نصيحة المرجع الأعلى سماحة السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله إلى طلاب العلم الجامعي والأساتذة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمدٍ وآله الطاهرين......

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...... 

    أمّا بعد فإنّني أوصي الشباب الأعزاء- الذين يعنيني من أمرهم ما يعنيني من أمر نفسي وأهلي - بثمان وصايا هي تمام السعادة في هذه الحياة وما بعدها، وهي خلاصة رسائل الله سبحانه إلى خلقه وعظة الحكماء والصالحين من عباده، وما أفضت إليه تجاربي وانتهى إليه علمي:

نصيحة إلى طلاب العلم الجامعي والأساتذة

   ((وليهتم طلاّب العلم الجامعي والأساتذة فيه بالإحاطة بما يتعلّق بمجال تخصّصهم مما انبثق في سائر المراكز العلمية وخاصّة علم الطب حتّى يكون علمهم ومعالجتهم لما يباشرونه في المستوى المعاصر في مجاله، بل عليهم أن يهتمّوا بتطوير العلوم من خلال المقالات العلمية النافعة والاكتشافات الرائدة، ولينافسوا المراكز العلمية الأخرى بالإمكانات المتاحة، وليأنفوا من أن يكونوا مجرّد تلامذة لغيرهم في تعلّمها ومستهلكين للآلات والأدوات التي يصنعونها، بل يساهموا مساهمة فعّالة في صناعة العلم وتوليده وإنتاجه، كما كان آباؤهم روّاداً فيها وقادةً لها في أزمنة سابقة، وليست أمة أولى من أمة بذلك، وعليكم برعاية القابليّات المتميّزة بين الناشئين والشباب ممّن يمتاز بالنبوغ ويبدو عليه التفوّق والذكاء حتّى إذا كان من الطبقات الضعيفة وأعينوهم مثل إعانتكم لأبنائكم حتّى يبلغوا المبالغ العالية في العلم النافع، فيكتب لكم مثل نتاج عملهم وينتفع به مجتمعكم وخلفكم)).

إن من أهم مقومات العملية التعليمية هي الشعور بالقدرة على التعلم، وهذا يتطلب الإحاطة بالمادة العلمية من الطرفين المعلم والمتعلم، فإنّ الإلمام بالمادة يدفع الى الثقة بالنفس والإقبال والاندفاع بحماس ونشاط، كما أن إلمام المعلم أو المدرس بمادته ينبغي ألا يقتصر على قدر محدد بمنهج المادة، بل من الضروري الإحاطة الواسعة والعميقة بتطور تلك المادة والاطلاع على أحدث المراجع والمصادر العلمية لأجل تطوير طرق وأساليب المتطورة في مجال التدريس.

الإحاطة بالمادة العلمية ومتابعة تطورها هي أساس مهم من أسس نجاح العملية التعليمية، كما أن نوع التطوير يعتمد عتى نوع المادة أولاً وعلى المدرس نفسه ثانياً وما يمتلك من مؤهلات وقدرات شخصية.

ويشير سماحة السيد المنافسة ضرورة لنجاح العمل. ولكن لتكون مفيدة يجب أن تكون إيجابية تخلق مناخ من التعاون وروح الجماعة، مع التباري في الإجادة لتحقيق أهدف المنشأة. لكن عندما تتحوّل المنافسة الى السلبية والصراعات بين الأفراد تصبح خطر على المنشأة ونجاحها.

ولا يستسلم المتعلّم لوسوسة الشيطان فيشعر بالذل أمام معلّمه في موقف من المواقف، فإمّ أمير المؤمنين عليه السلام يقول: (ليس من أخلاق المؤمن التملّق إلاّ في طلب العلم)[1].

دور المعلم فى رعاية الطلاب الموهوبين

الاهتمام بالموهوبين والنابغين هو طريق واضح وسهل لضمان المستقبل العلمي للمجتمع، ويعتبر المعلّم عمود الخيمة في أي بناء تعليمّي سليم وعليه الاعتماد ـ بعد الله سبحانه وتعالى–في تحقيق الأهداف التربوية والتعليمية. وتربية المتعلمين وتنمية قدراتهم ومواهبهم وتنوير عقولهم في مواجهة الأفكار الهدامة والمبادئ المشبوهة وغيرها من المسئوليات.

 توجد عدة اقتراحات للقائمين على التعليم يمكن اتباعها في تدريب المتعلمين على التفوق والإبداع منها: أن يعتمد المعلم نظام المكافأة للمتعلم عندما يعبّر عن فكرة جديدة أو تطوير جديد لموقف معين.

ومنها: اختبار أفكار التلاميذ بطريقة منتظمة وألا يضطر المتعلم على استخدام أسلوب محدد في حل المشكلات التي تواجههم وأن يُظهر رغبته في اكتشاف الحلول الجديدة.

ومنها خلق مواقف تعليمية تستثير الإبداع عند التلاميذ كأن يتحدث عن قيمة الأفكار الشجاعة والتي تبدو متناقضة، وأن يقدّم للطلاب أسئلة مفتوحة.

ومنها: تشجيع المتعلم على الاطلاع على مبتكرات وإبداعات العلماء والأدباء والمبدعين خصوصاً في المواد التي يدرسونها ومحاولة محاكاتها، ومنحهم الحرّية في التعبير عن قدراتهم و هواياتهم والنشاطات التي يميلون إليها مع توفير الإمكانات اللازمة والمواد المطلوبة لتنمية مواهبهم.

 


[1] كنز العمال 10: 256.