وفيه فصول:
تُقصَّر الصلاة الرباعيّة بإسقاط الركعتين الأخيرتين منها في السفر بشروط:
الأوّل: قصد قطع المسافة - بمعنى إحراز قطعها ولو من غير إرادة - وهي ثمانية فراسخ امتداديّة ذهاباً أو إياباً أو ملفّقة من الثمانية ذهاباً وإياباً، سواء اتّصل ذهابه بإيابه أم انفصل عنه بمبيت ليلة واحدة أو أكثر في الطريق أو في المقصد الذي هو رأس الأربعة ما لم تحصل منه الإقامة القاطعة للسفر أو غيرها من القواطع الآتية.
مسألة 884: الفرسخ ثلاثة أميال، والميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد، وهو من المرفق إلى طرف الأصابع، فتكون المسافة أربعاً وأربعين كيلو متراً تقريباً.
مسألة 885: إذا نقصت المسافة عن ذلك ولو يسيراً بقي على التمام، وكذا إذا شكّ في بلوغها المقدار المذكور أو ظنّ بذلك.
مسألة 886: تثبت المسافة بالعلم وبالبيّنة الشرعيّة وبالشياع وما في حكمه ممّا يفيد الاطمئنان، ولا يثبت بخبر الواحد وإن كان عدلاً ما لم يوجب الوثوق، وإذا تعارضت البيّنتان تساقطتا ووجب التمام، ولا يجب الاختبار وإن لم يستلزم الحرج، وإذا شكّ غير المجتهد في مقدار المسافة شرعاً وجب عليه إمّا الرجوع إلى المجتهد والعمل على فتواه أو الاحتياط بالجمع بين القصر والتمام، وإذا اقتصر على أحدهما وانكشف مطابقته للواقع أجزأه.
مسألة 887: إذا اعتقد كون ما قصده مسافة فقصّر فظهر عدمه أعاد، وأمّا إذا اعتقد عدم كونه مسافة فأتمّ ثُمَّ ظهر كونه مسافة أعاد في الوقت دون خارجه.
مسألة 888: إذا شكّ في كونه مسافة أو اعتقد العدم وظهر في أثناء السير كونه مسافة قصّر وإنْ لم يكن الباقي مسافة.
مسألة 889: إذا كان للبلد طريقان والأبعد منهما مسافة دون الأقرب فإن سلك الأبعد قصّر وإنْ سلك الأقرب أتمّ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون سفره من بلده إلى بلد آخر أو من بلد آخر إلى بلده أو غيره.
مسألة 890: إذا كان الذهاب خمسة فراسخ والإياب ثلاثة قصّر، وكذا في جميع صور التلفيق إذا كان الذهاب والإياب بمجموعهما ثمانية فراسخ.
مسألة 891: تحتسب المسافة من الموضع الذي يعدّ الشخص بعد تجاوزه مسافراً عرفاً وهو آخر البلد غالباً، وربّما يكون آخر الحيّ أو المحلّة في بعض البلاد الكبيرة جدّاً، وآخر المسافة لمن ىسافر إلى بلد غىر وطنه هو مقصده في ذلك البلد، لا أوّله.
مسألة 892: لا يعتبر توالي السير على النحو المتعارف، بل يكفي قصد السفر في المسافة المذكورة ولو في أيّام كثيرة، نعم لو كان يقطع في كلّ يوم شيئاً يسيراً جدّاً للتنزّه أو نحوه فالأحوط لزوماً الجمع بين القصر والتمام.
مسألة 893: يجب القصر في المسافة المستديرة إذا كان مجموع الذهاب والإياب ثمانية فراسخ، ولا فرق بين ما إذا كانت الدائرة في أحد جوانب البلد أو كانت مستديرة على البلد.
مسألة 894: لا بُدَّ من تحقّق القصد إلى المسافة في أوّل السير فإذا قصد ما دون المسافة وبعد بلوغه تجدّد قصده إلى ما دونها أيضاً، وهكذا وجب التمام وإن قطع مسافات، نعم إذا قصد ما دون المسافة عازماً على الرجوع وكان المجموع يبلغ ثمانية فراسخ لزمه التقصير، فطالب الضالّة أو الغريم أو العمل ونحوهم يتمّون، إلّا إذا حصل لهم في الأثناء قصد ثمانية فراسخ امتداديّة أو ملفّقة من الذهاب والإياب.
مسألة 895: إذا خرج إلى ما دون أربعة فراسخ ينتظر رفقة إن تيسّروا سافر معهم وإلّا رجع أتمّ، وكذا إذا كان سفره مشروطاً بأمر آخر غير معلوم الحصول، نعم إذا كان مطمئنّاً بتيسّر الرفقة أو بحصول ذلك الأمر قصّر .
مسألة 896: لا يعتبر في قصد السفر أن يكون مستقلّاً، فإذا كان تابعاً لغيره كالزوجة والخادم والأسير وجب التقصير، إذا كان قاصداً للمسافة تبعاً لقصد المتبوع، وإذا شكّ في قصد المتبوع بقي على التمام، والأحوط استحباباً الاستخبار من المتبوع ولكن لا يجب عليه الإخبار، وإذا علم في الأثناء قصد المتبوع، فإن كان الباقي مسافة ولو ملفّقة قصّر، وإلّا بقي على التمام.
مسألة 897: إذا كان التابع عازماً على مفارقة المتبوع قبل بلوغ المسافة أو متردّداً في ذلك بقي على التمام، وكذا إذا كان عازماً على المفارقة على تقدير حصول أمر محتمل الحصول - سواء أكان له دخل في ارتفاع المقتضي للسفر أو شرطه مثل الطلاق، أم كان مانعاً عن السفر مع تحقّق المقتضي له وشرطه - فإذا قصد المسافة واحتمل احتمالاً عقلائيّاً لا يطمئنّ بخلافه حدوث مانع عن سفره أتمّ صلاته، وإن انكشف بعد ذلك عدم المانع.
