من الأباطيل التي شاعت مؤخراً في مجتمعنا هي القضية اليمانية المزيفة، لا القضية اليمانية الحقيقية الإلهية المقدّسة، حتى بدأنا نلاحظ عدداً من السذج والبسطاء والجهال يحاججون الناس في الزيارات وبعض الأماكن العامة ببعض الأدلة التي توهّم أصحابها أنها أدلة على صدق مدعي صاحبهم دجال البصرة، رغم أن القضية واضحة، ولا تحتاج إلى مزيد ردٍّ، وذلك:
أولاً: إن المراجع العظام وأهل العلم والاختصاص في جميع الحوزات والنوادي العلمية أجمعوا على بطلان دعوى مدعي اليمانية البصري، مما يعطي ذلك جزماً أكيداً لكل مكلف يتبع العلم والعلماء ببطلان هذه الدعاوى السخيفة، ولو كانت تلك الدعوى حقيقية وصادقة لكان أهل العلم هم المتصدرون في الدعوة لها والتمهيد لقضيتها، لأهميتها في القضية المهدوية بل الإسلامية أساساً.
ثانياً: قيام الأدلة والحجج والبراهين على إبطال تلك الدعوى المزيفة من قبل دجال البصرة، وهذا ما تكفّلت به بعض الكتب والكراريس والمنشورات والمحاضرات من قبل ذوي العلم والفضيلة، مما أدى ذلك إلى جعل تلك الدعوى الباطلة خاوية وهزيلة من الناحية العلمية، وبعيدة كل البعد عن الدليل والبرهان، إلا ممن بقي متمسكاً بها من قليلي الاطلاع وأهل العناد.
وفيما يلي عزيزنا القارئ الكريم سطور رائعة مقتبسة -بشيء من التصرف- من موقع مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) للمرحوم السيد محمد علي الحلو (رحمه الله) يضع فيها اليد بعض الأمور، كردٍّ قويٍّ على هذه الدعوى المزيفة، فقال(رحمه الله):
إنّ حركة اليماني تغالط في كثير من المبادئ التي دعت لها، وذلك للنقاط التالية:
أولاً: إنّها تدعو إلى نصرة اليماني المقيم في البصرة، في حين أنّ اليماني سمّي باليماني نسبةً إلى إقامته في اليمن، ومجيؤه منها كذلك.
ثانياً: أعلن هذا الدعي أنّ اسمه أحمد بن الحسن وهو ابن الإمام المهدي، في حين أنّ الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) هو محمد بن الحسنC، فكيف يكون أحمد بن الحسن ابناً للإمام محمد بن الحسن(عليه السلام)؟!
ثالثاً: يدعو هذا المهووس إلى نصرته وعدم الخروج عن طاعته، ويخاطب في بيان أصدره قبل سنين إلى كون الذين يحوطون بالإمام(عليه السلام)، ويختصون به، على أتمّ الاستعداد لنصرته وطاعته، وإلاّ فهم معرّضون إلى سخط الله وغضبه، فإذا كان هؤلاء قريبون إلى الإمام(عليه السلام)، فكيف يأمرهم هذا المهووس بالطاعة له؟! وإلاّ تعرضوا لغضب الله مع أنّ قربهم للإمام(عليه السلام) لا يكون إلاّ بسبب طاعتهم ومقدار ملازمتهم لأوامره(عليه السلام).
رابعاً: حاول أنْ يستعين بأحد الدجالين المعروف بحيدر مشتت (الذي قتل بسبب اختلافه مع دجال البصرة)، ويدّعي هذا الأخير أنّه التقى بالإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف) في الرؤيا، وأوصاه هو وأحمد أنْ ينصرا الإمام(عليه السلام)، وهو محتاج إلى نصرتهما في ثورته، وهو شيء يثير السخرية، فالثورة الإلهية العالمية للإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف) هي بحاجة إلى هذين الشخصين، وليس للمدد الإلهي ولأخيار الناس وللعلماء، ثم متى جعلنا المنامات هي ملاكات لأحكام المكلفين؟! (إِنْ هذَا إلاّ اخْتِلاقْ)، ثم فشل الادعاء من أساس بمقتل مشتت على يد أتباع دجال البصرة!
خامساً: إنّ الروايات تشير إلى أنّ اليماني لابدّ أنْ يزامنه عند خروجه ظهور السفياني والخراساني، إذ ورد عن الإمام الباقر(عليه السلام): «.. خُروجُ السُّفياني واليَمَاني والخُرَاسَاني في سَنَةٍ وَاحِدةٍ، وَفي شَهْرٍ وَاحِدٍ، وَفي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَنِظَامٌ كَنِظَامِ الخُرَزِ، يَتْبَعُ بَعْضُهُ بَعْضَاً..»[1]، أي: أنّ هناك تلازماً فيما بين اليماني والخراساني من جهة، وبين السفياني من جهة أخرى، فادّعاء خروج أحدهم دون الآخرين غير صحيح، إذ أنّ الإمام(عليه السلام) أكّد على هذه الملازمة والترتيب بقوله: (ونظام يتبع بعضه بعضاً)، إذن: فمن غير الممكن أنْ ندّعي خلاف ما قاله الإمام(عليه السلام) من تلازم خروج الثلاثة، وادعاء ذلك دجل واحتيال، بل وتكذيب لأقوال الإمام(عليه السلام)، وهكذا يحاول هؤلاء استغلال عواطف الناس ومحبتهم؛ ليعملوا على تمرير مدعياتهم، وابتزاز البسطاء من الناس؛ لاستخدامهم دروعاً بشرية من أجل الاحتماء بتصديقهم، وإظهارهم بمظهر الواعي لقضيته، والمصدّق لدعواه الضالة.
المصدر: مجلة اليقين العدد (41)