تنقسم الصفات الإلهية إلى قسمين: جمالية وجلالية، فإذا كانت الصفة مُثبتة لجمال في الموصوف ومشيرة إلى واقعية في ذاته سُمّيت جمالية أو ثبوتية ذاتية، وإذا كانت الصفة هادفة إلى نفي نقص وحاجة عنه سبحانه سميت جلالية أو سلبية.
فالعلم والقدرة والحياة من الصفات الثبوتية المشيرة إلى وجود كمال وواقعية في الذات الإلهية، ولكن نفي الجسمانية والتحيّز والحركة والتغيّر من الصفات السلبية الهادفة إلى سلب ما هو نقص عن ساحته سبحانه.
وهذان الاصطلاحان ـ الجمالية والجلالية ـ قريبان مما ورد في كتاب الله العزيز، فقال تعالى: (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ)[1]، فصفة الجلال ما جلّت ذاته عن مشابهة الغير، وصفة الإكرام ما تَكّرمتْ ذاته بها وتجمّلتْ، فيوصف بالكمال وينزه بالجلال.
ولا تُحصر الصفات الجمالية والجلالية في عدد معين من الصفات كما فعل بعض العلماء، فالحق يقال ان الملاك في الصفات الجمالية والجلالية هو أن كل وصف يعد كمالاً، فالله متصف به، وكل أمر يعتبر نقصاً وعجزاً فهو منزه عنه، وليس علينا أن نحصر الصفات الكمالية والجلالية في عدد معين من الصفات.
وعلى ذلك يمكن إرجاع جميع الصفات الثبوتية إلى وصف واحد والصفات السلبية إلى أمر واحد، ويؤيد ما ذكرناه أن الأسماء والصفات التي وردت في القرآن الكريم تفوق بأضعاف المرات العدد الذي ذكرها المتكلمون، فقد حصر المتكلمون الصفات الجمالية في ثمانية وهي: العلم، القدرة، الحياة، السمع، البصر، الإرادة، التكلم، والغنى، كما حصروا الصفات السلبية في سبع وهي: أنه تعالى ليس بجسم، ولا جوهر، ولا عرض، وأنه غير مرئي، ولا متحيّز، ولا حالٍّ في غيره، ولا يتحد بشيء.
ولتمييز صفات الذات عن الفعل علينا معرفة أن كل ما يجري على الذات على نسق واحد (الإثبات دائماً) فهو من صفات الذات، وأما ما يجري على الذات من كلا الوجهين، السلب تارة والإيجاب أخرى، فهو من صفات الأفعال.
وعلى ضوء هذا الفرق فالعلم والقدرة والحياة لا تحمل عليه سبحانه إلا على وجه واحد وهو الإيجاب، ولكن الخلق والرزق والمغفرة والرحمة تحمل عليه بالإيجاب تارة وبالسلب أخرى، فتقول خلق هذا ولم يخلق ذلك، غفر للمستغفر ولم يغفر للمُصرّ على الذنب، فصفات الذات لا يصح لصاحبها الاتصاف بأضدادها ولا خلوه منها، ولكن صفات الفعل يصح الاتصاف بأضدادها.
ثم إن الصفات الفعلية حيثيات وجودية نابعة من وصف واحد وهي القيّوميّة، فإن الخلق والرزق والهداية كلها حيثيات وجودية قائمة به سبحانه، مفاضة من عنده بما هو قيّوم.
وللصفات تقسيم آخر وهو تقسيمها إلى النفسية والإضافية، والمراد من الأولى: ما تتصف به الذات من دون أن يلاحظ فيها الانتساب إلى الخارج ولا الإضافة إليه، كالحياة.
ويقابلها الصفات الإضافية: وهي ما كان لها إضافة إلى الخارج عن الذات، كالعلم بالمعلوم والقدرة على المقدور، وعلى هذا الملاك، فكل من النفسية والإضافية تجريان على الذات وتحكيان عن واقعية فيه[2].
المصدر: مجلة اليقين العدد (37)