مسألة 898: يجب القصر في السفر غير الاختياريّ كما إذا أُلقي في قطار أو سفينة بقصد إيصاله إلى ما يبلغ المسافة وهو يعلم ببلوغه المسافة، أمّا إذا كان نائماً أو مغمى عليه مثلاً وسافر به شخص من غير سبق التفات فلا تقصير عليه.
الثاني: استمرار القصد ولو حكماً، فلا ينافيه إلّا العدول أو التردّد، فإذا عدل قبل بلوغ الأربعة إلى قصد الرجوع أو تردّد في ذلك وجب التمام، والأحوط لزوماً إعادة ما صلّاه قصراً إذا كان العدول قبل خروج الوقت، وقضاؤه إن كان بعد خروجه، والإمساك في شهر رمضان في بقيّة النهار وإن كان قد أفطر قبل ذلك، وإذا كان العدول أو التردّد بعد بلوغ الأربعة وكان عازماً على العود قبل إقامة العشرة بقي على القصر واستمرّ على الإفطار .
مسألة 899: يكفي في استمرار القصد بقاء قصد نوع السفر وإن عدل عن الشخص الخاصّ، كما إذا قصد السفر إلى مكان وفي الأثناء عدل إلى غيره فإنّه يقصّر إذا كان ما مضى مع ما بقي إليه بمقدار المسافة، وكذا إذا كان من أوّل الأمر قاصداً السفر إلى أحد البلدين من دون تعيين أحدهما، فإنّه يقصّر إذا كان السفر إلى كلٍّ منهما يبلغ المسافة.
مسألة 900: إذا قصد المسافة ثمّ تردّد في الأثناء ثُمَّ عاد إلى الجزم فإن كان ما بقي مسافة ولو ملفّقة قصّر في صلاته، وكذا إذا لم يكن الباقي مسافة ولكنّه يبلغها إذا ضمّ إليه مسيره الأوّل قبل التردّد - بعد إسقاط ما تخلّل بىنهما ممّا قطعه حال التردّد - وإن كان الأحوط استحباباً في هذه الصورة أن يجمع بين القصر والإتمام.
الثالث: أن يحرز عدم تحقّق شيء من قواطع السفر في أثناء المسافة وهي كما سيأتي تفصيلها: المرور بالوطن والنزول فيه، وقصد الإقامة عشرة أيّام، والتوقّف ثلاثين يوماً في محلّ متردّداً، فلو خرج قاصداً طيّ المسافة الامتداديّة أو التلفيقيّة وعلم أنّه يمرّ بوطنه وينزل فيه أثناء المسافة، أو أنّه يقيم أثنائها عشرة أيّام لم يشرع له التقصير من الأوّل، وكذلك الحال فيما إذا خرج قاصداً السفر المستمرّ ولكن احتمل احتمالاً لا يطمئنّ بخلافه عروض ما يوجب تبدّل قصده على نحو يلزمه أن ينوي الإقامة عشرة، أو المرور بالوطن والنزول فيه أو البقاء أثناءه في محلّ ثلاثين يوماً متردّداً فإنّه في جميع ذلك يتمّ صلاته من أوّل سفره وإن لم يعرض ما احتمل عروضه، وإذا اطمأنّ من نفسه أنّه لا يتحقّق شيء من ذلك قصّر صلاته وإن احتمل تحقّقه ضعيفاً كواحد في المائة.
الرابع: أن لا يكون السفر معصىة ولا ىكون للصىد لهواً، فإذا كان حراماً لم يقصّر سواء أكان حراماً بنفسه كسفر الزوجة بدون إذن الزوج لغير أداء الواجب، أم لغايته كالسفر لقتل النفس المحترمة أو للسرقة أو للزناء أو لإعانة الظالم في ظلمه ونحو ذلك، ومثله ما إذا كانت الغاية من السفر ترك واجب، كما إذا كان مديوناً وسافر فراراً من أداء الدين مع وجوبه عليه فإنّه يجب فيه التمام، وأمّا إذا كان السفر ممّا يتّفق في أثنائه وقوع الحرام أو ترك الواجب - كالغيبة وشرب الخمر وترك الصلاة ونحو ذلك - من دون أن يكون الحرام أو ترك الواجب غاية للسفر فيجب فيه القصر .
مسألة 901: إذا سافر على السيّارة المغصوبة مثلاً بقصد الفرار بها عن المالك أتمّ صلاته، وكذا إذا سافر في الأرض المغصوبة.
مسألة 902: إباحة السفر شرط في الابتداء والاستدامة، فإذا كان ابتداء سفره مباحاً وفي الأثناء قصد المعصية أتمّ حينئذٍ، وأمّا ما صلّاه قصراً سابقاً فلا تجب إعادته، وإذا رجع إلى قصد المباح قصّر في صلاته وإن لم يكن الباقي مسافة.
مسألة 903: إذا كان ابتداء سفره معصية فعدل إلى المباح قصّر في صلاته سواء أكان الباقي مسافة أم لا.
مسألة 904: الراجع من سفر المعصية يقصّر إذا لم يكن الرجوع بنفسه من سفر المعصية، ولا فرق في هذا بين من تاب عن معصيته ومن لم يتب، كما لا فرق بىن كون الرجوع بمقدار المسافة أو لا.
مسألة 905: إذا سافر لغاية ملفّقة من أمر مباح وآخر حرام أتمّ صلاته، إلّا إذا كان الحرام تابعاً غير صالح للاستقلال في تحقّق السفر فإنّه يقصّر عندئذٍ.
مسألة 906: إذا سافر للصيد لهواً - كما يستعمله أبناء الدنيا - أتمّ الصلاة في ذهابه، وقصّر في إيابه إذا كان وحده مسافة ولم يكن كالذهاب للصيد لهواً، أمّا إذا كان الصيد لقوته وقوت عياله أو للتجارة فحكمه التقصير، ولا فرق في ذلك بين صيد البرّ والبحر، والأحوط لزوماً في غىر السفر للصىد اللهويّ ـــ من السفر الذي ىعدّ باطلاً ولو بلحاظ المقاصد العقلائىّة ـــ الجمع بىن القصر والتمام.
