بسم الله الرحمن الرحيم
مدينة الطائف هي من المدن المهمة، التي تقع على المُنحدرات الشرقية لجبال السّروات على ارتفاع 1700م فوق سطح البحر وتبعد عن مكة المكرمة 68كم، وتبلغ مساحتها نحو 1036 كيلومتراً مربعاً.
ويتميز موقع الطائف بأنه ملتقى للطرق الرئيسية القادمة من الجنوب والشمال والشرق والغرب، وقد أكسبها ذلك سمعة سياحية وتجارية وزراعية وعسكرية منذ القدم، وتشتهر الطائف بالزراعة ففيها تزرع بعض الفواكه كالرّمان والعنب والمشمش والتين الشوكي.
وأما سبب تسميتها بالطائف فقد اختلفت الروايات والحكايات، فعن أحمد بن محمد قال: قال أبو الحسن (عليه السلام): (أتدري لم سميت الطائف؟ قلت: لا، قال: إن إبراهيم (عليه السلام) لما دعا ربه أن يرزق أهله من الثمرات قطع لهم قطعة من الأردن ـ اسم جبل بالشام ـ فأقبلت حتى طافت بالبيت سبعاً ثم أقرها الله في موضعها وإنما سميت الطائف للطواف بالبيت). [1]
وقيل: سميت الطائف لأنها في طوفان نوح (عليه السلام) انقطعت من الشام وحملها الماء وطافت بالأرض حتى أرست في هذا الموضع.
وقيل: كانت تسمى قديماً «وج»، وسميت «الطائف» لما أطيف عليها الحائط، وهي ناحية ذات نخيل وأعناب ومزارع وأودية، وهي على ظهر جبل غزوان. [2]
وورد في جامع الأصول في أحاديث الرسول أنها إنما سميت بالطائف للحائط الذي بنته حولها ثقيف في الجاهلية، يقول أبو طالب عم الرسول (صلى الله عليه وآله) مادحاً قومه في حماية الكعبة مستشهداً بأهل الطائف ببناء الحائط للحماية من المهاجمين:
حمينــا بيتنـــا من كل شرٍ كما احتمت بطـائفها ثقيف
أتاهم معشرٌ كي يسلبوهم فحلت دون ذلكم السيوفُ
أسباب الهجرة:
لقد فقد النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله) والمسلمون نصيراً قوياً، وركناً شديداً من أركان الحماية المنيعة القائمة بوجه قريش وهو أبو طالب(عليه السلام)فقد دافع عن النبي(صلى الله عليه وآله)، وعن دعوته الإلهية، بيده ولسانه، وولده، وعشيرته، وكل مواهبه وطاقاته، وضحّى من أجله بمركزه وماله وعلاقاته الاجتماعية، فاعتقدت قريش أنه(صلى الله عليه وآله) سيضعف عزمه عن مواصلة جهوده، بعد أن مات ناصره، فنالته بعد وفاة شيخ الأبطح بأنواع الأذى، مما عجزت عنه في حياة عمّه العظيم، ووجدت الفرصة للتنفيس عن حقدها، وصبّ جام غضبها على ذلك الذي ترى فيه سبباً لكل مشاكلها ومتاعبها، فأخذ مشركو قريش يسومون الرسول(صلى الله عليه وآله) والمسلمين أبشع أنواع الاضطهاد، واشتد الضغظ عليهم، ومن هنا فقد كان لا بد من تحرك جديد، يعطي للدعوة دفعة جديدة، ويجعلها أكثر حيوية، وأكثر قدرة على مواجهة الأخطار المحتملة، لذا كان من الطبيعي أن يبحث الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) عن مكان آخر تتوفر له فيه حرية الحركة، والدعوة إلى الله، بعيداً عن إيذاء قريش ومكائدها وإيجاد وسيلة لرفع هذا الضغط عن المسلمين. فكان كل ذلك وسواه دافعاً إلى الهجرة، وله(صلى الله عليه وآله) هجرات إلى بعض القبائل قبل الطائف كما ينقل المعتزلي في شرح النهج: ج4، ص128، أولها خروجه إلى بني عامر بن صعصعة ومعه علي(عليه السلام)وحده، فعرض نفسه عليهم وسألهم النصر وتلا عليهم القرآن، فلم يجيبوه، فعادا إلى مكة، وكانت مدة غيبته في هذه الهجرة عشرة أيام، وهي أول هجرة هاجرها بنفسه.
