بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربَّ العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمد سيّد الخلق وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم من الأولين والآخرين.
يمتاز شهر شعبان المبارك بكثرة الولادات الطاهرة فيه، ففيه ولادة إمامنا الحسين (عليه السلام) وولادة إمامنا زين العابدين (عليه السلام) وولادة أبي الفضل العباس (عليه السلام) وولادة عليّ الأكبر (عليه السلام) وولادة منقذ البشرية ومخلصها من براثن الشرك والأهواء الحجة بن الحسن (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، وهو الشهر الوحيد من بين الأشهر القمرية لم تقع فيه مناسبة حزينة من وفيات المعصومين (عليهم السلام) أو أحد أبنائهم (عليهم السلام)، لذا نجد المؤمنين من أتباع أهل البيت (عليهم السلام) يتنفسون الفرح والسعادة بهذا الشهر الكريم، ابتهاجاً بالولادة الميمونة لا سيّما ولادة بقيّة الله في الأرضين (عليه السلام) بالخصوص، هذه الولادة التي يمتزج فيها عنصر السعادة وانتظار الفرج، فيشكِّلان هذان العنصران روح الأمل لدى المنتظرين لتلك الطلعة الرشيدة والغرّة الحميدة، هذه الولادة التي اقترنت مع أعظم ليلة بعد ليلة القدر (ليلة النصف من شعبان)، والتي جعلها الله تعالى لأهل بيت النبوّة (عليه السلام) ما بإزاء ليلة القدر التي خصّها الله بها نبيّنا الأكرم (صلى الله عليه وآله)، فقد قال إمامنا الصادق (عليه السلام): (إنَّهَا اللَّيلَةُ الَّتي جَعَلَهَا اللهُ لَنا أهلَ البَيتِ، بِإِزاءِ ما جَعَلَ لَيلَةَ القَدرِ لِنَبِيِّنا (صلى الله عليه وآله)، فَاجتَهِدوا فِي الدُّعاءِ وَالثَّناءِ عَلَى اللهِ عزَّ وجلَّ)[1]، فازدانت فضيلة تلك الليلة بفضيلة أُخرى زادتها بركة وعظمة فتشعبت الخيرات، لكن -ومع الأسف الشديد- أن الكثير من المسلمين ومن أتباع اهل البيت (عليهم السلام) لا يعون أسباب تقدس هذه الليلة المباركة بذينك السببين (الولادة الميمونة وفضيلة ليلة النصف)، فأمّا المسلمون من الطوائف الأخرى فكل بساطة أنّهم يرمون المسلمين الشيعة بالبدعة، ويتجاوزون على صاحب الذكرى (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ويصفونه بأوصاف هي بالحقيقة تجاوز على كتاب الله ورسوله (صلى الله عليه وآله)، لأنّ المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) قد ذكره القرآن والنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وأما بالنسبة لبعض شيعة أهل البيت (عليهم السلام) وخصوصاً أولئك الذين يحتفلون بالقرب من مرقد صاحب الامر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) والزمان في كربلاء المقدّسة، فإنّهم ينأون بأنفسهم عن ليلة عظيمة بحقيقتها وفضيلتها وأجرها ومولودها، فينساقون وراء تصرفات بعيدة كل البعد عن روح التعبّد والدعاء في أجواء هذه الليلة المباركة، وبعيدة عن روح الانتظار الذي هو أفضل أعمال أمّة الخاتم (صلى الله عليه وآله)! فليكن فرحنا في هذه الليلة فرحاً بالفوز برضا الله تعالى ورضا صاحب الأمر والزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف).
مجلة اليقين العدد (49)