مسألة 907: التابع للجائر في سفره إذا كان مكرهاً على ذلك أو كان بقصد غرض صحيح كدفع مظلمة عن نفسه أو عن غيره يقصّر، وإلّا يتمّ إذا كان على وجه يعدّ من أتباعه وأعوانه في جوره، فإذا كان سفر الجائر مباحاً فالتابع يتمّ والمتبوع يقصّر .
مسألة 908: إذا شكّ في كون السفر معصية أو لا مع كون الشبهة موضوعيّة فمقتضى الأصل هو الإباحة فيقصّر، إلّا إذا كانت الحالة السابقة هي الحرمة أو كان هناك أصل موضوعيّ يحرز به الحرمة فلا يقصّر .
مسألة 909: إذا كان السفر في الابتداء معصية فقصد الصوم ثُمَّ عدل في الأثناء إلى الطاعة، فإن كان العدول قبل الزوال وجب الإفطار، وإن كان العدول بعد الزوال وكان في شهر رمضان فالأحوط وجوباً أن يتمّه ثُمَّ يقضيه، ولو انعكس الأمر بأن كان سفره طاعة في الابتداء وعدل إلى المعصية في الأثناء فإن لم يأتِ بالمفطر فالأحوط وجوباً أن يصوم ثُمَّ يقضيه سواء أكان ذلك قبل الزوال أم بعده، ولو كان ذلك بعد فعل المفطر فالأحوط وجوباً أن يمسك في بقيّة النهار تأدّباً إن كان في شهر رمضان، وعليه القضاء.
الخامس: أن لا يكون كثير السفر إلى حدّ المسافة وإلّا أتمّ صلاته، وهذا في ثلاثة موارد:
1. من يتّخذ العمل السفريّ مهنة له، كالسائق والملّاح ومساعديهما.
2. من يكون السفر مقدّمة لمهنته، كمن يقيم في مكان ويسافر إلى مكان آخر في كلّ يوم مثلاً لممارسة مهنته من طبابة أو تجارة أو تدريس أو غير ذلك.
3. من يتكرّر منه السفر لغرض آخر، كمن يسافر يوميّاً للتنزّه أو للعلاج أو للزيارة ونحو ذلك.
فهؤلاء جميعاً يتمّون الصلاة في سفرهم مع صدق عنوان (كثير السفر ) عليهم عرفاً، ولكن المناط في المورد الأوّل بالكثرة التقديريّة، فالسائق ونحوه يتمّ الصلاة وإن لم يكثر السفر منه بعدُ إذا كان عازماً على ذلك - كما سيجيء - وأمّا في الموردين الثاني والثالث فتعتبر الكثرة الفعليّة وسيأتي بيان ضابطها.
مسألة 910: إذا اختصّ عمله بالسفر إلى ما دون المسافة قصّر إن اتّفق له السفر إلى المسافة ولو كان في عمله، وأمّا إذا كان عمله السفر إلى مسافة معيّنة كالسائق من النجف إلى كربلاء واتّفق له تأجير سيّارته إلى غيرها فيبقى على التمام.
مسألة 911: لا يعتبر في وجوب التمام على من اتّخذ العمل السفريّ مهنة له تكرّر السفر منه ثلاث مرّات، بل متى ما صدق عليه عنوان السائق أو نحوه يجب عليه التمام، نعم إذا توقّف صدقه على تكرار السفر يجب التقصير قبله.
مسألة 912: إذا سافر من اتّخذ العمل السفري مهنة له سفراً ليس من عمله ولا متعلّقاً به كما إذا سافر السائق للزيارة أو الحجّ وجب عليه القصر، ومثله ما إذا اصطدمت سيّارته مثلاً فتركها عند من يصلحها ورجع إلى أهله فإنّه يقصّر في سفر الرجوع، نعم إذا لم يتهيّأ له تأجير سيّارته في رجوعه فرجع إلى أهله بسيّارته خالية من الركّاب مثلاً كان حكمه التمام في رجوعه أيضاً، فالتمام يختصّ بالسفر الذي هو عمله أو متعلّق بعمله، هذا مع عدم تحقّق الكثرة الفعليّة في حقّه - وسيأتي ضابطها - وإلّا فحكمه التمام ولو في السفر الذي لا يتعلّق بعمله.
مسألة 913: إذا كان كثير السفر في شهور معيّنة من السنة أو فصل معيّن منها، كالذي يؤجر سيّارته بين مكّة وجدّة في شهور الحجّ فقط أو يجلب الخضر من الريف إلى المدينة في فصل الصيف فقط أتمّ الصلاة في سفره في المدّة المذكورة، أمّا في غيرها من الشهور والفصول فيقصّر إذا اتّفق له السفر .
مسألة 914: الحملداريّة الذين يسافرون إلى مكّة في أيّام الحجّ في كلّ سنة ويقيمون في بلادهم بقيّة أيّام السنة يختلف حالهم في جريان حكم من عمله السفر عليهم وعدمه، فإنّه إذا كان سفرهم يستغرق ثلاثة أشهر فما زاد كان حكمهم التمام، وإذا كان لا يستغرق أزىد من شهرىن كان حكمهم القصر، وإن كان فيما بين ذلك فالأحوط لزوماً لهم الجمع بين القصر والتمام.
مسألة 915: يتوقّف صدق عنوان (السائق) مثلاً على العزم على مزاولة مهنة السياقة مرّة بعد أُخرى على نحو لا يكون له فترة غير معتادة لمن يتّخذ تلك المهنة عملاً له، وتختلف الفترة طولاً وقصراً بحسب اختلاف الموارد، فالذي يسوق سيّارته في كلّ شهر مرّة من النجف إلى خراسان يصدق أن عمله السياقة، وأمّا الذي يسوق سيّارته في كلّ ليلة جمعة من النجف إلى كربلاء فلا يصدق في حقّه ذلك، وهذا الاختلاف ناشئ من اختلاف أنواع السفر، والمدار العزم على توالي السفر من دون تخلّل فترة تضرّ بصدق عنوان السائق أو الملّاح أو نحوهما.