وروى عن المدائني في كتاب الأمثال عن المفضل الضبي: أن رسول الله لما خرج عن مكة يعرض نفسه على قبائل العرب، خرج إلى ربيعة، ومعه علي(عليه السلام) وأبو بكر، وفي هذه الهجرة حصلت حادثة طريفة بين أبي بكر وغلام أسمه دغفل من ربيعة حيث أن الغلام أفحم أبا بكر فيها لا يسع المجال لذكرها. [3]
ثم هاجر(صلى الله عليه وآله) إلى بني شيبان، فما اختلف أحد من أهل السيرة أن علياً(عليه السلام) وأبا بكر كانا معه، وأنهم غابوا عن مكة ثلاثة عشر يوما، ولما لم يجدوا عند بني شيبان ما أرادوا من النصرة عادوا إلى مكة.
بعد ذلك استقر اختياره(صلى الله عليه وآله) على الطائف؛ وذلك لأنها منطقة جبلية لا تبعد عن مكة كثيراً، ومناخها معتدل صيفاً وشتاءً، وفيها خصائص اقتصادية وتجارية جيدة، فكانت تنتج التمور والحبوب والرمان وغيرها من المواد، إلى غيرها من المؤهلات التي دعت الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) لاختيارها، فصمم على الهجرة إليها لكي يؤسس قاعدة للمسلمين هناك، وأخذ يدعو أهلها إلى الإسلام.
بداية الهجرة إلى الطائف:
بعد أن أذن الله لرسوله(صلى الله عليه وآله) بالخروج من مكة إذ قد مات ناصره؛ خرج إلى الطائف، ومعه علي(عليه السلام)، وفي رواية أبي الحسن المدائني وزيد بن حارثة، وذلك لليالٍ بقين من شهر شوال في السنة العاشرة للبعثة، فأقام في الطائف عشرة أيام، وقيل: شهراً، لا يدع من أشرافهم أحداً إلا جاءه، وكلمه، فلم يجيبوه، وخافوا على أحداثهم؛ فطلبوا منه أن يخرج عنهم، وأغروا به سفهاءهم؛ فجلسوا له في الطريق صفين، يرمونه بالحجارة، وعلي(عليه السلام) يدافع عنه، حتى شج في رأسه.
موقف أهل الطائف من هجرة الرسول(صلى الله عليه وآله) إليهم وأسبابه:
لم يكن رد أهل الطائف على رسول الله(صلى الله عليه وآله) بأفضل من رد أهل مكة؛ وذلك لأن أهل الطائف تربطهم علاقات تجارية وعقائدية وثيقة مع أهل مكة، مضافاً إلى صلة القربى بينهما، فهم يرون مصيرهم مرتبطاً اقتصادياً واجتماعياً بغيرهم، لاسيما أهل مكة، وهم بحاجة إلى التقرب والتزلف إليهم، واستجلاب محبتهم ورضاهم، لما يتمتع به أهل مكة من مكانة عند العرب، وحتى لا يتعرضوا لضغط اجتماعي، أو حصار اقتصادي ـ كما جرى لبني هاشم ـ من قبل من يحيط بهم، لا سيما من المكيين، حيث السوق الرئيس لمنتجاتهم.
