الخلل في الصلاة

كتاب الصلاة » الخلل في الصلاة

 

المقصد العاشر: الخلل الواقع في الصلاة


من أخلّ بشيء من أجزاء الصلاة وشرائطها عمداً بطلت صلاته ولو كان بحرف أو حركة من القراءة أو الذكر، وكذا من زاد فيها جزءاً عمداً قولاً أو فعلاً، من غير فرق في ذلك كلّه بين الركن وغيره، ولا بين أن يكون ناوياً ذلك في الابتداء أو في الأثناء.
مسألة 836: لا يعتبر في صدق الزيادة قصد الجزئيّة، ولكن لا تتحقّق بضمّ ما ليس مسانخاً لأجزاء الصلاة، نعم قد يوجب البطلان من جهةٍ أُخرى كما إذا كان ماحياً للصورة أو قصد به الجزئيّة تشريعاً على نحو يخلّ بقصد التقرّب.
مسألة 837: من زاد جزءاً سهواً فإن كان ركعة بطلت صلاته، وكذا إذا كان ركوعاً أو سجدتين من ركعة واحدة على الأحوط لزوماً وإلّا لم‏ تبطل.
مسألة 838: من نقص جزءاً سهواً فإن التفت قبل فوات محلّه تداركه وما بعده، وإن كان بعد فوات محلّه فإن كان ركناً بطلت صلاته وإلّا صحّت، وعليه قضاؤه بعد الصلاة إذا كان المنسيّ سجدة واحدة، وكذلك إذا كان المنسيّ تشهّداً على الأحوط الأولى كما سيأتي.
ويتحقّق فوات محلّ الجزء المنسيّ بأُمور :
الأوّل: الدخول في الركن اللاحق، كمن نسي قراءة الحمد أو السورة أو بعضاً منهما، أو الترتيب بينهما، والتفت بعد الوصول إلى حدّ الركوع فإنّه يمضي في صلاته، أمّا إذا التفت قبل الوصول إلى حدّ الركوع فإنّه يرجع ويتدارك الجزء وما بعده على الترتيب، وإن كان المنسيّ ركناً فإن كان تكبيرة الإحرام بطلت صلاته مطلقاً، وكذا إذا كان ركوعاً أو سجدتين من ركعة واحدة على الأحوط لزوماً، فمن نسي السجدتين حتّى ركع أعاد صلاته ولا يمكنه تداركهما على الأحوط لزوماً.
وإذا التفت قبل الوصول إلى حدّ الركوع تداركهما وصحّت صلاته، وإذا نسي سجدة واحدة أو تشهّداً أو بعضه أو الترتيب بينهما حتّى ركع صحّت صلاته ومضى، نعم إذا كان المنسيّ السجدة فعليه قضاؤها بعد الصلاة كما مرّ، وإن ذكر قبل الوصول إلى حدّ الركوع تدارك المنسيّ وما بعده على الترتيب، وتجب عليه في بعض هذه الفروض سجدتا السهو، كما سيأتي تفصيله.
الثاني: الخروج من الصلاة، فمن نسي التشهّد أو بعضه حتّى سلّم صحّت صلاته وعليه سجدتا السهو إذا كان المنسيّ تمامه، ومن نسي السجدتين حتّى سلّم وأتى بما ينافي الصلاة عمداً وسهواً بطلت صلاته، وإذا ذكر قبل الإتيان بالمنافي رجع وأتى بهما وتشهّد وسلّم ثُمَّ سجد سجدتي السهو للسلام الزائد على الأحوط لزوماً، وكذلك من نسي إحداهما حتّى سلّم ولم‏ يأتِ بالمنافي فإنّه يرجع ويتدارك السجدة المنسيّة ويتمّ صلاته ويسجد سجدتي السهو على الأحوط لزوماً، وإذا ذكر ذلك بعد الإتيان بالمنافي صحّت صلاته ومضى، وعليه قضاء السجدة وكذا الإتيان بسجدتي السهو على الأحوط الأولى كما سيأتي.
