التربية الصالحة تُخرّج العلماء

كان والد الشيخ محمد تقي المجلسي بياع حنطة، أراد أن يسافر لمدة قد تطول...

فجاء بولديه (محمد تقي ومحمد صادق) إلى العالم الكبير الشيخ عبد الله التستري، وطلب منه أن يدرسهما العلوم الإسلامية وأوصاه بولده محمد تقي، فهو أكثر ذكاء ورغبة في طلب العلم، مرت الأيام حتى دخل يوم العيد، فأعطى الأستاذ لتلميذه محمد تقي ثلاث توامين (عيدية)، وقال له: اصرف هذه في حاجاتك الضرورية، امتنع الصبي من أخذ هذا المبلغ، وقال: إنني لا آخذ شيئاً من دون إذن والدتي، عليَ أن أستأذنها أولا.

عاد إلى البيت وأخبرها بالموضوع، فقالت له أمه: يا ولدي، لقد ترك أبوكما حنطة في الدكان، وقد قسمتها لسد حاجاتكما، وإذا أخذت العيدية من الشيخ فسوف تتعود على طلب المال من الآخرين، أو تتوقع منهم أن يعطوك دائماً وهذا الأمر لا يليق بنا.

وفي يوم الثاني دخل محمد تقي على أستاذه، وأخبره بما قالته أمه، فرفع الشيخ يديه بالدعاء لهذا الصبي، أن يوفقه الله للعلم النافع والعمل الصالح وطول العمر.

ولقد أستجاب الله تعالى هذا الدعاء، فأصبح هذا الصبي فيما بعد أحد كبار علماء الإسلام، كما أصبح له ولد أيضا عظيم الشأن رفيع المنزلة، هو العلامة الكبير الشيخ محمد باقر المجلسي صاحب الموسوعة الإسلامية الشهيرة (بحار الأنوار) التي طبعت حديثا في أكثر من مائة وعشرة مجلدات، وله غيرها من المؤلفات التي خدم بها الفكر الإسلامي، ذلك من نتاج التربية الصالحة[1].

 


[1] الفوائد الرضوية : قصص وخواطر للمهتدي.