هذا فيمن اتّخذ العمل السفريّ مهنة له، وأمّا غيره ممّن يتكرّر منه السفر خارجاً لكونه مقدّمة لمهنته أو لغرض آخر فتتحقّق كثرة السفر في حقّه إذا كان يسافر في كلّ شهر ما لا يقلّ عن عشر مرّات من عشرة أيّام منه، أو يكون في حال السفر فيما لا يقلّ عن عشرة أيّام من الشهر ولو بسفرتين أو ثلاثة، مع العزم على الاستمرار على هذا المنوال مدّة ستّة أشهر من سنة واحدة أو مدّة ثلاثة أشهر من سنتين فما زاد، وأمّا إذا كان يسافر في كلّ شهر سبع مرّات أو يكون مسافراً في سبعة أيّام منه فما دون فحكمه القصر، ولو كان يسافر ثمان أو تسع مرّات في الشهر الواحد أو يكون مسافراً في ثمانية أيّام منه أو تسعة فالأحوط لزوماً أن يجمع بين القصر والتمام.
مسألة 916: إذا كان يسافر في بعض الشهور الستّة في سنة واحدة أو الشهور الثلاثة في أكثر من سنة ثمان مرّات وفي البعض الآخر اثني عشرة مرّة مثلاً جرى عليه حكم كثير السفر إذا كان المجموع يبلغ الستّين سفرة في الفرض الأوّل أو الثلاثين سفرة في الفرض الثاني.
مسألة 917: إذا أقام كثير السفر في بلده عدّة أيّام لم ينقطع عنه حكم كثرة السفر ولو بلغت العشرة فيتمّ الصلاة بعدها حتّى في سفره الأوّل، وكذلك إذا أقام في غير بلده عشرة منويّة، ولا فرق فيما ذكر بين المكاري وغيره وإن كان الأحوط استحباباً له الجمع بين القصر والإتمام في سفره الأوّل.
السادس: أن لا يكون ممّن بيته معه، بأن لا يكون له مسكن يستقرّ فيه وإلّا أتمّ صلاته ويكون بيته بمنزلة الوطن، ولو كانت له حالتان كبعض أهل البوادي حيث يكون له مقرّ في الشتاء يستقرّ فيه ورحلة في الصيف يطلب فيها العشب والكلأ، كان لكلٍّ منهما حكمه فيقصّر لو خرج إلى حدّ المسافة في الحالة الأُولى ويتمّ في الحالة الثانية، نعم إذا سافر من بيته لمقصد آخر كحجّ أو زيارة أو لشراء ما يحتاج من قوت أو حيوان أو نحو ذلك قصّر، وكذا إذا خرج لاختيار المنزل أو موضع العشب والماء، أمّا إذا سافر لهذه الغايات ومعه بيته فيتمّ.
مسألة 918: السائح في الأرض الذي لم يتّخذ وطناً منها يتمّ، وكذا إذا كان له وطن وخرج معرضاً عنه ولم يتّخذ وطناً آخر بحيث عدّ ممّن بيته معه، وإلّا وجب عليه القصر .
السابع: أن يصل إلى حدّ الترخّص فلا يجوز التقصير قبله، وهو المكان الذي يتوارى فيه المسافر عن أنظار أهل بلده بسبب ابتعاده عنهم، وعلامة ذلك غالباً تواريهم عن نظره بحيث لا يراهم، ولا يلحق محلّ الإقامة والمكان الذي بقي فيه ثلاثين يوماً متردّداً بالوطن، فيقصِّر فيهما المسافر صلاته بمجرّد شروعه في السفر، وإن كان الأحوط استحباباً فيهما الجمع بين القصر والتمام فيما بين البلد وحدّ الترخّص.
مسألة 919: المدار في عين الرائي وصفاء الجوّ بالمتعارف مع عدم الاستعانة بالآلات المتداولة لمشاهدة الأماكن البعيدة.
مسألة 920: لا يعتبر حدّ الترخّص في الإياب كما يعتبر في الذهاب، فالمسافر يقصّر في صلاته حتّى يدخل بلده ولا عبرة بوصوله إلى حدّ الترخّص، وإن كان الأولى رعاية الاحتياط بتأخير الصلاة إلى حين الدخول في البلد أو الجمع بين القصر والتمام إذا صلّى بعد الوصول إلى حدّ الترخّص.
مسألة 921: إذا سافر من بلده وشكّ في الوصول إلى حدّ الترخّص بنى على عدمه فيبقى على التمام.
مسألة 922: إذا اعتقد الوصول إلى الحدّ فصلّى قصراً، ثُمَّ بانَ أنّه لم يصلْ بطلت ووجبت الإعادة قبل الوصول إليه تماماً وبعده قصراً، فإن لم يعد وجب عليه القضاء، ويلاحظ فيه وظيفته حال الفوت.
مسألة 923: إذا سافر من وطنه وجاز عن حدّ الترخّص ثُمَّ في أثناء الطريق رجع إلى ما دونه لقضاء حاجة فما دام هناك يجب عليه التمام، وإذا جاز عنه بعد ذلك وجب عليه القصر ما لم ىعدل عن نىّة السىر إلى المسافة، وإذا كان رجوعه إلى ما دون حدّ الترخّص لاعوجاج الطريق أو ما بحكمه من تقارب البيوت إلى الطريق مع استقامته فالأحوط لزوماً الجمع بىن القصر والتمام مادام هناك، وىجب علىه القصر إذا جاز عنه ولكن ىعتبر ذلك المقدار جزءاً من الثمانىة فراسخ.
وهي أُمور :
الأوّل: الوطن، فإنّ المسافر إذا مرّ به في سفره ونزل فيه وجب عليه الإتمام ما لم ينشئ سفراً جديداً، وأمّا المرور اجتيازاً من غير نزول ففي كونه قاطعاً إشكال، فالأحوط وجوباً أن يجمع بعده بين القصر والتمام ما لم يكن قاصداً للمسافة ولو بالتلفيق مع ما يطويه في الرجوع، والمقصود بالوطن أحد المواضع الثلاثة:
1. مقرّه الأصليّ الذي ينسب إليه ويكون مسكن أبويه ومسقط رأسه عادة.
2. المكان الذي اتّخذه مقرّاً ومسكناً لنفسه بحيث يريد أن يبقى فيه بقيّة عمره.
