الإمام المهدي (عليه السلام) يقتل ذراري قتلة الإمام الحسين (عليه السلام)

من أشدّ الظّلامات التي وقعت على أهل البيت (عليهم السلام)، والتي بكى لها سكّان السماوات والأرض واقعة الطفّ الأليمة التي استشهد فيها الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته (عليهم السلام) وصحبه بعد أن قُتلوا صبراً في رمضاء كربلاء على يد الدولة الأُموية الظالمة وأنصارها.

لذا كان التقدير الإلهي أن تكون حركة إصلاحية تُقوِّم ما أفسدته الدول المتعاقبة في الإسلام والمسلمين، وتعتبر حركة الإمام المهدي (عليه السلام) من أهم وأكبر الحركات الإصلاحية كمّاً ونوعاً كما دلَّت النصوص القرآنية والروائية عنها والتي فيها تُملأُ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما مُلِئَت ظلماً وجوراً، ويأخذ الإمام(عليه السلام) بثأر جدّه من قتلته وذراريهم.

وهنا يسأل بعض المشوشين فكرياً: كيف يقتل الإمام المهدي (عليه السلام) ذراري قتلة الحسين (عليه السلام) ولم يشاركوا في قتله كما فعل أجدادهم؟

وللردِّ على هذه الشّبهة نقول:

إنَّ الإمام الحجَّة(عليه السلام) هو الحاكم الشّرعي الأعلى في الأرض، وهو وليّ الدّم؛ فله إقامة القصاص الفردي والجماعي على المعتدين والظّالمين لآل البيت(عليهم السلام)، وقد نصَّت الكثير من الرّوايات على أنَّه(عليه السلام) هو الآخذ بثأر سيِّد الشّهداء(عليه السلام) حال ظهوره وبسط يده، ومن هذه الرّوايات ما روي عن الهروي، قال: (قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا(عليه السلام): يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ، مَا تَقُولُ فِي حَدِيثٍ رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ(عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ قَتَلَ ذَرَارِيَّ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) بِفِعَالِ آبَائِهَا»؟ فَقَالَ (عليه السلام): «هُوَ كَذَلِكَ»، فَقُلْتُ: وَقَوْلُ اللهِ (عَزَّ وَجَلَّ): (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى)[1]، مَا مَعْنَاهُ؟ قَالَ: «صَدَقَ اللهُ فِي جَمِيعِ أَقْوَالِهِ، وَلَكِنْ ذَرَارِيُّ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) يَرْضَوْنَ بِفِعَالِ آبَائِهِمْ وَيَفْتَخِرُونَ بِهَا، وَمَنْ رَضِيَ شَيْئاً كَانَ كَمَنْ أَتَاهُ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قُتِلَ بِالمَشْرِقِ فَرَضِيَ بِقَتْلِهِ رَجُلٌ بِالمَغْرِبِ لَكَانَ الرَّاضِي عِنْدَ اللهِ (عَزَّ وَجَلَّ) شَرِيكَ الْقَاتِلِ، وَإِنَّمَا يَقْتُلُهُمُ الْقَائِمُ (عليه السلام) إِذَا خَرَجَ لِرِضَاهُمْ بِفِعْلِ آبَائِهِمْ»[2].

والرواية واضحة الدّلالة على أنَّ الإمام المنتظر (عليه السلام) يأخذ بثأر الإمام الحسين (عليه السلام) حال خروجه من قتلة سيد الشّهداء (عليه السلام)، سواء أكانوا من بني أُميَّة أو من أنصارهم الذين ساروا على النهج الشيطاني ذاته في القتل والتنكيل بأتباع آل البيت (عليهم السلام) من جهة، أو لأنَّهم رضوا وافتخروا بذلك الفعل الشنيع، ولو أنَّهم تمكَّنوا من قتل الحسين (عليه السلام) ثانيةً لقتلوه، فاستحقّوا بذلك القتل.

لعلهم بقناعتهم ورضاهم بفعل أجدادهم يقفون مع أعداء الإمام (عليه السلام) ويحاربوه فيستحقون بذلك القتل.

المصدر: مجلة اليقين، العدد (61)، الصفحة (10).

 


[1] الأنعام: ١٦٤.

[2] بحار الأنوار ٤٥: ٢٩٥/ ط بيروت؛ العيون ١: ٢٧٣؛ علل الشرائع ١: ٢١٩.