في السادس والعشرين من شهر رجب الأصب في السنة الثالثة قبل الهجرة المباركة -على الرواية المشهورة- كانت وفاة أبي طالب (عليه السلام)عمِّ النبي (صلى الله عليه وآله) والمحامي عنه والمدافع عن رسالته، وبهذه المناسبة نحاول أن نعرج على قضية إيمانه (عليه السلام)، تلك القضية التي بقيت عالقة في أذهان الكثير من أبناء العامة حتى اشتبه عليهم الأمر، وفي الحقيقة إن هذه القضية ليست بشبهة أصلاً، وإنما هي علم أنكره مع سبق الإصرار والتعمد، وذلك لكثرة ما بيِّن من حقِّ هذا الإنسان العظيم من الأدلة التي لا ينكرها إلا مكابر!
أمّا أدلة الشيعة مجمع عليها، ولا خلاف في ذلك أبداً، تبعاً لأئمّتهم (عليهم السلام)، والأحاديث الدالّة على إيمانه عن أهل بيت العصمة كثيرة، يمكن مراجعتها في كتاب: (منية الراغب في إيمان أبي طالب) للشيخ محمّد رضا الطبسي.
وأما من جهة أهل السنة والجماعة فقد نُقل عن مفتي الشافعية أحمد زيني دحلان في (أسنى المطالب) عن جماعة من علماء أهل السُنّة: أنّهم ذهبوا إلى إيمانه أيضاً، وكتبوا الكتب والبحوث في إثبات ذلك، كالبرزنجي، والأجهوري، وابن وحشي في شرحه لكتاب (شهاب الأخبار)، والتلمساني في (حاشية الشفاء)، والشعراني، وسبط ابن الجوزي، والقرطبي، والسبكي، وأبي طاهر، وغيرهم.
بل لقد حكم عدد منهم - كابن وحشي، والأجهوري، والتلمساني - بأنّ من أبغض أبا طالب فقد كفر، أو من يذكره بمكروه فهو كافر.
ونقل ابن أبي الحديد في شرحه للنهج عن بعض شيوخ المعتزلة، كابن قائم، والبلخي، وأبي جعفر الاسكافي، قولهم بذلك.
ويكفي ما دلَّ على إيمانه هو ما أُثر عنه من الأقوال والمواقف والأشعار التي تكشف عن إسلامه وإيمانه العميق بشخص الخاتم (صلى الله عليه وآله) وبرسالته وبعثته، والتي استقصاها كتاب (منية الراغب في إيمان أبي طالب)، وكذلك كتاب (أبو طالب مؤمن قريش) لمؤلفه عبد الله الخنيزي، إضافةُ إلى كتاب (الغدير) للعلاّمة الأميني في الجزء السابع والثامن منه، فإن فيه الغنى والكفاية.
المصدر: مجلة اليقين، العدد (48)، الصفحة (10).