى صار من أهداف التصوّف الطاوي السعي لإِطالة العمر والخلود، وقد ذهب بعضهم إِلى ادّعاء إِمكانية إِطالة العمر مئات السنين.

 

المصادر:

كتاب (أديان العالم) حبيب سعد، وكتاب (الديانات والعقائد في مختلف العصور) أحمد عبد الغفور عطار، وكتاب الملل والنحل: ج2، للشهرستاني.

 

المصدر: مجلة اليقين العدد (27)