حذيفة بن اليمان بن جابر العبسي

ولادته: لم نعثر على تاريخ ولادته.

جوانب من حياته:

كان حذيفة من وجهاء الصحابة وأعيانهم، وكان من نجباء وكبار أصحاب رسول ‏الله (صلى الله عليه وآله)، وصاحب سر النبي(صلى الله عليه وآله)، وأعلم الناس بالمنافقين.

لم يشهد بدراً، وشهد أُحُداً وما بعدها من المشاهد، وكان أحد الذين ثبتوا على العقيدة بعد وفاة رسول ‏الله (صلى الله عليه وآله).

عن خالد بن خالد اليشكري، قال: خرجت سنة فتح (تستر) حتى قدمت الكوفة، فدخلت المسجد، فإذا أنا بحلقة فيها رجل جهم من الرجال فقلت: من هذا؟ فقال القوم: أما تعرفه؟ قلت: لا. قالوا: هذا حذيفة بن اليمان صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله). قال: فقعدت إليه فحدث القوم، فقال: إن الناس كانوا يسألون رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الخير، وكنت أساله عن الشر، فأنكر ذلك القوم عليه، فقال: سأحدثكم بما أنكرتم: أنه جاء أمر الاسلام، فجاء أمر ليس كامر الجاهلية، وكنت أعطيت من القرآن فقهاً، وكانوا يجيئون فيسألون النبي (صلى الله عليه وآله) فقلت أنا: يا رسول الله، أيكون بعد هذا الخير شر؟ قال: نعم. قلت: فما العصمة منه. قال: السيف.

قال: قلت: وهل بعد السيف بقية؟ قال: نعم، تكون إمارة على إقذاء وهدنة على دخن.

قال: قلت: ثم ماذا؟ قال: ثم تفشو دعاة الضلالة، فإن رأيت يومئذ خليفة عدل فالزمه، والا فمت عاضاً على جذل شجرة)[1].

ويروى عن حذيفة قوله: أن الناس تفرقوا عن رسول الله ليلة الأحزاب فلم يبق معه إلا اثنا عشر رجلاً، فأتاني رسول الله وأنا جاثٍ من البرد، وقال(صلى الله عليه وآله): (يا ابن اليمان، قم فانطلق إلى عسكر الأحزاب، فانظر إلى حالهم). قلت: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق ما قمت إليك إلا حياءً منك من البرد. قال (صلى الله عليه وآله): (فابرز الحَرَّة وبرد الصبح، انطلق يابن اليمان، ولا بأس عليك من حر ولا برد حتى ترجع إليَّ). فانطلق حذيفة إلى معسكرهم وعرف أخبارهم، ثم أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو قائم يصلي، فلما فرغ من صلاته قال(صلى الله عليه وآله): (ابن اليمان اقعد، ما الخبر؟) قلت: يا رسول الله، تفرق الناس عن أبي سفيان، فلم يبق إلا عصبة توقد النار، قد صبَّ الله عليه من البرد مثل الذي صب علينا، ولكنَّا نرجو من الله ما لا نرجو[2].

ووقف إلى جانب الإمام علي (عليه السلام) بخطىً ثابتة، وكان ممَّن شهد جنازة السيدة فاطمة الزهراء (عليه السلام)، وصلَّى على جثمانها الطاهر.

وليَ المدائن في عهد عمر وعثمان، وكان مريضاً في ابتداء خلافة أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، مع هذا كله لم يُطِق السكوت عن مناقبه وفضائله، فصعد المنبر بجسمه العليل، وأثنى عليه، وذكره بقوله: فو الله إنه لعلى الحق آخراً وأوّلاً، وقوله: إنه لخير من مضى بعد نبيِّكم.

وأخذ له البيعة، وهو نفسه بايعه أيضاً، وأوصى أولاده مؤكِّداً ألا يقصِّروا في اتِّباعه.

وفاته: توفي في المدائن بالعراق سنة (36 هـ)، ودُفن فيها.

مجلة بيوت المتقين العدد (53)


[1] الأمالي للشيخ الطوسي: ص222.

[2] المستدرك للحاكم النيسابوري: ج3، ص31.