هل الخوارج مَن قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) أو كان هناك طرف آخر اشترك في هذه الجريمة؟
الجواب: المعروف والمتداول بين الكثير هو أنّ الخوارج هم الذين قاموا بتلك الجريمة العظمى بعد اجتماع ثلّة منهم في مكة وتعاهدهم على القيام بعدّة أمور، منها قتل أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) على يد ابن ملجم المرادي (لع)، فقفل مسرعاً إلى الكوفة لتنفيذ هذا الأمر، علاوةً على طلب قطام منه أيضاً كمهر لها قتل الإمام علي (عليه السلام)، وبعد أيّام من وصوله الكوفة قام بتلك الجريمة الشنيعة.
ولكن هناك أمر قد خفي عن بعضٍ وهو لم تكن مؤامرة قتل الإمام (عليه السلام) مقتصرة على الخوارج فحسب، بل إنّ بني أُميّة كان لهم الأثر الفاعل في التخطيط والتمويل والتأسيس لهذه الرزية، التي أُصيب بها الإسلام، واستفاد منها أهل النفاق والكفر، بدليل أنّ أبا الأسود الدؤلي صاحب أمير المؤمنين (عليه السلام) ألقى تبعة مقتل الإمام (عليه السلام) على بني أُميّة؛ وذلك في مقطوعته التي رثى بها الإمام (عليه السلام) التي جاء فيها:
أَلا أبلغ معاويـة بـن حـرب فلا قـرّت عيــون الشامتـينا
أفي شــهر الصــــلاة فجعـــتمونا بخيـــر النـــاس طــــرا أجمعـــينا
قتلتم خير مَن ركب المطايا ورحلها ومَن ركب السـفينا
ومعنى هذه الأبيات أنّ معاوية هو الذي فجع المسلمين بقتل الإمام (عليه السلام) الذي هو خير الناس، فهو مسؤول عن إراقة دمه، ومن الطبيعي أنّ أبا الأسود لم ينسب هذه الجريمة لمعاوية إلّا بعد التأكد منها، فقد كان الرجل متحرجاً أشدّ التحرّج فيما يقوله.
والذي يدعو إلى الاطمئنان في أنّ الحزب الأموي كان له الضلع الكبير في هذه المؤامرة هو أنّ ابن ملجم لم تكن عنده أية سعة مالية، فمن أين له الأموال التي اشترى بها سيفه الذي اغتال به الإمام (عليه السلام) بألف وسمه بألف؟ ومن أين له الأموال التي أعطاها مهراً لقطام وهو ثلاثة آلاف وعبد وقينة؟ كلّ ذلك يدعو إلى الظن أنّه تلقى دعماً مالياً من الأمويين إزاء قيامه باغتيال الإمام (عليه السلام)[1].
مجلة اليقين العدد (62)
[1] ينظر: حياة الإمام الحسين(عليه السلام)، باقر القرشي: ج2، ص103 ـ 109.