الثالث: الخروج من الفعل الذي يجب فيه فعل ذلك المنسيّ، كمن نسي الذكر أو الطمأنينة في الركوع أو السجود حتّى رفع رأسه فإنّه يمضي، وكذا إذا نسي وضع بعض المساجد الستّة في محلّه، نعم إذا نسي القيام حال القراءة أو التسبيح فالأحوط وجوباً أن يتداركهما قائماً إذا ذكر قبل الركوع.
مسألة 839: من نسي الانتصاب بعد الركوع حتّى سجد أو هوى إلى السجود وتجاوز عن حدّ الركوع مضى في صلاته، والأحوط استحباباً الرجوع إلى القيام ثُمَّ الهويّ إلى السجود إذا كان التذكّر قبل السجود، وإعادة الصلاة إذا كان التذكّر بعده، وأمّا إذا كان التذكّر بعد الدخول في السجدة الثانية فيمضي في صلاته ولا شيء عليه بلا إشكال، وإذا نسي الانتصاب بين السجدتين حتّى هوى إلى الثانية مضى في صلاته، وإذا سجد على المحلّ المرتفع أو المنخفض أو المأكول أو الملبوس أو النجس وذكر بعد الإتىان بالذكر الواجب صحّ سجوده على ما تقدّم في المسألة (647).
مسألة 840: إذا نسي الركوع حتّى دخل في السجدة الثانية أعاد الصلاة على الأحوط لزوماً، وإن ذكر قبل الدخول فيها يجتزئ بتدارك الركوع والإتمام وإن كان الأحوط استحباباً الإعادة أيضاً.
مسألة 841: إذا ترك سجدتين وشكّ في أنّهما من ركعة أو ركعتين، فإن كان الالتفات إلى ذلك قبل الدخول في الركن، فإن احتمل أنّ كلتيهما من اللاحقة يجتزئ بتدارك السجدتين والإتمام، وإن علم أنّهما إمّا من السابقة أو إحداهما منها والأُخرى من اللاحقة يجتزئ بتدارك سجدة وقضاء أُخرى، والأحوط استحباباً الإعادة في الصورتين، وإن كان الالتفات بعد الدخول في الركن فالأحوط لزوماً في الصورتين العمل بما تقدّم وإعادة الصلاة، نعم إذا كان ذلك بعد فصل ركعة يجتزئ بقضاء السجدتين.
مسألة 842: إذا علم أنّه ترك سجدتين من ركعتين - من كلّ ركعة سجدة - سواء أكانتا من الأُوليين أو الأخيرتين صحّت صلاته وعليه قضاؤهما إذا تجاوز محلّهما، وأمّا إذا بقي محلّ إحداهما ولو ذكرياً - بأنْ لم ‏يدخل في ركن بعده - أتى بصاحبة المحلّ وقضى الأُخرى.
مسألة 843: من نسي التسليم وذكره قبل فعل ما ىنافي الصلاة عمداً وسهواً تداركه وصحّت صلاته، وإن كان بعده فلا شيء عليه والأحوط استحباباً الإعادة.
مسألة 844: إذا نسي ركعة من صلاته أو أكثر فذكر قبل التسليم قام وأتى بها، وكذا إذا ذكرها بعد التسليم قبل فعل ما ينافي الصلاة مطلقاً ولو سهواً، وعليه سجدتا السهو للسلام الزائد على الأحوط لزوماً، وإذا ذكرها بعده بطلت صلاته.
مسألة 845: إذا فاتت الطمأنينة في القراءة أو في التسبيح أو في التشهّد سهواً مضى، والأحوط استحباباً تدارك القراءة أو غيرها بنيّة القربة المطلقة، وكذا إذا فاتت في ذكر الركوع أو السجود فذكر قبل أن يرفع رأسه فإنّ الأحوط الأولى إعادة الذكر .
مسألة 846: إذا نسي الجهر والإخفات وذكر لم ‏يلتفت ومضى سواء أكان الذكر في أثناء القراءة أم التسبيح أم بعدهما، والجهل بالحكم يلحق بالنسيان في ذلك.

