يجد العامل حلاوة عمله وساعات تعبه وشقائه عندما يُكلّل ذلك العمل بأجره المادي، ويجد الساعي حلاوة سعيه عندما يدرك هدفه، وينتعش ذلك الفلاح المزارع عندما يرى غرز يده قد أينع وحان قطافه، وتغمره السعادة ذلك الذي خطّط وبحث وجدّ واجتهد حتى وصل إلى غايته ومراده، ويعيش الفرحة والسرور ذلك الطالب الذي تأتيه لحظة إعلان نجاحه وارتداء زي التخرج، هكذا حال المؤمن المخلص المتفاني في طاعة الله تعالى عندما خاض غمار الشهر الفضيل، وتعبد لله تعالى في صيامه وقيامه وقراءته وذكره، وأجهد نفسه بالصيام الشاق حال كونه عاملاً كادحاً يخوض معارك الحياة وتفاصيلها المتشعبة، فهو على ذلك الحال ينتظر جوائز الله جلّ قدره ساعة إعلانها ليلة العيد أو يومه؛ (وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)[1]، بعدها يطمئن قلبه أن سعيه لم يكن سدى، ولم يذهب إدراج الرياح، بل تكلّل التعب بما يزيل آثاره، وختمت عباداته بختام المسك، واستلم جوائزه قبل أن يجفّ عرقه، هذا يوم، وذاك يوم عندما يجتمع المخلصون في رضوان الله تعالى، (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)[2]، وهناك يوم آخر ينتظره الأنبياء والمرسلون(عليهم السلام)، ويتوق له كل مؤمن ومؤمنة، ويترقب فجره كل مظلوم ومكلوم، ذلك اليوم هو اليوم الموعود، يومٌ يبسط الله تعالى في أرجاء الأرض قسطه وعدله، بعد أن ملئت ظلماً وجوراً، عند ذلك يفرح المؤمنون بنصر الله تعالى على يدي صاحب الأمر والزمان(عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فيفطر المؤمنون في كل مكان على هلال الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة، ويُعلن عن عيد الله الحقيقي بنشر العدل والقسط، بعد أن صامت البشرية أزماناً ودهوراً، (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ)[3].
مجلة اليقين العدد (63)