لما رجع ركب آل محمد (صلى الله عليه وآله) بعد واقعة الطف إلى المدينة المنورة تلقّت أم البنين الناعي بشر بن حذلم بعد وروده المدينة ينعى الحسين (عليه السلام) وأصحابه تسأله عن الحسين (عليه السلام) فتعجب من سؤالها فكيف تسأل عن الحسين (عليه السلام) وهو ينعاه، لذلك سأل عنها، فقالوا له: إنها أم البنين، فقال: يحق لها أن تفعل ذلك وأخذ ينعى إليها أولادها الأربعة فقالت له: قطّعت نياط قلبي، أولادي ومن تحت الخضراء كلهم فداء لأبي عبد الله الحسين (عليه السلام). ولما دخلت نساء أهل البيت (عليهم السلام) إلى المدينة بعد قتل الحسين (عليه السلام) والرجوع من السبي أقمن العزاء في بيتها، فلمّا دخلت السيّدة زينب (عليها السلام)، والتقت نظراتها بنظرات أمّ البنين صاحت: وا أخاه! وا عباساه! فأجابتها أمّ البنين: وا ولداه! واحسيناه! ولم تكن أم البنين قد حضرت كربلاء لكنّ حزنها لم ينقطع على الحسين وإخوته (عليهم السلام) وكانت تذهب كل يوم إلى البقيع ترثيهم بتفجّع، حتى إنّ مروان على قساوة قلبه كان يبكي لرثائها، وكانت تخاطب النساء اللاتي ينادينها أم البنين: (لا تدعونّي ويكِ أم البنين...)، ولم يخبُ أنينها حتى فارقت الدنيا بلوعة.