الصلاة هي إحدى الدعائم التي بُني عليها الإسلام، إن قبلت قبل ما سواها، وإن ردّت ردّ ما سواها.
وهنا مقاصد:
وفيه فصول:
الصلوات الواجبة في زمان غيبة إمام العصر (عجّل الله تعالى فرجه الشرىف) خمس: اليوميّة - وتندرج فيها صلاة الجمعة كما سيأتي - وصلاة الطواف الواجب، وصلاة الآيات، وصلاة الأموات التي مرّ بيان أحكامها في كتاب الطهارة، وما التزم بنذر أو نحوه أو إجارة أو نحوها، وتضاف إلى هذه الخمس الصلاة الفائتة عن الوالد فإنّ الأحوط وجوباً أن يقضيها عنه ولده الأكبر على تفصيل يأتي في محلّه.
أمّا اليوميّة فخمس: الصبح وهي ركعتان، والظهر وهي أربع - وعدلها الجمعة ركعتان - والعصر وهي أربع، والمغرب وهي ثلاث، والعشاء وهي أربع، وتقصر الرباعيّة في السفر والخوف بشروط خاصّة فتكون ركعتين.
وأمّا النوافل فكثيرة أهمّها الرواتب اليوميّة: ثمان للظهر قبلها، وثمان بعدها قبل العصر للعصر، وأربع بعد المغرب لها، وركعتان من جلوس تعدّان بركعة بعد العشاء لها، وثمان صلاة الليل، وركعتا الشفع بعدها، وركعة الوتر بعدها، وركعتا الفجر قبل الفريضة، وفي يوم الجمعة يزاد على الستّ عشرة أربع ركعات قبل الزوال، ولها آداب مذكورة في محلّها، مثل كتاب مفتاح الفلاح للمحقّق البهائيّ (قدّس سرّه).
مسألة 498: الصلاة الوسطى التي تتأكّد المحافظة عليها هي صلاة الظهر .
• الفصل الثاني التبعىض في النوافل وإتىانها في حال المشي
مسألة 499: يجوز الاقتصار على بعض أنواع النوافل المذكورة، بل يجوز الاقتصار في نوافل الليل على الشفع والوتر، وعلى الوتر خاصّة، وفي نافلة العصر على أربع ركعات بل على ركعتين، وإذا أريد التبعيض في غير هذه الموارد فالأحوط لزوماً الإتيان به بقصد القربة المطلقة حتّى في الاقتصار في نافلة المغرب على ركعتين.
مسألة 500: يجوز الإتيان بالنوافل الرواتب وغيرها في حال المشي، كما يجوز الإتيان بها في حال الجلوس اختياراً، ولا بأس حينئذٍ بمضاعفتها رجاءً بأن يكرّر الوتر مثلاً مرّتين وتكون الثانية برجاء المطلوبيّة.
وقت صلاة الجمعة أوّل الزوال عرفاً من يوم الجمعة، ووقت الظهرين من الزوال إلى المغرب، وتختصّ الظهر من أوّله بمقدار أدائها، والعصر من آخره كذلك، وما بينهما مشترك بينهما، ووقت العشاءين للمختار من المغرب إلى نصف الليل، وتختصّ المغرب من أوّله بمقدار أدائها، والعشاء من آخره كذلك وما بينهما مشترك أيضاً بينهما، وأمّا المضطرّ لنوم أو نسيان أو حيض أو غيرها فيمتدّ وقتهما له إلى الفجر الصادق، وتختصّ العشاء من آخره بمقدار أدائها، والأحوط وجوباً للمتعمّد في التأخير إلى نصف الليل الإتيان بهما قبل طلوع الفجر من دون نيّة القضاء أو الأداء، ومع ضيق الوقت يأتي بالعشاء ثُمَّ يقضيها بعد قضاء المغرب احتياطاً، ووقت الصبح من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس.
مسألة 501: الفجر الصادق هو البياض المعترض في الأُفق الذي يتزايد وضوحاً وجلاءً، وقبله الفجر الكاذب، وهو البياض المستطيل من الأُفق صاعداً إلى السماء كالعمود الذي يتناقص ويضعف حتّى ينمحي.
مسألة 502: الزوال هو المنتصف ما بين طلوع الشمس وغروبها، ويعرف بزيادة ظلّ كلّ شاخص معتدل بعد نقصانه أو حدوث ظلّه بعد انعدامه، ونصف الليل منتصف ما بين غروب الشمس والفجر، ويعرف الغروب بذهاب الحمرة المشرقيّة عند الشكّ في سقوط القرص واحتمال اختفائه بالجبال أو الأبنية أو الأشجار أو نحوها، وأمّا مع عدم الشك فلا يترك مراعاة الاحتياط بعدم تأخير الظهرين إلى سقوط القرص وعدم نيّة الأداء والقضاء مع التأخير، وكذا عدم تقديم صلاة المغرب على زوال الحمرة.
