السيد الحميري (رضي الله عنه)

مثل الشعر نافذة للمعرفة وإظهاراً لمشاعر وعقائد الأفراد والقبائل، وكان له أهمية بالغة في إثبات الحقيقة وإظهارها، وممن كان سيداً في هذا الميدان هو السيد إسماعيل الحِمْيَري، والذي يعدّ من أشهر شعراء الشيعة ولسانهم الناطق باسم المذهب الجعفري[1].

السيد الحميري شاعر مكثر بأشعاره، فقد بلغت أشعاره من الكثرة درجة لم يتمكن أحد إلى الآن من جمعها وتصنيفها، فقصائده في الهاشميات تبلغ 2300 قصيدة.

وقيل له: كيف تشيّعتَ وأنت تنتمي إلى الشام ومن قبيلة حمير؟

فقال: صُبّت عليّ الرحمة صبّاً، فكنتُ كمؤمن آل فرعون، حتى قال له الإمام الصادق(عليه السلام): «أنت (سيد الشعراء)»[2].

ولد السيد في إمامة الإمام الباقر (عليه السلام)، وعاش في إمامة الإمام الصادق والكاظم (عليهم السلام).

ويبدو أنّ الإمام الصادق (عليه السلام) قد زاره في الكوفة، وظهر له من فرض طاعته، فترك الكيسانية، واعتنق المذهب الجعفري، وبقي حتى نهاية عمره مدافعاً عنه، وبلغ في تشيّعه مرتبة، كان الإمام الصادق (عليه السلام) عندما يسمع أشعاره يترحّم عليه ثلاث مرات.

ذكر ابن شهر أشوب في كتابه المناقب (ج3، ص370): قال داود الرقي: بلغ السيد الحميري أنه ذُكِر عند الصادق (عليه السلام) فقال: «السيد كافر!» فأتاه وقال: يا سيدي أنا كافر مع شدّة حبي لكم ومعاداتي النّاس فيكم؟ قال (عليه السلام): «وما ينفعك ذاك وأنت كافر بحجّة الدهر والزمان»، ثم أخذ بيده وأدخله بيتاً، فإذا في البيت قبر فصلّى ركعتين، ثم ضرب بيده على القبر، فصار القبر قطعاً، فخرج شخص من قبره ينفض التراب عن رأسه ولحيته، فقال له الصادق(عليه السلام): من أنت؟ قال: أنا محمد بن علي المسمّى بابن الحنفية، فقال: فمن أنا؟ قال: جعفر بن محمّد حجّة الدهر والزّمان؛ فخرج السيد يقول: تجعفرت باسم الله فيمن تجعفرا.

المصدر: مجلة اليقين العدد (57)، الصفحة (11).

 


[1] ينظر: الكشي، الرجال، ص 288 - أعيان الشيعة، الأمين: ج 3، ص 406.

[2] قاموس الرجال، التستري: ج2، ص108.