ثم إنه قد كان لهم صنم يقال له اللات، وكان له سدنة، ويزوره العرب فكانت لهم مكانة دينية أيضاً بين العرب يهتمون جداً بالمحافظة عليه، وبقبولهم لدعوة النبي(صلى الله عليه وآله) سيفقدون هذه الميزة.
ومن هذا وذاك، نعرف السر في أنهم كانوا أشداء في مواجهة النبي(صلى الله عليه وآله)، وحريصين على إخراجه من بينهم بسرعة.
ويجدر الإشارة هنا: إلى أن عروة بن مسعود الثقفي كان كبيرا في قومه بالطائف وحتى عند قريش وهو أحد العظيمين اللذين عنتهما قريش كما حكى القران ذلك في الآية الشريفة: (وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ)[4]، وهو جد علي الأكبر بن الحسين(عليهما السلام) من جهة أمه، آمن بالنبي(صلى الله عليه وآله)، واستأذنه في أن يرجع إلى قومه يدعوهم إلى الإسلام، فأذن له، فرجع فدعاهم إلى الإسلام فخالفوه ورماه أحدهم بسهم فقتله، فبلغ خبر قتله النبي(صلى الله عليه وآله) فقال: «هذا مثله كمثل صاحب يس قالَ: يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ».[5]
إلا أن أهل الطائف أسلموا بعد ذلك في أواخر حياة النبي(صلى الله عليه وآله) فوفدوا عليه(صلى الله عليه وآله) في عام الوفود، ولم يؤمنوا إلا بعد أن أدركوا: أنه لا طاقة لهم بحرب من حولهم من العرب، فلا يخرج لهم مال إلا نُهب، ولا إنسان إلا أُخذ.. [6]
الإسلام دين الفطرة:
إننا نلاحظ أن أهل الطائف قد خافوا على أحداثهم من دعوة النبي(صلى الله عليه وآله)، رغم أن النبي(صلى الله عليه وآله) لم يقم بينهم سوى فترة قصيرة جداً، الأمر الذي يؤكد على أن الإسلام كان يجد سبيله بيسر وسهولة إلى العقول الصافية والنفوس البريئة وينسجم مع الفطرة السليمة، التي لم تتلوث بعد بالمفاهيم المنحرفة، ولم تطغ عليها المصالح الشخصية، والعواطف القبلية، وغير ذلك.
وكيف لا يجد سبيله إليها بيسر، وهو الدين القائم على الدليل والبرهان العقلي، والمنسجم مع الفطرة، وهو دين الضمير والوجدان الحي، وهنا أمور يجدر الإشارة إليها:
1- شخصية الرسول (صلى الله عليه وآله) المتميزة وما يتمتع به من أخلاق رفيعة، وعطف وحنو كما عبر القران الكريم في الآية الكريمة: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)[7]، مما جعل له مقبولية خصوصاً عند الشباب (والمعبر عنهم بالأحداث)، حيث تعتبر قاعدة الشباب ذات أهمية ودور كبيرين في بناء حضارة الأمم والشعوب.
2- طريقة النبي(صلى الله عليه وآله) في الدعوة إلى الإسلام برفق ولين، حتى قال الله تعالى فيه: (وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)[8].
3- اعتماد النبي(صلى الله عليه وآله) على اسلوب الدليل سواء العقلي أو غيره، بحيث لا يبقى مجال للطرف الآخر للطعن وعدم الاعتراف، لذا نجد أن المعاند عندما لا يجد ما يدفع به الحجة البالغة يلجأ إلى تشويه الحق ونشر الأباطيل، وهذا ما قامت به قريش تجاه دعوة النبي(صلى الله عليه وآله) فكانوا ينشرون الأكاذيب والأباطيل في القبائل ومنها أهل الطائف، وهذا عينه ما نجده اليوم من الأعداء تجاه مذهب أهل البيت(عليهم السلام) الطائفة المحقة، حيث يحاولون نشر الكذب والأفتراءات حول أتباع أهل البيت (عليهم السلام) وقتلهم وتشريدهم، وما يحصل اليوم في بلدنا العزيز إلا صورة من تلك الصور التي عانى منها الإسلام وأهله: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)[9].