مسألة 503: المراد من اختصاص الظهر بأوّل الوقت عدم صحّة العصر إذا وقعت فيه عمداً من دون أداء الظهر قبلها على وجه صحيح، فإذا صلّى الظهر قبل الزوال باعتقاد دخول الوقت فدخل الوقت قبل إتمامها صحّت صلاته وجاز له الإتيان بصلاة العصر بعدها ولا يجب تأخيرها إلى مضيّ مقدار أربع ركعات من أوّل الزوال، وكذا إذا صلّى العصر في الوقت المختصّ بالظهر سهواً صحّت عصراً ويأتي بالظهر بعدها، وإن كان الأحوط استحباباً أن يجعلها ظهراً ثُمَّ يأتي بأربع ركعات بقصد ما في الذمّة أعمّ من الظهر والعصر .
وكذلك إذا صلّى العصر في الوقت المشترك قبل الظهر سهواً، سواء أكان التذكّر في الوقت المختصّ بالعصر أم في الوقت المشترك، وإذا تضيّق الوقت المشترك للعلم بمفاجأة الحيض أو نحوه يجب الإتيان بصلاة الظهر، وممّا تقدّم يتبيّن المراد من اختصاص المغرب بأوّل الوقت.
مسألة 504: وقت فضيلة الظهر بين الزوال وبلوغ الظلّ أربعة أسباع الشاخص، والأفضل حتّى للمتنفّل عدم تأخيرها عن بلوغه سُبْعيه، ووقت فضيلة العصر من بلوغ الظلّ سُبْعي الشاخص إلى بلوغه ستّة أسباعه، والأفضل حتّى للمتنفّل عدم تأخيرها عن بلوغه أربعة أسباعه، هذا كلّه في غير القيظ - أي شدّة الحرّ - وأمّا فيه فيمتدّ وقت فضيلتهما إلى ما بعد المثل والمثلين بلا فصل.
ووقت فضيلة المغرب لغير المسافر من المغرب إلى ذهاب الشفق وهو الحمرة المغربيّة، وأمّا بالنسبة إلى المسافر فيمتدّ وقتها إلى ربع الليل.
ووقت فضيلة العشاء من ذهاب الشفق إلى ثلث الليل.
ووقت فضيلة الصبح من الفجر إلى أن يتجلّل الصبح السماء، والغَلَس بها أوّل الفجر أفضل، كما أنّ التعجيل في جميع أوقات الفضيلة أفضل على التفصيل المتقدّم.
مسألة 505: وقت نافلة الظهرين من الزوال إلى آخر إجزاء الفريضتين، لكن الأولى تقديم فريضة الظهر على النافلة بعد أن يبلغ الظلّ الحادث سُبْعي الشاخص، كما أنّ الأولى تقديم فريضة العصر بعد أن يبلغ الظلّ المذكور أربعة أسباع الشاخص، هذا إذا لم يكن قد صلّى من النافلة ركعة وإلّا فالأولى إتمامها ثُمَّ الإتيان بالفريضة سواء في الظهر أو العصر .
ووقت نافلة المغرب بعد الفراغ منها إلى آخر وقت الفريضة ما لم يتضيّق وقتها، وإن كان الأولى تقديم فريضة العشاء بعد ذهاب الحمرة المغربيّة.
ويمتدّ وقت نافلة العشاء بامتداد وقتها، ووقت نافلة الفجر - على المشهور بين الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم) - بين الفجر الأوّل وطلوع الحمرة المشرقيّة وإن كان يجوز دسّها في صلاة الليل قبل الفجر، ولكن المختار أنّ مبدأ وقتها مبدأ وقت صلاة الليل - بعد مضيّ مقدار يفي بأدائها - وامتداده إلى قبيل طلوع الشمس، نعم الأولى تقديم فريضة الفجر عند تضيّق وقت فضيلتها على النافلة.
ووقت نافلة الليل على المشهور بين الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم) من نصف الليل، ويستمرّ إلى الفجر الصادق وأفضله السحر وهو الثلث الأخير من الليل، ويجوز تقديمها على النصف للمسافر إذا خاف فوتها إن أخّرها، أو صعب عليه فعلها في وقتها، وكذا الشابّ وغيره ممّن يخاف فوتها إذا أخّرها لغلبة النوم أو طروّ الاحتلام أو غير ذلك، وما ذكره المشهور (رضوان الله تعالى عليهم) هو الأحوط والأفضل وإن كان المختار جواز الإتيان بها من أوّل الليل مطلقاً.
مسألة 506: يجوز تقديم نافلتي الظهرين على الزوال في غير يوم الجمعة إذا كان له عذر - ولو عرفيّ - من الإتيان بهما بعد الزوال، وأمّا نافلة يوم الجمعة - وهي عشرون ركعة - فالأولى تفريقها بأن يأتي ستّاً منها عند انبساط الشمس وستّاً عند ارتفاعها وستّاً قبل الزوال وركعتين عنده.