3. المكان الذي اتّخذه مقرّاً لمدّة طويلة بحيث لا يصدق عليه أنّه مسافر فيه ويراه العرف مقرّاً له حتّى إذا اتّخذ مسكناً موقّتاً في مكان آخر لمدّة عشرة أيّام أو نحوها، وسيأتي بعض الأمثلة له.
ولا يعتبر في الأقسام الثلاثة أن يكون للشخص ملك فيه، بل لا يعتبر إباحة المسكن فلو غصب داراً في بلد وأراد السكنى فيها بقيّة عمره مثلاً يصير وطناً له.
مسألة 924: يمكن أن يتعدّد الوطن الاتّخاذيّ، كما إذا اتّخذ الإنسان مساكن لنفسه على نحو الدوام والاستمرار فيقيم في كلّ واحد ثلاثة أشهر من السنة أو يوزّعها حسب أيّام الأسبوع فيسكن في بلد ثلاثة أيّام مثلاً والباقي في آخر بل ربّما يصدق مع السكن يومين كاملين من كلّ أسبوع.
مسألة 925: لا يكفي في ترتيب أحكام الوطن مجرّد نيّة التوطّن، بل لا بُدَّ من الإقامة لمدّة - كشهر مثلاً - يصدق معها عرفاً أنّ البلد وطنه ومقرّه والأحوط لزوماً قبل مضيّ تلك المدّة الجمع بين القصر والتمام.
مسألة 926: ذكر بعض الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم) نحواً آخر من الوطن يسمّى بالوطن الشرعيّ، ويقصد به المكان الذي يملك فيه الإنسان منزلاً قد استوطنه ستّة أشهر، بأن أقام فيها ستّة أشهر عن قصد ونيّة فقالوا: إنّه يتمّ الصلاة فيه كلّما دخله، ولكن لم يثبت عندنا هذا النحو من الوطن.
مسألة 927: لا يعتبر في الوطن الاتّخاذيّ أن يكون قصد التوطّن بالاستقلال فيكفي أن يكون بتبع شخص آخر من زوج أو والد أو غيرهما.
مسألة 928: يزول حكم الوطن بالخروج معرضاً عن السكنى فيه بمعنى الاطمئنان بعدم العود للسكنى فيه، وأمّا مع احتمال العود إليه لذلك احتمالاً معتدّاً به فيبقى على حكمه، فلو دخله بقصد الزيارة أو نحوها أتمّ في صلاته، ولا فرق فيما ذُكر بين الوطن الأصليّ والاتّخاذيّ.
مسألة 929: تقدّم أنّ من أقسام الوطن المكان الذي يتّخذه الشخص مقرّاً له لمدّة طويلة بحيث لا يعدّ مسافراً فيه، والظاهر أنّه يكفي في ذلك البقاء فيه لسنة ونصف السنة إذا كان يسكنه ما لا يقلّ عن خمسة أيّام من كلّ أسبوع، فطالب العلم والعامل وأمثالهما ممّن يسكنون غير بلدانهم إذا كانوا يبقون المدّة المذكورة في أماكن دراستهم أو عملهم أو نحوها يتمّون الصلاة فيها فإذا رجعوا إليها من سفر الزيارة مثلاً أتمّوا وإن لم يعزموا على الإقامة فيها عشرة أيّام، كما أنّه يعتبر في جواز القصر في السفر منها إلى بلد آخر أن تكون المسافة ثمانية فراسخ امتداديّة أو تلفيقيّة، فلو كانت أقلّ وجب التمام، وكذلك ينقطع السفر بالمرور فيها والنزول فيها كما هو الحال في الوطن الأصليّ.
تنبيه: إذا كان الإنسان وطنه النجف مثلاً وكان له محلّ عمل في مكان آخر كالكوفة يخرج إليه وقت العمل كلّ يوم ويرجع ليلاً لا يصدق عليه عرفاً وهو في محلّ عمله أنّه مسافر، فإذا خرج من النجف قاصداً محلّ العمل وبعد الظهر - مثلاً - يذهب إلى بغداد يجب عليه التمام في ذلك المحلّ وبعد التعدّي من حدّ الترخّص منه يقصّر، وإذا رجع من بغداد إلى النجف ووصل إلى محلّ عمله أتمّ، وكذلك الحكم لأهل الكاظميّة إذا كان لهم محلّ عمل في بغداد وخرجوا منها إليه لعملهم ثُمَّ السفر إلى كربلاء مثلاً فإنّهم يتمّون فيه الصلاة ذهاباً وإياباً إذا نزلوا فيه.
الثاني: قصد الإقامة في مكان معيّن عشرة أيّام متوالىة، فبه ينقطع حكم السفر ويجب على المسافر التمام، والمقصود بقصد الإقامة اطمئنان المسافر بإقامته في مكان معيّن عشرة أيّام، سواء أكانت الإقامة اختياريّة أم كانت عن اضطرار أو إكراه، فلو حبس المسافر في مكان وعلم أنّه يبقى فيه عشرة أيّام وجب عليه الإتمام، ولو عزم على إقامة عشرة أيّام ولكنّه لم يطمئنّ بتحقّقه في الخارج بأن احتمل سفره قبل إتمام إقامته لأمر طارئ وجب عليه التقصير وإن اتّفق أنّه أقام عشرة أيّام.
ثُمَّ إنّ الليالي المتوسّطة داخلة في العشرة بخلاف الأُولى والأخيرة، ويكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر فإذا نوى الإقامة من زوال أوّل يوم إلى زوال اليوم الحادي عشر وجب التمام، ومبدأ اليوم طلوع الفجر، فإذا نوى الإقامة من طلوع الشمس فلا بُدَّ من نيّتها إلى طلوعها من اليوم الحادي عشر .
مسألة 930: يشترط وحدة محلّ الإقامة، فإذا قصد الإقامة عشرة أيّام في النجف الأشرف ومسجد الكوفة مثلاً بقي على القصر، نعم لا يشترط قصد عدم الخروج عن سور البلد، بل إذا قصد الخروج إلى ما يتعلّق بالبلد من الأمكنة مثل بساتينه ومزارعه ومقبرته ومائه ونحو ذلك من الأمكنة التي يتعارف وصول أهل البلد إليها من جهة كونهم أهل ذلك البلد لم يقدح في صدق الإقامة فيها.