 

فصل: الشكّ في الصلاة

الشكّ في إتىان الصلاة


مسألة 847: من شكّ ولم‏ يدرِ أنّه صلّى أم لا، فإن كان في الوقت صلّى، وإن كان بعد خروج الوقت لم ‏يلتفت، والظنّ بفعل الصلاة حكمه حكم الشكّ في التفصيل المذكور، وإذا شكّ في بقاء الوقت بنى على بقائه، وحكم الوسواسيّ في الإتيان بالصلاة وعدمه أن لا يعتني بشكّه فيبني على الإتيان بها وإن كان في الوقت، ويلحق كثير الشكّ به في ذلك.
وإذا شكّ في الظهرين في الوقت المختصّ بالعصر أتى بالعصر والأحوط وجوباً قضاء الظهر، وإذا شكّ وقد بقي من الوقت مقدار أداء ركعة أتى بالصلاة، وإذا كان أقلّ لم ‏يلتفت، وإذا شكّ في فعل الظهر وهو في العصر فإن كان في الوقت المختصّ بالعصر بنى على الإتيان بها، وإن كان في الوقت المشترك أتمّها عصراً ثُمَّ أتى بالظهر بعدها.

فصل: الشكوك التي لا اعتبار بها ولا ىلتفت إلىها

 

الأوّل: الشكّ بعد الفراغ.


مسألة 848: إذا شكّ في جزء أو شرط للصلاة بعد الفراغ منها لم ‏يلتفت، وإذا شكّ في التسليم فإن كان شكّه في صحّته لم‏ يلتفت، وكذا إن كان شكّه في وجوده وقد أتى بالمنافي حتّى مع السهو أو فاتت الموالاة أو دخل في صلاة أُخرى أو اشتغل بالتعقيب، وأمّا إذا كان شكّه قبل ذلك فاللازم هو التدارك والاعتناء بالشكّ.

الثاني: شكّ كثىر الشكّ.


مسألة 849: كثير الشكّ لا يعتني بشكّه، سواء أكان الشكّ في عدد الركعات أم في الأفعال أم في الشرائط، فيبني على وقوع المشكوك فيه إلّا إذا كان وجوده مفسداً أو موجباً لكلفة زائدة كسجود السهو فيبني على عدمه، كما لو شكّ بين الأربع والخمس بعد الدخول في الركوع، أو شكّ في أنّه أتى بركوع أو ركوعين مثلاً - فيما يشتمل على ركوع واحد في كلّ ركعة لا مثل صلاة الآيات - فإنّ البناء على وجود الأكثر مفسد فيبني على عدمه.
مسألة 850: كثرة الشكّ إن اختصّت بموضع بأن كانت من خواصّه وسماته فلا بُدَّ من أن يعمل فيما عداه بوظيفة الشاكّ كغيره من المكلّفين، مثلاً : إذا كانت كثرة شكّه في خصوص الركعات لم ‏يعتنِ بشكّه فيها، فإذا شكّ في الإتيان بالركوع أو السجود أو غير ذلك ممّا لم ‏يكثر شكّه فيه لزمه الإتيان به إذا كان الشكّ قبل الدخول في الغير، وأمّا إذا لم يكن كذلك كما إذا تحقّق مسمّى الكثرة في فعل معيّن كالركوع ثُمَّ شكّ في فعل آخر أيضاً كالسجود لم ‏يعتنِ به أيضاً.
‏ مسألة 851: المرجع في صدق كثرة الشكّ هو العرف، والظاهر صدقها بعروض الشكّ أزيد ممّا يتعارف عروضه للمشاركين مع صاحبه في اغتشاش الحواسّ وعدمه زيادة معتدّاً بها عرفاً، فإذا كان الشخص في الحالات العاديّة لا تمضي عليه ثلاث صلوات إلّا ويشكّ في واحدة منها فهو من أفراد كثير الشكّ.
مسألة 852: إذا لم‏ يعتنِ بشكّه ثُمَّ ظهر وجود الخلل جرى عليه حكم وجوده، فإن كان زيادة أو نقيصة مبطلة أعاد، وإن كان موجباً للتدارك تدارك، وإن كان ممّا يجب قضاؤه قضاه، وهكذا.
مسألة 853: لا يجب على كثير الشك ضبط الصلاة بالحصى أو بالسبحة أو بالخاتم أو بغير ذلك.
مسألة 854: لا يجوز لكثير الشكّ الاعتناء بشكّه فإذا شكّ في أنّه ركع أو لا، لا يجوز أن يركع وإلّا بطلت صلاته على الأحوط لزوماً، نعم في الشكّ في القراءة أو الذكر إذا اعتنى بشكّه وأتى بالمشكوك فيه بقصد القربة لم‏ يضرّ بصحّة صلاته.
مسألة 855: لو شكّ في أنّه حصل له حالة كثرة الشكّ بنى على العدم، كما أنّه إذا صار كثير الشكّ ثُمَّ شكّ في زوال هذه الحالة بنى على بقائها إذا لم ‏يكن شكّه من جهة الجهل بمعنى كثرة الشكّ.

الثالث: شكّ الإمام والمأموم.


