المقدمة

لما كانت الحياة الدنيا مزرعة الآخرة والناس إنما يتنافسون فيها بقدر جهدهم وجهادهم، لذا قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، ومن الواضح أنه لا يختلف الحال في ذلك بين المرأة والرجل، هذا حال العمل الأخروي، وكذلك جرت سنة الله في الحياة الدنيا أن الله لا يضيع عمل عامل من ذكر أو أنثى، فنجد النجاح حليف العاملين المجدين، ويورثهم ذكرا عطرا في الدنيا ومثوبة في الآخرة إن قصدوا به وجه الله تعالى، وعلى هذا الأساس يمكن للمرأة أن تتفوق على الرجل في ميادين المعرفة والعمل والتقوى والجهاد وغير ذلك، فتصل إلى ما يعجز الرجل عن الوصول إليه، ولذلك أمثلة كثيرة كمريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم، والسيدة خديجة الكبرى، والصديقة فاطمة الزهراء (عليهن السلام)، ومن هذه النساء أيضا السيدة الجليلة أم البنين (عليها السلام) ، حيث يظهر ذلك جليّا من خلال مواقفها العظيمة مع أهل البيت (عليهم السلام)، وسيرتها العطرة التي تستحق أن تُكتب بماء الذهب وتُرصّع باللؤلؤ والمرجان، لتكون دستوراً تسير عليه النساء والرجال على حدٍ سواء، وليس ذلك إلا لأنها تاجرت مع الله تعالى في الحياة ففازت برضوانه وقربه، ومحبة أوليائه الطاهرين محمد وآله (عليهم السلام).