وأمّا من قصد الخروج إلى حدّ الترخّص أو ما يزيد عليه إلى ما دون المسافة - كما إذا قصد الإقامة في النجف الأشرف مع قصد الخروج إلى مسجد الكوفة أو السهلة - فلا يضرّ ذلك بقصد الإقامة إذا لم يكن زمان الخروج مستوعباً للنهار أو كالمستوعب له، فلا يخلّ بقصد الإقامة لو قصد الخروج بعد الزوال والرجوع ساعة بعد الغروب، ولكن يشترط عدم تكرّره بحدّ يصدق معه الإقامة في أزيد من مكان واحد.
مسألة 931: إذا قصد الإقامة إلى ورود المسافرين أو انقضاء الحاجة أو نحو ذلك وجب القصر وإن اتّفق حصوله بعد عشرة أيّام، وكذا إذا نوى الإقامة إلى يوم الجمعة الثانية مثلاً وكان عشرة أيّام ولكنّه لم يعلم بذلك من الأوّل فإنّه يجب عليه القصر، فلا فرق في وجوب القصر مع التردّد في إقامة عشرة أيّام بين أن يكون ذلك لأجل تردّد زمان النيّة بين سابق ولاحق، وبين أن يكون لأجل الجهل بالآخر، كما إذا نوى المسافر الإقامة من اليوم الواحد والعشرين إلى آخر الشهر وتردّد الشهر بين الناقص والتامّ ثُمَّ انكشف كماله فإنّه يجب القصر في كلتا الصورتين.
مسألة 932: تجوز الإقامة في البرّيّة، وحينئذٍ يجب أن ينوي عدم الوصول إلى الأمكنة البعيدة بحيث يوجب عدم صدق وحدة المحلّ عرفاً، إلّا إذا كان زمان الخروج قليلاً كما تقدّم.
مسألة 933: إذا عدل ناوي الإقامة عشرة أيّام عن قصد الإقامة، فإن كان قد صلّى فريضة أدائيّة تماماً بقي على الإتمام إلى أن يسافر، وإلّا رجع إلى القصر، سواء لم يصلِّ أصلاً أم صلّى مثل الصبح والمغرب، أو شرع في الرباعيّة ولم يتمّها ولو كان في ركوع الثالثة، وسواء أفعل ما لا يجوز فعله للمسافر من النوافل والصوم أو لم يفعل.
مسألة 934: إذا صلّى بعد نيّة الإقامة فريضة أدائيّة تماماً مع الغفلة عن إقامته بالمرّة ثُمَّ عدل ففي كفايته في البقاء على التمام إشكال فلا يترك الاحتياط بالجمع بين القصر والإتمام بعد العدول - نعم إذا كان الإتمام مستنداً إلى نيّة الإقامة ارتكازاً ولو لم يلتفت إليه تفصيلاً كفى - وكذلك الإشكال لو صلّاها تماماً لشرف البقعة غافلاً عن نيّة إقامته، وإذا فاتته الصلاة بعد نيّة الإقامة فقضاها خارج الوقت تماماً ثُمَّ عدل عن إقامته رجع إلى القصر .
مسألة 935: إذا تمّت مدّة الإقامة لم يحتج في البقاء على التمام إلى إقامة جديدة، بل يبقى على التمام إلى أن يسافر وإن لم يصلِّ في مدّة الإقامة فريضة تماماً.
مسألة 936: لا يشترط في تحقّق الإقامة كونه مكلَّفاً، فلو نوى الإقامة وهو غير بالغ ثُمَّ بلغ في أثناء العشرة وجب عليه التمام في بقيّة الأيّام وقبل البلوغ أيضاً يصلّي تماماً، وإذا نواها وهو مجنون وكان تحقّق القصد منه ممكناً، أو نواها حال الإفاقة ثُمَّ جُنَّ يصلّي تماماً بعد الإفاقة في بقيّة العشرة، وكذا إذا كانت حائضاً حال النيّة فإنّها تصلّي ما بقي بعد الطهر من العشرة تماماً، بل إذا كانت حائضاً تمام العشرة يجب عليها التمام ما لم تنشئ سفراً.
مسألة 937: إذا صلّى تماماً ثُمَّ عدل لكن تبيّن بطلان صلاته رجع إلى القصر، وإذا صلّى الظهر قصراً ثُمَّ نوى الإقامة فصلّى العصر تماماً ثُمَّ تبيّن له بطلان إحدى الصلاتين يرجع إلى القصر ويرتفع حكم الإقامة، وإذا صلّى بنيّة التمام وبعد السلام شكّ في أنّه سلّم على الأربع أو الاثنتين أو الثلاث كفى في البقاء على حكم التمام إذا عدل عن الإقامة بعد الصلاة، وكذا يكفي في البقاء على حكم التمام إذا عدل عن الإقامة بعد السلام الواجب وقبل الإتيان بسجود السهو أو قبل قضاء السجدة المنسيّة، ولا يترك الاحتياط فيما إذا عدل بعد السلام الأوّل (السلام علينا...) وقبل السلام الأخير أو قبل الإتيان بصلاة الاحتياط.
مسألة 938: إذا استقرّت الإقامة ولو بالصلاة تماماً فبدا للمقيم الخروج إلى ما دون المسافة، فإن كان ناوياً للإقامة في المقصد أو في محلّ الإقامة أو في غيرهما بقي على التمام حتّى يسافر من محلّ الإقامة الثانية، وكذلك إن كان ناوياً الرجوع إلى محلّ الإقامة والسفر منه قبل العشرة، وأمّا إذا كان ناوياً السفر من مقصده وكان رجوعه إلى محلّ إقامته من جهة وقوعه في طريقه فعليه أن يقصّر في ذهابه وإيابه ومحلّ إقامته.