مسألة 856: إذا شكّ إمام الجماعة في عدد الركعات رجع إلى المأموم الحافظ، عادلاً كان أو فاسقاً ذكراً أو أُنثى، وكذلك إذا شكّ المأموم فإنّه يرجع إلى الإمام الحافظ، والظانّ منهما بمنزلة الحافظ فيرجع الشاكّ إليه، وإن اختلف المأمومون لم ‏يرجع الإمام إلى بعضهم إلّا إذا حصل له الظنّ من الرجوع إلى أحد الفرىقىن، وإذا كان بعضهم شاكّاً وبعضهم حافظاً رجع الإمام إلى الحافظ وعمل الشاكّ منهم بشكّه إلّا مع حصول الظنّ للإمام فيرجع إليه، وجواز رجوع المأموم إلى الإمام وبالعكس لا يختصّ بالشكّ في الركعات بل يعمّ الشكّ في الأفعال أيضاً، فإذا علم المأموم أنّه لم ‏يتخلّف عن الإمام وشكّ في أنّه سجد سجدتين أم واحدة والإمام جازم بالإتيان بهما رجع المأموم إليه ولم‏ يعتنِ بشكّه.

الرابع: الشكّ في عدد ركعات النافلة.


مسألة 857: يجوز في الشكّ في ركعات النافلة البناء على الأقلّ والبناء على الأكثر، إلّا أن يكون الأكثر مفسداً فيبني على الأقلّ، وفي جريان هذا الحكم في الوتر إشكال فالأحوط لزوماً إعادتها إذا شكّ فيها.

الخامس: الشكّ بعد المحلّ وفي ما أتى به.


مسألة 858: من شكّ في فعل من أفعال الصلاة فريضة كانت أو نافلة، أدائيّة كانت الفريضة أم قضائيّة أم صلاة جمعة أم آيات وقد دخل في غيره ممّا لا ينبغي الدخول فيه شرعاً مع الإخلال بالمشكوك فيه عمداً مضى ولم‏ يلتفت، فمن شكّ في تكبيرة الإحرام وهو في الاستعاذة أو القراءة، أو في الفاتحة وهو في السورة، أو في الآية السابقة وهو في اللاحقة، أو في أوّل الآية وهو في آخرها، أو في القراءة وقد هوى إلى الركوع أو دخل في القنوت، أو في الركوع وقد هوى إلى السجود، أو شكّ في السجود وهو في التشهّد أو في حال النهوض إلى القيام لم ‏يلتفت.
وكذا إذا شكّ في الشهادتين وهو في حال الصلاة على محمَّد وآل محمَّد، أو شكّ في مجموع التشهّد أو في الصلاة على النبيّ (صلّى الله علىه وآله) وهو في حال أداء السلام أو في حال النهوض إلى القيام، أو شكّ في السلام الواجب وهو في التعقيب أو أتى بشيء من المنافيات فإنّه لا يلتفت إلى الشكّ في جميع هذه الفروض، وإذا كان الشكّ قبل أن يدخل في الغير وجب الاعتناء بالشكّ فيأتي بالمشكوك فيه، كمن شكّ في التكبير قبل أن يستعيذ أو يقرأ أو في القراءة قبل أن يهوي إلى الركوع أو في الركوع قبل أن يهوي إلى السجود، أو في السجود أو في التشهّد وهو جالس قبل النهوض إلى القيام، وكذلك إذا شكّ في التسليم قبل أن يدخل في التعقيب أو يأتي بما ينافي الصلاة عمداً أو سهواً.
مسألة 859: قد علم ممّا سبق أنّه لا يعتبر في الغير الذي يدخل فيه أن يكون من الأجزاء الواجبة، فيكفي أن يكون من الأجزاء المستحبّة، بل لا يعتبر أن يكون جزءاً للصلاة فيكفي كونه مقدّمة له أيضاً، فمن شكّ مثلاً في القراءة وقد دخل في القنوت لم‏ يلتفت، وكذا من شكّ في الركوع وقد هوى إلى السجود.
مسألة 860: إذا شكّ في صحّة الواقع بعد الفراغ منه لا يلتفت وإن لم ‏يدخل في غيره، كما إذا شكّ بعد الفراغ من تكبيرة الإحرام في صحّتها فإنّه لا يلتفت، وكذا إذا شكّ في صحّة قراءة الكلمة أو الآية بعد الفراغ منها.
مسألة 861: إذا أتى بالمشكوك في المحلّ ثُمَّ تبيّن أنّه قد فعله أوّلاً لم ‏تبطل صلاته إلّا إذا كان ركوعاً أو سجدتين من ركعة واحدة فإنّه تبطل حينئذٍ على الأحوط لزوماً، وإذا لم ‏يأتِ بالمشكوك بعد تجاوز المحلّ فتبيّن عدم الإتيان به فإن أمكن التدارك به فعله، وإلّا صحّت صلاته إلّا أن يكون ركناً فتبطل على ما تقدّم.
مسألة 862: إذا شكّ وهو في فعل في أنّه هل شكّ في بعض الأفعال المتقدّمة أو لا؟ لم ‏يلتفت ما لم‏ يتيقّن أنّه لم ‏يعتنِ بالشكّ على تقدير حصوله إمّا غفلة أو تعمّداً برجاء الإتيان بالمشكوك فيه، ولو شكّ في أنّه هل سها أم لا وقد جاز محلّ ذلك الشيء الذي شكّ في أنّه سها عنه أو لا؟ لم‏يلتفت، نعم لو شكّ في السهو وعدمه وهو في محلّ يتلافى فيه المشكوك فيه أتى به.