ونلاحظ أن أهل الطائف لم يمكنهم الرد على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومناقشته، بل طلبوا منه أن يخرج من بينهم، وحاولوا أن يشوهوا صورته في أذهان أولئك الذين استمعوا إليه، وفي أذهان الصغار وكل من يحتمل أن تؤثر فيه دعوته (صلى الله عليه وآله)، فاستعملوا ضده أساليب غير منطقية، تتميز بالإهانة والأذى، ثم السخرية والاستهزاء الجارح والمهين وهذا سلاح العاجز.
فقال بعضهم: اعلم أنه لا يقدر أن يصلحنا وهو قد أفسد قومه، فعمد إلى ثقيف بالطائف فوجد سادتهم جلوسا، وهم ثلاثة إخوة، فعرض عليهم الإسلام وحذرهم من النار وغضب الجبار.
فقال أحدهم: أنا أسرق ثياب الكعبة إن كان الله بعثك نبياً.
وقال آخر: يا محمد، عجز الله أن يرسل غيرك؟
وقال آخر: لا تكلموه إن كان رسولاً من الله كما يزعم، هو أعظم قدراً أن يكلمنا، وإن كان كاذباً على الله فهو أسرف بكلامه.
وجعلوا يستهزئون به، فجعل يمشي كلما وضع قدماً وضعوا له صخرة، فما فرغ من أرضهم إلا وقدماه تشخبان دماً.
والبعض الآخر كره أو تخوف من لقاء رسول الله(صلى الله عليه وآله) ـ حينما كان بالقرب من حائط من كرومهم (أي: بستان فيه العنب) كعتبة بن ربيعة وشيبة، وإن كان أصل هذه الحادثة فيها كلام ـ حيث يذكر: أن رسول الله(صلى الله عليه وآله) حينما كان جالساً مكروباً، بقرب حائط من كرومهم، وهو يدعو بهذا الدعاء: «اللهم، إني أشكو إليك غربتي وكربتي وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، أنت رب المكروبين، اللهم إن لم يكن لك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك أوسع لي، أعوذ بك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك، لا أحصي الثناء عليك، أنت كما أثنيتَ على نفسك، لك الحمد حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم». فأرسل عتبة بن ربيعة وشيبة غلاماً لهما يقال له: عداس وقالا له: خذ قطفين من العنب، وقدحا من الماء، واذهب بهما إلى ذلك الرجل، وإنه سيسألك أهدية أم صدقة، فإن قلت: صدقة لم يقبلها، بل قل له: هدية.
فمضى ووضعه بين يديه، فقال: هدية أم صدقة؟. فقال: هدية، فمد يده، وقال: بسم الله، وكان عداس نصرانياً، فلما سمعه عجب منه، وصار ينظره، فقال له: يا عداس من أين؟. قال: من أهل نينوى. قال: من مدينة الرجل الصالح أخي يونس بن متى. قال: ومن أعلمك؟ فأخبره بقصته، وبما أوحي إليه، فقال: ومن قبله؟ فقال: نوح ولوط، وأخبره بالقصة، فخر ساجدا لله، وجعل يقبل قدميه، هذا وسيداه ينظران إليه.