إذا مضى على المكلّف من أوّل الوقت مقدار أداء الصلاة نفسها بحسب حاله في ذلك الوقت من الحضر والسفر والتيمّم والوضوء والغسل والمرض والصحّة ونحو ذلك ولم يصلِّ حتّى طرأ أحد الأعذار المانعة من التكليف بالصلاة مثل الجنون والحيض والإغماء وجب عليه القضاء إن كانت المقدّمات حاصلة أو مضى من الوقت بمقدار إمكان تحصيلها، بل الأحوط وجوباً القضاء وإن لم يمضِ ذلك المقدار بل حتّى لو تمكّن من التيمّم بدلاً عن الوضوء أو الغسل ولم يتمكّن منهما لضيق الوقت.
وأمّا مع استيعاب العذر لجميع الوقت فلا يجب القضاء في الأعذار المتقدّمة ونحوها دون النوم فإنّه يجب فيه القضاء ولو كان مستوعباً، وإذا ارتفع العذر في آخر الوقت فإن وسع الصلاتين مع الطهارة وجبتا جميعاً، وكذا إذا وسع مقدار خمس ركعات معها، وإلّا وجبت الثانية إذا بقي ما يسع ركعة معها، وإلّا لم يجب شيء.
مسألة 507: يعتبر في جواز الدخول في الصلاة أن يستيقن بدخول الوقت أو تقوم به البيّنة، ويُجتزأ بالاطمئنان الحاصل من أذان الثقة العارف بالوقت، ومن إخباره أو من سائر المناشئ العقلائيّة، ولا يكتفى بالظنّ وإن كان للمكلّف مانع شخصيّ عن معرفة الوقت كالعمى والحبس، بل وإن كان المانع نوعيّاً - كالغيم - على الأحوط لزوماً، فلا بُدَّ في الحالتين من تأخير الصلاة إلى حين الاطمئنان بدخول الوقت.
مسألة 508: إذا تيقّن بدخول الوقت أو أحرزه بطريق معتبر فصلّى ثُمَّ تبيّن أنّها وقعت قبل الوقت لزم إعادتها، نعم إذا علم أنّ الوقت قد دخل وهو في الصلاة يحكم بصحّة صلاته وإن كان الأحوط استحباباً إعادتها، وأمّا إذا صلّى غافلاً وتبيّن دخول الوقت في الأثناء فلا تصحّ صلاته، نعم إذا تبيّن دخوله قبل الصلاة أجزأت، وكذا إذا صلّى برجاء دخول الوقت، وإذا صلّى وبعد الفراغ شكّ في دخوله لم تجب الإعادة وإن كانت أحوط استحباباً.
مسألة 509: يجب الترتيب بين الظهرين بتقديم الظهر، وكذا بين العشاءين بتقديم المغرب، وإذا عكس في الوقت المشترك عمداً أعاد وإذا كان سهواً لم يعد على ما تقدّم، وإذا كان التقديم من جهة الجهل بالحكم، صحّت إذا كان جاهلاً قاصراً، ولا تصحّ على الأحوط لزوماً إذا كان جاهلاً مقصّراً سواء أكان متردّداً أم كان جازماً.
مسألة 510: قد يجب العدول من اللاحقة إلى السابقة كما في الأدائيّتين المترتّبتين، فلو قدّم العصر أو العشاء سهواً وذكر في الأثناء فإنّه يعدل إلى الظهر أو المغرب، إلّا إذا لم تكن وظيفته الإتيان بها لضيق الوقت، ولا يجوز العكس كما إذا صلّى الظهر أو المغرب وفي الأثناء ذكر أنّه قد صلّاهما فإنّه لا يجوز له العدول إلى العصر أو العشاء.
مسألة 511: إنّما يجوز العدول من العشاء إلى المغرب إذا لم يدخل في ركوع الرابعة، وإلّا أتمّها عشاءً ثُمَّ أتى بالمغرب.
مسألة 512: يجوز الإتيان بالصلاة العُذريّة في أوّل الوقت ولو مع العلم بزوال العذر قبل انقضائه إذا كان العذر هو التقيّة ولا يجب إعادتها حينئذٍ بعد زوال موجبها إلّا مع الإخلال بما يضرّ الإخلال به ولو في حال الضرورة، كما إذا اقتضت التقيّة أن يصلّي من دون تحصيل الطهارة الحدثيّة، وأمّا إذا كان العذر غير التقيّة فلا يجوز البدار مع العلم بارتفاع العذر في الوقت، ويجوز مع اليأس عن ذلك، وهل يجتزأ بها حينئذٍ إذا اتّفق ارتفاع العذر في الوقت أم لا؟ فيه تفصيل، وكذا في جواز البدار إليها مع رجاء ارتفاع العذر في الوقت، وقد تقدّم التعرّض لبعض مواردها في كتاب الطهارة وتأتي جملة أُخرى في المباحث الآتية.
مسألة 513: يجوز التطوّع بالصلاة لمن عليه الفريضة أدائيّة أو قضائيّة ما لم تتضيّق.
مسألة 514: إذا بلغ الصبيّ في أثناء الوقت وجب عليه الصلاة إذا أدرك مقدار ركعة أو أزيد، ولو صلّى قبل البلوغ ثُمَّ بلغ في الوقت في أثناء الصلاة أو بعدها لم تجب عليه الإعادة، وإن كان الأحوط استحباباً الإعادة في الصورتين.