مسألة 939: إذا دخل في الصلاة بنيّة القصر فنوى الإقامة في الأثناء أكملها تماماً، وإذا نوى الإقامة فشرع في الصلاة بنيّة التمام فعدل في الأثناء فإن كان قبل الدخول في ركوع الثالثة أتمّها قصراً، وإن كان بعده بطلت صلاته على الأحوط لزوماً وعليه استئنافها قصراً.
مسألة 940: إذا عدل عن نيّة الإقامة وشكّ في أنّ عدوله كان بعد الصلاة تماماً ليبقى على التمام أم لا بنى على عدمها فيرجع إلى القصر .
مسألة 941: إذا عزم على الإقامة فنوى الصوم وعدل بعد الزوال قبل أن يصلّي تماماً ففي صحّته إشكال فالأحوط لزوماً إتمامه ثُمَّ قضاؤه، وأمّا الصلاة فيجب فيها القصر كما سبق.
الثالث: أن يقيم في مكان واحد ثلاثين يوماً من دون عزم على الإقامة عشرة أيّام - سواء عزم على إقامة تسعة أو أقلّ أم بقي متردّداً - فإنّه يجب عليه القصر إلى نهاية الثلاثين، وبعدها يجب عليه التمام إلى أن يسافر سفراً جديداً.
مسألة 942: إذا خرج المقيم المتردّد إلى ما دون المسافة جرى عليه حكم المقيم عشرة أيّام إذا خرج إليه، فيجري فيه ما تقدّم فيه في المسألة (938).
مسألة 943: المتردّد في الأمكنة المتعدّدة يقصّر وإن بلغت المدّة ثلاثين يوماً، وإذا تردّد في مكان تسعة وعشرين يوماً ثُمَّ انتقل إلى مكان آخر وأقام فيه متردّداً تسعة وعشرين وهكذا بقي على القصر في الجميع إلى أن ينوي الإقامة في مكان واحد عشرة أيّام، أو يبقى في مكان واحد ثلاثين يوماً متردّداً، أو يصدق عليه عنوان كثير السفر .
مسألة 944: لا يكفي الشهر الهلاليّ إذا نقص عن الثلاثين يوماً، ويكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر هنا كما تقدّم في الإقامة.
مسألة 945: تسقط النوافل النهاريّة في السفر، كما تسقط الوتيرة ولا بأس بالإتيان بها برجاء المطلوبيّة.
ويجب القصر في الفرائض الرباعيّة بالاقتصار على الأُوليين منها فيما عدا الأماكن الأربعة - كما سيأتي - وإذا صلّاها تماماً فإن كان عالماً بالحكم بطلت ووجبت الإعادة أو القضاء، وإن كان جاهلاً بالحكم من أصله - بأن لم يعلم مشروعيّة التقصير للمسافر أو كونه واجباً عليه - لم تجب الإعادة فضلاً عن القضاء.
وإن كان عالماً بأصل الحكم وجاهلاً ببعض الخصوصيّات الموجبة للقصر مثل انقطاع الإقامة بالخروج إلى حدّ المسافة أو أنّ العاصي في سفره يقصّر إذا رجع إلى الطاعة ونحو ذلك فإن علم بالحكم في الوقت فالأحوط لزوماً إعادة الصلاة ولا يجب قضاؤها إذا علم به بعد مضيّ الوقت، وإن كان جاهلاً بالموضوع بأن لم يعلم أنّ ما قصده مسافة - مثلاً - فأتمّ فتبيّن له أنّه مسافة، أو كان ناسياً للسفر أو ناسياً أنّ حكم المسافر القصر فأتمّ، فإن علم أو تذكّر في الوقت أعاد، وإن علم أو تذكّر بعد خروج الوقت لم يجب عليه القضاء، وإذا أتمّ سهواً وغفلة حين العمل مع علمه بالحكم وعدم نسيانه وجبت الإعادة في الوقت والأحوط وجوباً القضاء إذا انتبه بعد الوقت.
مسألة 946: إذا قصّر مَنْ وظيفته التمام بطلت صلاته في جميع الموارد، بلا فرق في ذلك بين العامد والجاهل والناسي والخاطئ، نعم المقيم عشرة أيّام إذا قصّر جهلاً بأنّ حكمه التمام ثُمَّ علم به كان الحكم بوجوب الإعادة عليه مبنيّاً على الاحتياط الوجوبيّ.
مسألة 947: إذا دخل الوقت وهو حاضر وتمكّن من الصلاة تماماً ولم يصلِّ ثُمَّ سافر حتّى تجاوز حدّ الترخّص والوقت باقٍ صلّى قصراً على الأحوط وجوباً، وإذا دخل عليه الوقت وهو مسافر وتمكّن من الصلاة قصراً ولم يصلِّ حتّى وصل إلى وطنه أو محلّ إقامته صلّى تماماً على الأحوط وجوباً، فالمدار على زمان الأداء لا زمان حدوث الوجوب.
مسألة 948: إذا فاتته الصلاة في الحضر قضى تماماً ولو في السفر، وإذا فاتته في السفر قضى قصراً ولو في الحضر، وإذا كان في أوّل الوقت حاضراً وفي آخره مسافراً أو بالعكس راعى في القضاء حال الفوات وهو آخر الوقت، فيقضي في الأوّل قصراً، وفي العكس تماماً.
مسألة 949: يتخيّر المسافر بين القصر والتمام في الأماكن الأربعة: (مكّة المعظّمة) و(المدينة المنوّرة) و(الكوفة) و(حرم الحسين علىه السلام)، فللمسافر السائغ له التقصير أن يتمّ صلاته في هذه المواضع بل هو أفضل وإن كان التقصير أحوط استحباباً، ولا يختصّ التخيير في البلاد الثلاثة بمساجدها بل هو ثابت في جميعها وإن كان الأولى رعاية الاحتياط في ذلك، وأمّا التخيير في حرم الحسين (علىه السلام) فهو ثابت فيما يحيط بالقبر الشريف بمقدار خمسة وعشرين ذراعاً (11,5 متراً) من كلّ جانب فتدخل بعض الأروقة في الحدّ المذكور ويخرج عنه بعض المسجد الخلفيّ.