فقال أحدهما للآخر: سحر غلامك، فلما أتاهما قالا له: ما شأنك سجدت وقبلت يديه؟ فقال: يا أسيادي ما على وجه الأرض أشرف ولا ألطف ولا أخير منه. قالوا: ولم ذلك؟ قال: حدثني بأنبياء ماضية، ونبينا يونس بن متى، فقالا: يا ويلك فتنك عن دينك؟ فقال: والله إنه نبي مرسل. قالا له: ويحك عزمت قريش على قتله، فقال: هو والله يقتلهم ويسودهم ويشرفهم، إن تبعوه دخلوا الجنة، وخاب من لا يتبعه، فقاما يريدان ضربه فركض للنبي(صلى الله عليه وآله) وأسلم.[10]
إسلام نفر من الجن:
لما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) منصرفاً من الطائف إلى مكة، حتى إذا كان بموضع يقال له نخلة، قام في جوف الليل يصلي، فمر به نفر من جن أهل نصيبين فوجدوه يصلي ويتلو القرآن، فالتقى بهم، وقرأ عليهم القرآن فآمنوا به، ورجعوا إلى قومهم، مبشرين ومنذرين، فقص الله خبرهم في سورة الجن، قال تعالى: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً* يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً)[11] .[12]
ولكن الظاهر: أن قضية الجن قد كانت في أوائل البعثة؛ حيث إن الروايات تذكر: أنه لما بعث النبي(صلى الله عليه وآله) حيل بين الجن وبين استراق السمع في السماء، وأرسلت عليهم الشهب، ففهموا: أن ذلك إنما هو لحدث جرى في الأرض فعادوا إليها، وبحثوا عن الأمر، فوجدوا أن النبي(صلى الله عليه وآله) قد بعث، فاستمعوا القرآن وآمنوا، فنزلت الآية. وفي رواية أخرى: أن إبليس أرسل جنوده ليكشفوا له الأمر، فعادوا إليه بنبأ بعثته (صلى الله عليه وآله).
هل كانت هذه الهجرة فاشلة؟!.
ولربما يتساءل البعض: عن الفائدة لهذه الرحلة الفاشلة؟ وفي جوابه نقول: إن هذه الرحلة لم تكن فاشلة، كما يتصور البعض، فإن من الطبيعي أن تترك هذه الحادثة آثاراً إيجابية من نوع ما في أذهان من التقى بهم، وكلّمهم، وأن تثمر فيما بعد ثمارها المطلوبة والمرجوة منها، حيث أثّرت بشكل واضح في تهيئة الجو لإيمان ثقيف فيما بعد ذلك عندما قويت شوكة الإسلام، ولم تعد تخشى الضغوط الاقتصادية والاجتماعية عليها ممن حولها، ولا سيما من قريش بل أصبح الضغط من جانب المسلمين؛ لأن القبائل كانت تفد إلى النبي(صلى الله عليه وآله) فتعلن عن إسلامها، ويكتب لها كتاباً، ويشترط قطع العلاقات مع المشركين فأخافهم ذلك وأرعبهم.
وقد كانت قريش تشيع عن النبي(صلى الله عليه وآله) أنه مجنون أو ساحر، أو كاهن إلخ، فها هو(صلى الله عليه وآله) يتصل بالناس مباشرة، ويلمسون بأنفسهم حقيقة الأمر، ويتعرفون عن قرب على شخصيته وخصائصه، بحيث تسقط كل الإشاعات الكاذبة والمغرضة؛ وليصير الإيمان به وبرسالته وبنبوته أسهل وأيسر، وليصبح أكثر قوة وعمقاً ورسوخاً.
لتحميل الملف اضغط هنا
[1] الكافي: ج4، ص428.
[2] مراصد الاطلاع: ج2، ص877.
[3] راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج4، ص126.
[4] الزخرف: آية33.
[5] تفسير ابن أبي حاتم: ج10، ص3191.
[6] راجع: الكامل في التاريخ: ج2، ص283، السيرة النبوية لدحلان: ج3، ص9.
[7] التوبة: 128.
[8] آل عمران: 159.
[9] التوبة:32.
[10] حلية الأبرار: ج1 ص129، ومناقب آل أبي طالب: ج1، ص67 ، واللفظ للأول.
[11] سورة الجن: آية1-2.
[12] ذكر هذا المعنى الطبرسي في مجمع البيان: ج9، ص154، زبدة التفسير للكاشاني: ج6، ص338.