من أين نبدأ مع يوم الخامس عشر من شهر شعبان وفيه كان اللقاء والفراق، أتفرح القلوب بالولادة؟ أم تصارع الهموم بغياب الإمامة؟ ففي سنة (255 هــ) تزيّنت السماء باسم وليها، وأشرقت الأرض بنور ربها، فقد ولد بقيّة الله الإمام الحجة المنتظر (أرواحنا له الفداء)، وفي اليوم نفسه سنة (329 هــ) قضى الله تعالى بغيبته الكبرى بعد وفاة آخر سفرائه علي بن محمد السمري (رضوان الله عليه) فدخل المؤمنون في عهد جديد للبلاء.
في هذا اليوم تجتمع ذكرى اللقاء وذكرى الفراق، فتنقسم نبضات القلوب واحدة للفرح وواحدة للهم، وتفترق دموع العيون فواحدة للوجود المبارك وأخرى للهجران والبعد، وتنتشر الكلمات فواحدة للتهنئة، وأخرى للألم والحرمان، ذلك مثلما قال القائل في يوم عاشوراء:
حدث ويومك في البرية شاهد * أفأنت عيدٌ للهدى أم مأتمُ
عيد يئن من الجراح ومأتم * فيه الضحايا والثواكل تبسمُ
عيد تضّرج بالدماء ومأتم * بعلاه زغردت الضُبا والأسهمُ
ففي كل ذكرى تمر على الكون في هذا اليوم يحتفل المؤمنون المنتظرون ويجسدون الأمرين عن طريق الداء والتعبير عن الشوق واللهفة للطلعة البهية، والظهور المقدّس، وحسن الانتظار، يجسدون ذلك كل يوم حيث تصدح الحناجر الوالهة متضرّعة إلى الله: اللهمّ كُن لوليّك الحُجَّة بن الحَسَن صَلواتُكَ عَليه وَعَلى آبائه، في هذه السّاعة وفي كُلّ سَاعَة، وَليّاً وَحَافِظاً وَقائِداً وَناصراً ودَليلاً وَعَينا، حَتّى تُسكِنَه أرضَك طَوعاً وَتُمَتِعَه فيها طَوِيلاً.
مجلة ولاء الشباب العدد (48)