الرجعة والتناسخ

يروى أن الحسن بن الجهم حضر مجلساً للمأمون (لعنه الله) يوماً، وعنده الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام)، وفي ذات الوقت اجتمع عنده الفقهاء وأهل الكلام من الفرق والنحل المختلفة.

فسأل المأمون الإمام(عليه السلام): يا أبا الحسن ما تقول في الرجعة؟

فقال الإمام الرضا(عليه السلام): إنها لحق كانت في الأمم السالفة، ونطق بها القرآن كما في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ الله مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ)[1]، كما يدل على وقوع الرجعة مستقبلا قوله تعالى: (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ)[2]، وقد قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): يكون في هذه الأمة كل ما كان في الأمم السالفة حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة[3].

قال(عليه السلام): إذا خرج المهدي من ولدي نزل عيسى بن مريم(عليه السلام) فصلى خلفه، وقال(صلى الله عليه وآله): إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريباً، فطوبى للغرباء، قيل: يا رسول الله ثم يكون ماذا؟ قال: ثم يرجع الحق إلى أهله.

فقال المأمون أيضا: يا أبا الحسن فما تقول في القائلين بالتناسخ؟

فأجابه الإمام الرضا(عليه السلام): من قال بالتناسخ فهو كافر بالله العظيم مكذب بالجنة والنار[4].

فقال المأمون: ما تقول في المسوخ؟

قال الإمام الرضا(عليه السلام): إن أولئك قوم غضب الله عليهم فمسخهم فعاشوا ثلاثة أيام ثم ماتوا ولم يتناسلوا، فما يوجد في الدنيا من القردة والخنازير وغير ذلك مما وقع عليهم اسم المسوخية فهو مثل ما لا يحل أكلها والانتفاع بها.

قال المأمون: لا أبقاني الله بعدك يا أبا الحسن فو الله ما يوجد العلم الصحيح إلا عند أهل البيت وإليك انتهت علوم آبائك فجزاك الله عن الإسلام وأهله خيراً.

فقال الحسن بن الجهم: فلما قام الإمام الرضا(عليه السلام) تبعته فانصرف إلى منزله فدخلت عليه وقلت له: يا بن رسول الله؛ الحمد لله الذي وهب لك من جميل رأي أمير المؤمنين ما حمله على ما أرى من إكرامه لك وقبوله لقولك.

فقال الإمام الرضا(عليه السلام): يا بن الجهم لا يغرنّك ما ألفيته عليه من إكرامي والاستماع مني، فإنه سيقتلني بالسم، وهو ظالم لي، إني أعرف ذلك بعهد معهود إليّ من آبائي عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) فاكتم هذا ما دمت حياً.

فقال الحسن بن الجهم: فما حدثت أحداً بهذا الحديث إلى أن مضى(عليه السلام) بطوس مقتولاً بالسم ودفن في دار حميد بن قحطبة الطائي في القبة التي فيها قبر هارون الرشيد إلى جانبه[5].

مجلة اليقين، العدد (63)، الصفحة (8 - 9).

 


[1] البقرة: 243.

[2] النمل: 83.

[3] كمال الدين وتمام النعمة للصدوق: ج 2 ص 576.

[4] بحار الأنوار للمجلسي: ج 4 ص 320.

[5] عيون أخبار الرضا(عليه السلام) للصدوق: ج 1 ص 216 – 218، مناظرات في العقائد والأحكام، الشيخ عبد الله الحسن: ج1، ص407.