فصل: الشكّ في عدد ركعات الفرىضة


مسألة 863: إذا شكّ المصلّي في عدد ركعات الصلاة واستقرّ الشكّ جاز له قطعها واستئنافها، ولا يلزمه علاج ما هو قابل للعلاج إذا لم ‏يستلزم محذور فوات الوقت وإلّا لم ‏يجز له ذلك، والأحوط لزوماً عدم الاستئناف قبل الإتيان بأحد القواطع كالاستدبار مثلاً، وما يذكر في هذه المسألة والمسائل الآتية في تمييز ما يقبل العلاج من الشكوك عن غيره وفي بيان كيفيّة العلاج إنّما يتعيّن العمل به في خصوص الصورة المتقدّمة.
وإذا شكّ المصلّي في عدد الركعات واستقرّ شكّه فإن كان شكّه في الثنائيّة أو الثلاثيّة أو الأُوليين من الرباعيّة بطلت، وإن كان في غيرها وقد أحرز الأُوليين بأن دخل في السجدة الثانية من الركعة الثانية - وهو يتحقّق بوضع الجبهة على المسجد وإن لم‏ يشرع في الذكر - فهنا صور :
منها: ما لا علاج للشكّ فيها فتبطل الصلاة فيها.
ومنها: ما يمكن علاج الشكّ فيها وتصحّ الصلاة حينئذٍ، وهي تسع صور :
الأُولى: الشكّ بين الاثنتين والثلاث بعد الدخول في السجدة الأخيرة فإنّه يبني على الثلاث ويأتي بالرابعة ويتمّ صلاته ثُمَّ يحتاط بركعة قائماً على الأحوط وجوباً، وإن لم يتمكّن من القيام حال الإتيان بصلاة الاحتياط أتى بها جالساً.
الثانية: الشكّ بين الثلاث والأربع في أيّ موضع كان، فيبني على الأربع ويتمّ صلاته، ثُمَّ يحتاط بركعة قائماً أو ركعتين جالساً، والأحوط استحباباً اختيار الركعتين جالساً، وإن لم يتمكّن من القيام حال الإتيان بصلاة الاحتياط احتاط بركعة جالساً.
الثالثة: الشكّ بين الاثنتين والأربع بعد الدخول في السجدة الأخيرة فيبني على الأربع ويتمّ صلاته ثُمَّ يحتاط بركعتين من قيام، وإن لم ‏يتمكّن منه حال الإتيان بصلاة الاحتياط احتاط بركعتين من جلوس.
الرابعة: الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع بعد الدخول في السجدة الأخيرة فيبني على الأربع ويتمّ صلاته ثُمَّ يحتاط بركعتين من قيام وركعتين من جلوس، ويلزم تأخير الركعتين من جلوس، وإن لم ‏يتمكّن من القيام حال الإتيان بصلاة الاحتياط احتاط بركعتين من جلوس ثُمَّ بركعة جالساً.
الخامسة: الشكّ بين الأربع والخمس بعد الدخول في السجدة الأخيرة فيبني على الأربع ويتمّ صلاته ثُمَّ يسجد سجدتي السهو، ويجري هذا الحكم في كلّ مورد يكون الطرف الأقلّ هو الأربع كالشكّ بينها وبين الستّ، كما يكفي في كلّ مورد شكّ فيه بين الأربع والأقلّ منها والأزيد بعد الدخول في السجدة الثانية العمل بموجب الشكّين بالبناء على الأربع والإتيان بصلاة الاحتياط لاحتمال النقيصة ثُمَّ بسجدتي السهو لاحتمال الزيادة.
السادسة: الشكّ بين الأربع والخمس حال القيام فإنّه يهدم وحكمه حكم الشكّ بين الثلاث والأربع، فيتمّ صلاته ثُمَّ يحتاط كما سبق في الصورة الثانية.
السابعة: الشكّ بين الثلاث والخمس حال القيام فإنّه يهدم وحكمه حكم الشكّ بين الاثنتين والأربع، فيتمّ صلاته ويحتاط كما سبق في الصورة الثالثة.