ولا فرق في ثبوت التخيير في الأماكن الأربعة المذكورة بين أرضها وسطحها والمواضع المنخفضة فيها.
مسألة 950: يختصّ التخيير المذكور بالأداء ولا يجري في القضاء، كما أنّه يختصّ بالأماكن الأربعة المذكورة ولا يجري في سائر المساجد والمشاهد الشريفة.
مسألة 951: التخيير المذكور استمراريّ، فإذا شرع في الصلاة بنيّة القصر يجوز له العدول في الأثناء إلى الإتمام، وبالعكس.
مسألة 952: يستحبّ للمسافر أن يقول عقيب كلّ صلاة مقصورة ثلاثين مرّة: (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر ).
صلاة الجمعة ركعتان، كصلاة الصبح، وتمتاز عنها بخطبتين قبلها، ففي الأُولى منهما يقوم الإمام ويحمد الله ويثني عليه ويوصي بتقوى الله تعالى ويقرأ سورة قصيرة من الكتاب العزيز ثُمَّ يجلس قليلاً، وفي الثانية يقوم ويحمد الله تعالى ويثني عليه ويصلّي على محمّد (صلّى الله علىه وآله) وعلى أئمّة المسلمين (علىهم السلام) والأحوط الأولى أن يضمّ إلى ذلك الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات.
مسألة 953: الأحوط لزوماً الإتيان بالحمد والصلاة من الخطبة بالعربيّة، وأمّا غيرهما من أجزائها كالثناء على الله تعالى والوصيّة بالتقوى فيجوز الإتيان بها بغير العربيّة أيضاً، بل إذا كان أكثر الحضور غير عــارفين باللغــة العـربيّة فالأحـوط لزومـاً أن تكون الوصيّة بتقوى الله تعالى باللغة التي يفهمونها.
مسألة 954: صلاة الجمعة واجبة تخييراً، ومعنى ذلك أنّ المكلّف يوم الجمعة مخيّر بين الإتيان بصلاة الجمعة على النحو الذي تتوفّر فيه شرائطها الآتية وبين الإتيان بصلاة الظهر ولكن الإتيان بالجمعة أفضل، فإذا أتى بها مع الشرائط أجزأت عن الظهر .
مسألة 955: يعتبر في وجوب صلاة الجمعة أُمور :
1. دخول الوقت، وهو زوال الشمس، ووقتها أوّل الزوال عرفاً كما مرّ ، فلو أخّرها عنه لم تصحّ منه فيأتي بصلاة الظهر .
2. اجتماع خمسة أشخاص أحدهم الإمام، فلا تجب الجمعة ما لم يجتمع خمسة نفر من المسلمين كان أحدهم الإمام.
3. وجود الإمام الجامع لشرائط الإمامة من العدالة وغيرها على ما تقدّم ذكرها في صلاة الجماعة.
ويعتبر في صحّة صلاة الجمعة أُمور :
1. الجماعة، فلا تصحّ صلاة الجمعة فرادى، ويجزئ فيها إدراك الإمام في الركوع الأوّل بل في القيام من الركعة الثانية أيضاً فيأتي مع الإمام بركعة وبعد فراغه يأتي بركعة أُخرى، وأمّا لو أدركه في ركوع الركعة الثانية ففي الاجتزاء به إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
2. أن لا تكون المسافة بينها وبين صلاة جمعة أُخرى أقلّ من فرسخ (5،5 كيلو متراً تقريباً)، فلو أقيمت جمعتان فيما دون فرسخ بطلتا جميعاً إن كانتا مقترنتين زماناً، وأمّا إذا كانت إحداهما سابقة على الأُخرى ولو بتكبيرة الإحرام صحّت السابقة دون اللاحقة، نعم إذا كانت إحدى الصلاتين فاقدة لشرائط الصحّة فهي لا تمنع عن إقامة صلاة جمعة أُخرى ولو كانت في عرضها أو متأخّرة عنها.
3. قراءة خطبتين قبل الصلاة على ما تقدّم، والأحوط لزوماً أن تكون الخطبتان بعد الزوال، كما لا بُدَّ أن يكون الخطيب هو الإمام، ولا يجب الحضور حال الخطبة وإن كان أحوط استحباباً.
مسألة 956: إذا أقيمت الجمعة في بلدٍ واجدة للشرائط فإن كان مَنْ أقامها هو الإمام المعصوم (علىه السلام) أو من يمثله وجب الحضور فيها تعييناً، وإن كان غيره لم يجب الحضور، بل يجوز الإتيان بصلاة الظهر .
مسألة 957: يعتبر في وجوب الحضور في الصورة الأُولى المتقدّمة أُمور :
1. الذكورة، فلا يجب الحضور على النساء.
2. الحريّة، فلاݤ يجب على العبيد.
3. الحضور، فلا يجب على المسافر سواء في ذلك المسافر الذي وظيفته القصر ومن كانت وظيفته الإتمام كالقاصد لإقامة عشرة أيّام.
4. السلامة من المرض والعمى، فلا يجب على المريض والأعمى.
5. عدم الشيخوخة، فلا يجب على الشيخ الكبير .
6. أن لا يكون الفصل بينه وبين المكان الذي تقام فيه الجمعة أزيد من فرسخين، كما لا يجب على مَنْ كان الحضور عليه حرجيّاً لمطر أو برد شديد أو نحوهما وإن لم يكن الفصل بهذا المقدار .
مسألة 958: مَنْ لا تجب عليه صلاة الجمعة تعييناً تجوز له المبادرة إلى أداء صلاة الظهر في أوّل وقتها، ومن تجب عليه تعييناً إذا تركها وصلّى صلاة الظهر صحّت صلاته وإن كان آثماً.
مسألة 959: الأحوط لزوماً الإصغاء إلى الخطبة لمن يفهم معناها، كما أنّ الأحوط وجوباً عدم التكلّم أثناء اشتغال الإمام بها إذا كان ذلك مانعاً عن الإصغاء.
مسألة 960: يحرم البيع والشراء بعد النداء لصلاة الجمعة على من يجب عليه تعييناً إذا كانا منافيين للصلاة، ولكن تصحّ المعاملة وإن كانت محرّمة.