تباينت القراءات والدراسات حول موضوعة التكافؤ بين الزوجين، وهل أن الرجل الذي يريد أن يتقدّم لامرأة يجب أن يكون مستواه العلمي أو الاجتماعي أو العمري أو النفسي أو غيرها متكافئاً مع مستوى الزوجة؟
وهذا الموضوع من أهم المواضيع الزوجية ربما، وتختلف فيه الرؤى والأفكار حتى بين الزوجين نفسيهما، فالزوج له رؤية ونظرة خاصة بالزوجة، وهل أنها كفؤة له لا؟ وكذلك الزوجة لها نظرتها ورؤيتها للرجل المتقدم لها -إن لم تكن تعرفه من قبل-، وهل هو بمستواها أم لا؟ وهل هو يلبي طموحها؟ وهل هو الزوج الذي انتظرته سنوات؟ ومن جهة ثالثة فإن لأهل الزوجة رأي ورؤية أيضاً.
وهذه الثلاثية إن تمت وتوافقت فإنها تشكل العتبة الأولى في العبور نحو عالم الزواج، لكن يبقى ما بعد الزواج هو الكاشف عن مدى صلاحية تلك الثلاثية من عدمها، وهل كان اختيار الرجل لزوجته أو بالعكس متوافقاً؟ وهل كان تدخّل أهل الزوجة في اختيار الشريك موفّقاً وحسب مقاييس الكفؤ أم لا؟
فيرى البعض أن التدقيق بتلك المقاييس لا يغني شيئاً؛ لأن التكافؤ بمقدار وكمية التفاهمات بين الزوجين مع عدم تدخل أهل الطرفين في حياة الزوجين هو الكفيل بإنجاح مشروع الزواج.
ويرى البعض الآخر أنه يجب أن تراعى تلك المقاييس، وأن التكافؤ لا يتحقق إلا بمراعة تلك أمور، وهي السبب في السعادة الزوجية.
لكن هناك ثمة مقاييس واقعية طرحها الشارع المقدس، متى ما اهتم بها الرجل والمرأة فإن ضمان السعادة يكون بنسبة كبيرة جداً، والنتائج تكون طيبة، وهذه المقاييس هي الدين والأخلاق، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قَالَ: «قَالَ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وآله) يَوْماً وَنَحْنُ عِنْدَهُ: إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ ودِينَهُ فَزَوِّجُوهُ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ: وَإِنْ كَانَ دَنِيّاً فِي نَسَبِهِ؟ قَالَ: إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِنَّكُمْ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وفَسادٌ كَبِيرٌ»[1]، فإن الرجل المؤمن الخلوق هو الكفؤ المناسب، والمرأة المؤمنة الخلوقة هي المرأة الكفؤة المناسبة؛ لأنهما يعيشان رابطة تراحمية إلهية واقعية، قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً)[2].
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (67)