زكاة الفطرة

كتاب الزكاة » زكاة الفطرة

 

فصل شروط وجوب الفطرة وجملة‌ من أحكامها


ويشترط في وجوبها: البلوغ، والعقل، وعدم الإغماء، والغنى، والحرّيّة - على تفصيل مذكور في محلّه - فلا تجب على الصبيّ والمملوك والمجنون والمغمى عليه والفقير، وهو الذي لا يملك قوت سنة فعلاً ولا قوّةً كما تقدّم في زكاة الأموال.
والمشهور بين الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم) أنّه يعتبر في وجوبها اجتماع الشروط المذكورة آناً ما قبل الغروب ليلة العيد إلى أن يتحقّق الغروب، فإذا فقد بعضها قبل الغروب بلحظة أو مقارناً للغروب لم‏ تجب، وكذا إذا كانت مفقودة فاجتمعت بعد الغروب، ولكن الأحوط وجوباً إخراجها فيما إذا تحقّقت الشروط مقارنة للغروب بل بعده أيضاً ما دام وقتها باقياً.
مسألة 1171: يستحبّ للفقير إخراج زكاة الفطرة عن نفسه وعمّن يعوله، وإذا لم يكن عنده إلّا صاع واحد تصدّق به على بعض عياله، ثُمَّ هو يتصدّق به على آخر منهم وهكذا يديرونها بينهم، والأحوط استحباباً عند انتهاء الدور التصدّق على الأجنبيّ، كما أنّ الأحوط استحباباً إذا كان فيهم صغير أو مجنون أن يأخذه الوليّ لنفسه ويؤدّي عنه.
مسألة 1172: لا يشترط في وجوب زكاة الفطرة الإسلام، فتجب على الكافر ولكنّه إذا أسلم بعد الليل سقطت الزكاة عنه، ولا تسقط عن المخالف إذا اختار مذهبنا بعد الهلال.
مسألة 1173: يجب في أداء زكاة الفطرة قصد القربة على النحو المعتبر في زكاة المال وقد مرّ في المسألة (1163).
مسألة 1174: يجب على المكلّف - المستجمع للشروط المتقدّمة - أن يخرج زكاة الفطرة عن نفسه وعن كلّ من يعول به، واجب النفقة كان أم غيره، قريباً أم بعيداً، مسلماً أم كافراً، صغيراً أم كبيراً.
وأمّا الضيف فإن لم‏ يعدّ عرفاً ممّن يعوله مضيفه ولو موقّتاً - كما إذا دعا شخصاً إلى الإفطار عنده ليلة العيد - لم ‏تجب فطرته على المضيف، وأمّا إذا عدّ كذلك فتجب عليه فطرته فيما إذا نزل عليه قبل الهلال وبقي عنده ليلة العيد وإن لم‏ يأكل عنده، وكذلك فيما إذا نزل بعده على الأحوط لزوماً.
مسألة 1175: إذا بذل لغيره مالاً يفي بنفقته لم‏ يكف ذلك في صدق كونه من عياله فيعتبر في صدق (العيلولة) نوع من التبعيّة، بمعنى كونه تحت كفالته في معيشته ولو في مدّة قصيرة.
مسألة 1176: مَنْ وجبت فطرته على غيره سقطت عنه، إلّا إذا لم‏ يخرجها من وجبت عليه عصياناً أو نسياناً، فإنّه يجب على الأحوط أداؤها على نفسه إذا كان مستجمعاً للشروط المتقدّمة.
وإذا كان المعيل فقيراً وجبت الفطرة على العيال إذا اجتمعت فيهم شروط الوجوب، ولو أدّاها عنهم المعيل الفقير لم‏ تسقط عنهم ولزمهم إخراجها على الأحوط لزوماً.
مسألة 1177: إذا ولد له ولد بعد الغروب لم ‏تجب عليه فطرته، وأمّا إذا ولد قبل الغروب أو تزوّج امرأة فإن عُدّا عيالاً له وجبت عليه فطرتهما، وإلّا فعلى من عال بهما، وإذا لم‏ يعل بهما أحد وجبت فطرة الزوجة على نفسها إذا استجمعت الشروط المتقدّمة، ولم ‏تجب فطرة المولود.
مسألة 1178: إذا كان شخص عيالاً لاثنين وجبت فطرته عليهما على نحو التوزيع، ومع فقر أحدهما تسقط عنه - والأحوط لزوماً عدم سقوط حصّة الآخر - ومع فقرهما تسقط عنهما، فتجب على العيال إن استجمعت الشروط المتقدّمة.

