إبراهيم بن مالك الأشتر

اسمه ونسبه: هو إبراهيم بن مالك بن الحارث بن عبد يغوث النخعي المذحجي.

فارس شجاع وشاعر كبير وموالي مخلص لآل البيت (صلى الله عليه وآله) كان أحد خواص أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأحد الذائدين عنه، وكان جنب والده قائد القوات العلوية بطل الأبطال مالك الاشتر الذي كان أحد حواريي أمير المؤمنين (عليه السلام) فكان مع والده يمثلان سداً منيعاً أمام أعداء الإسلام وخصوم أمير المؤمنين (عليه السلام).

ولادته: لم يذكر لنا التأريخ سنة ولادة إبراهيم ولا مكانها لكنه ذكر لنا أنه شارك في حرب صفين مع الإمام علي(عليه السلام) بين يدي والده وهو غلام فأبلى فيها بلاءً حسنًا وكان يكرُّ على معسكر معاوية وهو يرتجز:

يا أيهـا الســائل عنـي لا تــرع            أقـدم فإني من عـرانين النخـعْ

كيف ترى طعن العراقي الجذع            أطـير في يـوم الـوغى ولا أقـعْ

ما سـاءكـم سـر وما ضرّ نفـع             أعددت ذا اليوم لهول المطلعْ[1].

إذ يقدر عمره بخمس عشرة سنة في صفين التي حدثت عام 37هـ. فيكون احتمال ولادته بين سنة 20 - 23 هـ، والله أعلم.

سيرته:

لا تتوفّر عن حياته معلومات قبل التحاقه بالمختار الثقفي سوى ما روي أنه كان من أنصار الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في حرب صفّين، وحارب معاوية مع أبيه مالك الأشتر.

دوره في حركة المختار الثقفي:

مع انضمام إبراهيم بن الأشتر النخعي بعشيرته ذات العز والعدد إلى المختار لم يبقَ أمامهم غير إعلان الثورة، فاجتمع رأيهم على أن يخرجوا ليلة الخميس لأربع عشرة من ربيع الأول سنة 66هـ، ووطنوا على ذلك شيعتهم ومن أجابهم. وقبيل الثورة خيّمت أجواء الريبة والحذر والترقب على الكوفة منبئة عن زلزال عنيف سوف يهز أركانها وأحياءها.

لما استتب الوضع للمختار في الكوفة دعا بإبراهيم بن الأشتر، فعقد له عقدًا وأمره بالمسير إلى جيش الشام في الموصل، فخرج ومعه النخبة من جيش الكوفة ولم يتبق مع المختار سوى قوة قليلة، وعسكر إبراهيم بجيشه في ساباط المدائن. فحينئذ توسم أهل الكوفة من الموالين لبني أمية في المختار القلة والضعف، فخرجوا عليه، وجاهروه العداوة، ولم يبق أحد ممن اشترك في قتل الحسين (عليه السلام)، وكان مختفيًا إلا وظهر، ونقضوا بيعته، واجتمعت القبائل عليه من بجيلة والأزد وغيرها، فصارت الكوفة كلها على المختار سيفًا واحدًا، فبعث المختار من ساعته رسولًا إلى إبراهيم بن مالك الأشتر(رضي الله عنه) وهو بساباط: (لا تضع كتابي حتى تعود بجميع من معك إلي). فوافاه إبراهيم في اليوم الثاني بخيله ورجله، ومعه أهل النجدة والقوة. وجاء البشير إلى المختار أن المتمردين ولّوا مدبرين، فمنهم من اختفى في بيته، ومنهم من لحق بمصعب بن الزبير في البصرة، ومنهم من خرج إلى البادية، ثم وضعت الحرب أوزارها، وحلت أزرارها، ومحص القتل شرارها. وكانت تلك المحاولة الفاشلة للانقلاب على المختار وما أفرزته من نتائج سببًا كبيرًا من أسباب بدء حملة الانتقام من الأشراف وقتلة الحسين (عليه السلام) في الكوفة ومسوّغًا لإطلاق يده فيهم حتى قتل منهم مقتلة عظيمة[2].

وفاته:

دارت معركة بين إبراهيم بن مالك الأشتر ومحمد بن مروان قبل يوم واحد من المعركة الأصلية التي وقعت بين عبد الملك ومصعب، ورغم ما أبدى ابن الأشتر فيها من شجاعة فائقة، فقد هُزم وقُتل لخيانة عَتّاب بن الورقاء التميمي الذي تراجع على مواطأة مع عبد الملك، وعندئذٍ قتل مولى لبني عذرة يقال له عبيد بن ميسرة ابنَ الأشتر واحتزّ رأسه وأحرق جثّته وهو موالي حُصين بن نمير الذي قتله إبراهيم في حرب خازر.

تاريخ وفاته:

اختلف المؤرخون في تاريخ قتل إبراهيم بن مالك الأشتر، فرغم أنّ ابن الأثير، والطبري ذكرا بناءً على إحدى الروايات عام 71 هـ/ 690 م، إلا أن أكثر المؤرخين، يرون أنّه كان 72 هـ/ 691 م[3].

مجلة بيوت المتقين العدد (61)


[1] المنقري: وقعة صفين، ص441.

[2] ابن أعثم: الفتوح، ج 6، ص 244.

[3] تاريخ الإسلام الذهبي: ج 2، ص 754.