قد تفهم الكثيرات من فتياتنا العزيزات أنّ الأحكام الشرعية المرتبطة بالمرأة وبحجابها ولبسها وعلاقاتها وغيرها ما هي إلّا تقييدات لحريّتها ونشاطها الواسع في عالم الدنيا الفسيح، وهو يتنافى أيضاً مع سعادتها التي تتحقق في تنوع لبسها، وتكوين علاقاتها، واختيار مشيتها، وخروجها إلى ما تشاء من أرض الله، فإنّ الدنيا فيها هذا المتاع من السعادة والتلّذذ، وهو مخلوق لنا للاستمتاع به، فلماذا كلّ هذا الكبت والتقييد؟
وهذه النظرة لحياة المرأة هي نظرة أحادية إن صحّ التعبير؛ لأنّ الزاوية التي جاءت منها هذه النظرة هي زاوية ضيقة، ولم تجمع بين طياتها ما يريده المشرّع من الأحكام والتشريعات المتعددة بخصوص المرأة، في حين أنّ المشرّع أراد للمرأة -كما للرجل- أن تأخذ نصيبها من التمتّع بملذات عالم الدنيا، وأن تكون صاحبة السعادة الكبرى في أيام هذه الدنيا، من دون أن تكبت شهواتها، أو يضيّق عليها، أو تحجّم سعادتها، فما المانع من أن تلبس ما شاءت من الموضات والألوان في بيتها وأمام زوجها، أو محارمها، أو أمام النساء في قاعات، أو مجالس نسوية خاصة، أو تقوم بالتنزّه والاستجمام مع زوجها أو أبيها أو أخيها لما شاءت من أرض الله الواسعة، فإنّ لها في كلّ ذلك حقوقاً بالاستمتاع والسفر والتنزّه، ولم يفرض عليها قيود في كلّ تلك الأمور، غاية الأمر أن تكون تلك الحركة في الملبس والتنزّه هي ضمن الحدود التي يراها الله تعالى خيراً وصلاحاً للمرأة، لا أن تكون مرمى لسهام النظرات والشهوات من قِبل الرجال الأجانب، ولا تكون مطمعاً سهلاً لذئاب الإنس الذين يتصيّدون الفتيات في الطرق والأماكن العامة والمختلطة.
إذاً، فما أحلى أن يجتمع الدين والدنيا في حياة المرأة، دين يصون عفّتها وكرامتها، وحياة سعيدة لا منغصة فيها، تواصل بذلك شوط الحياة بمهارة دينية عالية، وتستهدف الآخرة بروح نظيفة طاهرة، وتكون بذلك حصلت على رضا الله سبحانه وتعالى بأسلوب ونمط حياة رائعة، وهذا هو المطلوب في وعي بناتنا اليوم، من السعي لرضا الله سبحانه، وفي الوقت نفسه ممارسة الحياة بشكل ينسجم والكرامة التي أرادها الله تعالى لها.
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (66)