الثامنة: الشكّ بين الثلاث والأربع والخمس حال القيام فإنّه يهدم وحكمه حكم الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع، فيتمّ صلاته ويحتاط كما سبق في الصورة الرابعة.
التاسعة: الشكّ بين الخمس والستّ حال القيام، فإنّه يهدم وحكمه حكم الشكّ بين الأربع والخمس، ويتمّ صلاته ويسجد للسهو، والأحوط الأولى في هذه الصور الأربع أن يسجد سجدتي السهو للقيام الزائد أيضاً.
مسألة 864: إذا تردّد بين الاثنتين والثلاث فبنى على الثلاث ثُمَّ ضمّ إليها ركعة وسلّم وشكّ في أنّ بناءه على الثلاث كان من جهة الظنّ بالثلاث أو عملاً بالشكّ، لم يجب عليه الإتيان بصلاة الاحتياط وإن كان ذلك أحوط استحباباً، وإذا بنى في الفرض المذكور على الاثنتين وشكّ بعد التسليم أنّه كان من جهة الظنّ بالاثنتين أو خطأً منه وغفلة عن العمل بالشكّ صحّت صلاته ولا شيء عليه.
مسألة 865: الظنّ بالركعات في الفريضة كاليقين، وكذلك في النافلة على الأحوط لزوماً بمعنى أنّه لا ­يتخيّر معه في البناء على الأقلّ أو الأكثر، أمّا الظنّ بالأفعال فحكمه حكم الشكّ، فإذا ظنّ بفعل الجزء في المحلّ لزمه الإتيان به وإذا ظنّ بعدم الفعل بعد تجاوز المحلّ مضى وليس له أن يرجع ويتداركه، والأحوط استحباباً إعادة الصلاة في الصورتين.
مسألة 866: في الشكوك المعتبر فيها الدخول في السجدة الثانية - كالشكّ بين الاثنتين والثلاث، والشكّ بين الاثنتين والأربع، والشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع - إذا شكّ مع ذلك في الإتيان بالسجدتين أو بواحدة منهما فإن كان شكّه حال الجلوس قبل الدخول في القيام أو التشهّد - والأوّل في المثال الأوّل بلحاظ ما قبل القيام والثاني في المثالين الأخيرين بلحاظ حالته الفعليّة - بطلت صلاته، لأنّه محكوم بعدم الإتيان بهما أو بإحداهما فيكون شكّه قبل الدخول في السجدة الثانية، وإن كان بعد الدخول في القيام أو التشهّد لم ‏تبطل.
مسألة 867: إذا تردّد في أنّ الحاصل له شكّ أو ظنّ - كما يتّفق كثيراً لبعض الناس - كان ذلك شكّاً، ولو حصلت له حالة في أثناء الصلاة وبعد أن دخل في فعلٍ آخر لم ‏يدرِ أنّه كان شكّاً أو ظنّاً يبنى على حالته الفعليّة ويجري على ما يقتضيه ظنّه أو شكّه الفعليّ، وكذا لو شكّ في شيء ثُمَّ انقلب شكّه إلى الظنّ قبل إتمام الصلاة، أو ظنّ به ثُمَّ انقلب ظنّه إلى الشكّ، فإنّه يلحظ الحالة الفعليّة ويعمل عليها، فلو شكّ بين الثلاث والأربع مثلاً فبنى على الأربع ثُمَّ انقلب شكّه إلى الظنّ بالثلاث بنى عليه وأتى بالرابعة، وإذا ظنّ بالثلاث ثُمَّ تبدّل ظنّه إلى الشكّ بينها وبين الأربع بنى على الأربع ثُمَّ يأتي بصلاة الاحتياط.
مسألة 868: يجوز ترك صلاة الاحتياط واستئناف الصلاة بعد الإتيان بالمنافي، إلّا في ضىق الوقت عن الاستئناف فىتعىّن الإتىان بها.

