لماذا سمي مذهبنا باسم الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)؟

ضيّقت السلطات الخناق على أمير المؤمنين(عليه السلام)، وأبنائه، وشيعته، ووضعت بينهم وبين الجماهير حاجزاً يمنع من الوصول إليهم، ولم تنفرج المحنة إلّا في عصر الإمامين الباقر و الصادق(عليه السلام)، وكان شدة الانفراج في عصر الإمام الصادق(عليه السلام) ما بين سنوات (114 إلى 148هـ)، حيث انتشر الفقه الجعفري بشكل ملحوظ، واكتست فيه المدينة ثوباً جديداً، والسبب في ذلك أن الإمام الصادق(عليه السلام) قد عاصر نهاية الدولة الأموية وبداية الدولة العبّاسيّة، والدول عادة ما تكون في بدايتها نهايتها ضعيفة، فالأمويون و أهل الشام لمّا أجهزوا على الوليد بن يزيد وقتلوه، انتفضت عليهم أطراف البلاد، وتضعضعت أركان سلطانهم، وكانت الدعوة لبني هاشم قد انتشرت في جهات البلاد، فكانت تلك الأُمور كلّها صوارف لبني مروان عمّا عليه الإمام الصادق(عليه السلام) من الحياة العلميّة، ولما زالت دولة بني أمية تصدر بنو العبّاس لمسند الحكومة، اشتغلوا بتطهير الأرض من بني أُميّة وبتأسيس الدولة الجديدة، ومن الواضح أن المُلك الجديد بحاجة إلى فترة من الزمن لتأسيسه ورسوخه، فكان انصرافهم لبناء المُلك وإِحاطته شاغلاً لهم برهة من الزمن عن شأن الإمام في بثّه العلوم و المعارف، فاستثمر الإمام(عليه السلام) تلك الفرصة الذهبية في نشر مذهب آل محمد(عليهم السلام).

ولأجل ذلك كانت أكثر الروايات المنقول عنه(عليه السلام)، وشملت شتى صنوف المعرفة فقهاً، وكلاماً، وتاريخاً، وغير ذلك، ومن هنا نسب المذهب إليه(عليه السلام)، إضافة إلى ذلك:

أن الفرصة التي حصلت في العقد الثالث من القرن الثاني الهجري أعطت للناس فسحة من الحرية في الاختيار، والرجوع إلى من شاؤوا، ومن هنا: نراهم توجهوا بطواعية وحرية إلى مدرسة الإمام الصادق(عليه السلام)، يأخذون منها معالم دينهم.

يقول ابن حجر مؤرخاً لتلك الفترة: ونقل الناس عنه(عليه السلام) أي عن الإمام الصادق(عليه السلام)- من العلوم ما سارت به الركبان، وانتشر صيته في جميع البلدان[1].

مجلة اليقين العدد (30)


[1] الصواعق المحرقة، ص 201.