فصل جنس زكاة الفطرة ومقدارها


مسألة 1179: الضابط في جنس زكاة الفطرة أن يكون قوتاً شائعاً لأهل البلد، يتعارف عندهم التغذّي به وإن لم ‏يقتصروا عليه، سواء أكان من الأجناس الأربعة (الحنطة والشعير والتمر والزبيب) أم من غيرها كالأرز والذُّرة، وأمّا ما لا يكون كذلك فالأحوط لزوماً عدم إخراج الفطرة منه وإن كان من الأجناس الأربعة، كما أنّ الأحوط لزوماً أن لا تخرج الفطرة من القسم المعيب، ويجزئ دفع القيمة من النقود بدلاً عن الأجناس المذكورة، والمدار على قيمة وقت الأداء لا الوجوب، وبلد الإخراج لا بلد المكلّف.
مسألة 1180: مقدار زكاة الفطرة (صاع) وهو أربعة أمداد ويكفي فيها إخراج ثلاث كيلو غرامات.
ولا يجزئ ما دون الصاع من الجيّد وإن كانت قيمته تساوي قيمة صاع من غير الجيّد، كما لا يجزىٔ الصاع الملفّق من جنسين، ولا يشترط اتّحاد ما يخرجه عن نفسه مع ما يخرجه عن عياله، ولا اتّحاد ما يخرجه عن بعضهم مع ما يخرجه عن البعض الآخر .

فصل وقت وجوب زكاة الفطرة


تجب زكاة الفطرة بدخول ليلة العيد على المشهور بين الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم)، ويجوز تأخيرها إلى زوال الشمس يوم العيد لمن لم ‏يصلِّ صلاة العيد، والأحوط لزوماً عدم تأخيرها عن صلاة العيد لمن يصلّيها، وإذا عزلها جاز له التأخير في الدفع إذا كان لانتظار فقير معيّن ونحو ذلك، فإن لم‏ يدفع ولم ‏يعزل حتّى زالت الشمس لم ‏تسقط عنه على الأحوط لزوماً، ولكن يؤدّيها بعدئذٍ بقصد القربة المطلقة من دون نيّة الأداء والقضاء.
مسألة 1181: يجوز تقديم زكاة الفطرة في شهر رمضان، وإن كان الأحوط استحباباً التقديم بعنوان القرض ثُمَّ احتسابه عند دخول وقتها.
مسألة 1182: يجوز عزل الفطرة في مال مخصوص من الأجناس المتقدّمة أو من النقود بقيمتها، ولا يجوز - على الأحوط - عزلها في الأزيد منها بحيث يكون المعزول مشتركاً بينها وبين المكلّف، وهكذا عزلها في مال مشترك بينه وبين غيره وإن كان ماله بقدرها.
مسألة 1183: إذا عزل الفطرة في مال تعيّنت فلا يجوز تبديلها إلّا بإذن الحاكم الشرعيّ، وإن أخّر دفعها ضمنها إذا تلفت مع إمكان الدفع إلى المستحقّ على ما مرّ في زكاة المال.
مسألة 1184: يجوز نقل زكاة الفطرة إلى الإمام (علىه السلام) أو نائبه وإن كان في البلد من يستحقّها، والأحوط لزوماً عدم النقل إلى غيرهما خارج البلد مع وجود المستحقّ فيه، نعم إذا سافر عن بلد التكليف إلى غيره جاز دفعها في البلد الآخر .

فصل مصرف زكاة الفطرة


الأحوط لزوماً اختصاص مصرف زكاة الفطرة بالفقراء والمساكين مع استجماع الشروط المتقدّمة في زكاة المال.
وإذا لم يكن في البلد من يستحقّها من المؤمنين جاز دفعها إلى غيرهم من المسلمين ولا يجوز إعطاؤها للناصب.
مسألة 1185: تحرم فطرة غير الهاشميّ على الهاشميّ، وتحلّ فطرة الهاشميّ على الهاشميّ وغيره، والعبرة على المعيل دون العيال، فلو كان العيال هاشميّاً دون المعيل لم‏ تحلّ فطرته على الهاشميّ، وإذا كان المعيل هاشميّاً والعيال غير هاشميّ حلّت فطرته على الهاشميّ.
مسألة 1186: يجوز للمالك دفع فطرته إلى الفقراء بنفسه، والأحوط استحباباً والأفضل دفعها إلى الفقيه.
والأحوط استحباباً أن لا يدفع للفقير أقلّ من صاع إلّا إذا اجتمع جماعة لا تسعهم، ويجوز أن يعطي الواحد أصواعاً.
مسألة 1187: يستحبّ تقديم الأرحام والجيران على سائر الفقراء، وينبغي الترجيح بالعلم والدين والفضل.
والله سبحانه أعلم والحمد لله ربّ العالمين