فصل: صلاة الاحتىاط


مسألة 869: يعتبر في صلاة الاحتياط ما يعتبر في الصلاة الأصليّة من الأجزاء والشرائط فلا بُدَّ فيها من النيّة، والتكبير للإحرام، وقراءة الفاتحة، والركوع، والسجود، والتشهّد، والتسليم، والأحوط لزوماً أن يخفت في قراءة الفاتحة وإن كانت الصلاة الأصليّة جهريّة، والأحوط الأولى الخفوت في البسملة أيضاً، ولا تجب فيها السورة، وإذا تخلّل المنافي بينها وبين الصلاة فالأحوط لزوماً إعادة الصلاة ولا حاجة معها إلى صلاة الاحتياط.
مسألة 870: إذا تبيّن تماميّة الصلاة قبل صلاة الاحتياط لم ‏يحتج إليها، وإن كان في الأثناء جاز تركها وإتمامها نافلة ركعتين.
مسألة 871: إذا تبيّن نقص الصلاة قبل الشروع في صلاة الاحتياط جرى عليه حكم من سلَّم على النقص سهواً من وجوب ضمّ الناقص والإتيان بسجدتي السهو للسلام الزائد على الأحوط لزوماً، وإن تبيّن ذلك في أثناء صلاة الاحتياط ألغاها فإن كان تبيّن النقص قبل الدخول في الركوع أتمّ ما نقص متّصلاً واجتزأ به ولو كان بعده فالأحوط لزوماً إعادة الصلاة وعدم الاكتفاء بالتتميم، وإذا تبيّن ذلك بعد الفراغ منها أجزأت إذا تبيّن النقص الذي كان يحتمله أوّلاً، أمّا إذا تبيّن النقص أزيد ممّا كان محتملاً كما إذا شكّ بين الثلاث والأربع فبنى على الأربع وأتى بركعة واحدة قائماً للاحتياط، ثُمَّ تبيّن له قبل الإتيان بالمنافي أنّ النقص كان ركعتين فلا تكفي صلاة الاحتياط كما لا يكفي على الأحوط لزوماً تتميم ما نقص متّصلاً بل تجب إعادة الصلاة، وكذا لو تبيّنت الزيادة عمّا كان محتملاً كما إذا شكّ بين الاثنتين والأربع فبنى على الأربع وأتى بركعتين للاحتياط فتبيّن كون صلاته ثلاث ركعات.
مسألة 872: يجري في صلاة الاحتياط ما يجري في سائر الفرائض من أحكام زيادة الركن ونقصانه عمداً أو سهواً، وأحكام الشكّ في المحلّ أو بعد تجاوزه أو بعد الفراغ وغير ذلك، ولكن لا يجب فيها سجود السهو لما يستوجبه في الصلاة الأصليّة، وإذا شكّ في عدد ركعاتها لزم البناء على الأكثر إلّا أن يكون مفسداً فيبني على الأقلّ.
مسألة 873: إذا شكّ في الإتيان بصلاة الاحتياط بنى على العدم إلّا إذا كان بعد خروج الوقت، ولو كان بعد الإتيان بما ينافي الصلاة عمداً وسهواً فالأحوط لزوماً استئناف الصلاة.
مسألة 874: إذا نسي من صلاة الاحتياط ركناً ولم ‏يتمكّن من تداركه أعاد الصلاة، وكذلك إذا زاد ركعة بل ركوعاً أو سجدتين في ركعة على الأحوط لزوماً.

 

فصل: الشكّ فى أجزاء النوافل وركعاتها


مسألة 875: تشترك النافلة مع الفريضة في أنّه إذا شكّ في جزء منها في المحلّ لزم الإتيان به، وإذا شكّ بعد تجاوز المحلّ لا يعتني به، وفي أنّ نقصان الركن مبطل لها، وفي أنّه إذا نسي جزءاً لزم تداركه مع الالتفات إليه قبل الدخول في ركن بعده، وتفترق عن الفريضة بأنّ الشكّ في ركعاتها يجوز فيه البناء على الأقلّ والأكثر - كما تقدّم في المسألة (857) - وأنّه لا سجود للسهو فيها، وأنّه لا قضاء للجزء المنسيّ فيها - إذا كان يقضى في الفريضة - وأنّ زيادة الركن سهواً غير قادحة فيها بلا إشكال، ومن هنا يتدارك الجزء المنسيّ إذا ذكره بعد الدخول في ركن أيضاً.

 

فصل: قضاء الأجزاء المنسيّة

مسألة 876: إذا نسي السجدة الواحدة ولم ‏يذكر إلّا بعد الدخول في الركوع وجب قضاؤها بعد الصلاة، والأحوط لزوماً أن يكون بعد صلاة الاحتياط إذا كانت عليه، وكذا يقضي التشهّد إذا نسيه ولم ‏يذكره إلّا بعد الركوع على الأحوط الأولى، ويجري الحكم المزبور فيما إذا نسي سجدة واحدة والتشهّد من الركعة الأخيرة ولم‏ يذكر إلّا بعد التسليم والإتيان بما ينافي الصلاة عمداً وسهواً.
وأمّا إذا ذكره بعد التسليم وقبل الإتيان بالمنافي فاللازم تدارك المنسيّ والإتيان بالتشهّد والتسليم ثُمَّ الإتيان بسجدتي السهو للسلام الزائد على الأحوط وجوباً، ولا يقضى غير السجدة والتشهّد من الأجزاء، ويجب في القضاء ما يجب في المقضيّ من جزء وشرط كما يجب فيه نيّة البدليّة، والأحوط لزوماً المبادرة إلىه بعد السلام وعدم الفصل بالمنافي بينه وبين الصلاة، ولكن إذا فصل جاز الاكتفاء بقضائه، والأحوط الأولى إعادة الصلاة أيضاً.
مسألة 877: إذا شكّ في الإتيان بما عليه من قضاء الجزء المنسيّ بنى على العدم، وإن كان الشكّ بعد الإتيان بالمنافي عمداً وسهواً بل وإن كان بعد خروج الوقت على الأحوط لزوماً، وإذا شكّ في تحقّق موجب القضاء بنى على العدم.

 

فصل: سجود السهو

مسألة 878: يجب سجود السهو للكلام ساهياً، وللسلام في غير محلّه على الأحوط وجوباً فيهما، وللشكّ بين الأربع والخمس أو ما بحكمه كما تقدّم، ولنسيان التشهّد، وكذا يجب فيما إذا علم إجمالاً بعد الصلاة أنّه زاد فيها أو نقص مع كون صلاته محكومة بالصحّة فإنّه يسجد سجدتي السهو على الأحوط لزوماً، والأحوط الأولى سجود السهو لنسيان السجدة الواحدة وللقيام في موضع الجلوس، أو الجلوس في موضع القيام سهواً، بل الأحوط الأولى سجود السهو لكلّ زيادة أو نقيصة.
مسألة 879: يتعدّد السجود بتعدّد موجبه، ولا يتعدّد بتعدّد الكلام إلّا مع تعدّد السهو بأن يتذكّر ثُمَّ يسهو، أمّا إذا تكلّم كثيراً وكان ذلك عن سهو واحد وجب سجود واحد لا غير .
مسألة 880: لا يجب الترتيب فيه بترتيب أسبابه ولا تعيين السبب.
مسألة 881: يؤخّر السجود عن صلاة الاحتياط، وكذا عن الأجزاء المقضيّة على الأحوط لزوماً، ويجب المبادرة إليه بعد الصلاة، والأحوط لزوماً عدم الفصل بينهما بالمنافي، وإذا أخّره عن الصلاة أو فصله بالمنافي لم ‏تبطل صلاته ولم‏ يسقط وجوبه على الأحوط لزوماً فيأتي به فوراً ففوراً، وإذا أخّره نسياناً أتى به متى تذكّر، ولو تذكّره وهو في أثناء صلاة أُخرى أتمّ صلاته وأتى به بعدها.
مسألة 882: سجود السهو سجدتان متواليتان وتجب فيه نيّة القربة، ولا يجب فيه تكبير، والأحوط لزوماً فيه وضع الجبهة على ما يصحّ السجود عليه، والأحوط الأولى وضع سائر المساجد أيضاً ومراعاة جميع ما يعتبر في سجود الصلاة من الطهارة والاستقبال والستر وغير ذلك، والأحوط استحباباً الإتيان بالذكر في كلِّ واحد منهما، والأولى في صورته: (بسم الله وبالله السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته) ويجب فيه التشهّد بعد رفع الرأس من السجدة الثانية، ثُمَّ التسليم، والأحوط لزوماً اختيار التشهّد المتعارف دون الطويل.
مسألة 883: إذا شكّ في موجب سجود السهو لم‏ يلتفت، وإذا شكّ في عدد الموجب بنى على الأقلّ، وإذا شكّ في إتيانه بعد العلم بوجوبه أتى به وإن كان شكّه بعد فوات المبادرة على الأحوط لزوماً، وإذا اعتقد تحقّق الموجب - وبعد السلام شكّ فيه - لم ‏يجب، كما أنّه إذا شكّ في الموجب وبعد ذلك علم به أتى به على ما مرّ، وإذا شكّ في أنّه سجد سجدة أو سجدتين بنى على الأقلّ إلّا إذا دخل في التشهّد، وإذا شكّ أنّه أتى بسجدتين أو ثلاث لم ‏يعتنِ به سواء أشكّ قبل دخوله في التشهّد أم شكّ بعده، وإذا علم أنّه أتى بثلاث أعاد سجدتي السهو على الأحوط لزوماً، ولو نسي سجدة واحدة فإن أمكنه التدارك بأن ذكرها قبل تحقّق الفصل الطويل تداركها وإلّا أتى بسجدتي السهو من جديد.