فقه الصوم

 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

على من يجب الصوم؟

يجب الصوم على كل مسلم، بالغ، آمن من ضرر الصوم عليه، حاضر غير مسافر ولا مغمى عليه.

وبالنسبة للنساء يجب الصوم على المرأة الطاهرة من الحيض والنفاس، فالحائض والنفساء لا تصوم، وتقضي ما فاتها من صيام شهر رمضان بعد ذلك.

ولا يجب الصوم على من خاف على نفسه الإصابة بمرض جراء الصوم، أو اشتداده، أو تأخير شفائه أو زيادة ألمه، كل ذلك بالمقدار المعتد به الذي لم تجرِ العادة بتحمله.

نية الصوم:

* إذا أراد المكلف أن يصوم فيلزمه أن ينويَ الإمساك عن المفطرات الآتي ذكرها من أول الفجر إلى غروب الشمس قربة إلى الله تعالى.

* آخر وقت للنية في صوم شهر رمضان عند طلوع الفجر الصادق على الأحوط لزوما، وهكذا في كل واجب معين ولو بالعارض، وأما في قضاء شهر رمضان وكل واجب غير معين وإن تضيّق وقته، فآخر وقت للنية هو قبل الزوال، فله تأخيرها إليه ولو اختيارا، فإذا أصبح ناويا للإفطار وبدا له قبل الزوال أن يصوم واجبا فنوى الصوم أجزأه، وإن كان ذلك بعد الزوال لم يُجزِ على الأحوط وجوبا، وأما في الصوم المندوب فيمتد وقتها إلى أن يبقى من النهار ما يقترن فيه الصوم بالنية، كل ذلك مع عدم تناول المفطر.

* يُجتزئ في شهر رمضان كلِّه بنية واحدة قبل الشهر، فلايشترط تجديد العزم على الصوم في كل ليلة، أو عند طلوع الفجر من كل يوم، وإن كان يشترط وجود العزم على الصوم عنده ولو ارتكازا.

المفطِّرات: المفطرات تسعة وهي:

1، 2- تعمد الأكل والشرب قليلا كان أو كثيرا، وسواء كانا معتادين أم غير معتادين، كأكل التراب وشرب النفط مثلاً، وعليه فمن نسي أنه صائم فأكل وشرب فصومه صحيح، ولا يفرق في ذلك بين الصوم الواجب والمندوب.

3- تعمد الكذب على الله تعالى أو على رسوله F
أو على أحد الأئمة المعصومين B على الأحوط وجوبا.

4- تعمد الاتصال الجنسي (الجماع) في القبل أو الدبر فاعلا أو مفعولا به.

5- الاستمناء أو ممارسة (العادة السرية) بأية صورة، ويجمعها تعمُّد فعل ما يؤدي إلى خروج المني منه بشهوة.

6- تعمّد البقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر، فلو أجنب الإنسان لأي سبب كان أثناء الليل، وجب عليه أن يغتسل قبل أن يطلع الفجر، حتى يطلع عليه الفجر وهو طاهر فيصوم.

* حدث الحيض والنفاس كالجنابة، في أن تعمد البقاء عليهما مبطل للصوم، فإذا طهرت المرأة من الحيض أو النفاس ليلا وجب عليها أن تغتسل قبل الفجر، حتى يطلع عليها الفجر وهي طاهرة فتصوم، أما المستحاضة فلا يشترط عليها إتيانها بواجبها من الغسل في صحة صومها.

ولو أجنب أثناء الليل أو طهرت المرأة من الحيض أو النفاس قبل طلوع الفجر ولم يمكن الاغتسال لمرض أو ضيق الوقت مثلا، فيجب التيمم بدله قبل الفجر.

7- تعمد إدخال الغبار أو الدخان الغليظين في الحلق على الأحوط وجوبا.

8- تعمد القيء وإن كان لضرورة من علاج مرض ونحوه، ولا بأس بما كان سهواً أو من غير اختيار.

9- تعمد الاحتقان بالماء أو بغيره من السوائل ولو مع الاضطرار إليه لمرض، ولا بأس بالاحتقان بالجامد وإن كان الأحوط استحباباً اجتنابه.

حكم المسافر:

1- إذا سافرالمكلف بعد الزوال فالأحوط وجوبا أن يبقى على صيامه.

2- إذا سافر بعد الفجر وقبل الزوال فلا يصح منه الصوم سواء كان عازما على السفر من الليل أم لم يكن على الأحوط وجوبا، وعليه القضاء بعد ذلك، ولكن إذا لم يتناول المفطر في سفره ورجع إلى بلده أو وصل إلى بلد يريد الإقامة فيه قبل الزوال فيجب عليه صوم هذا اليوم على الأحوط وجوبا.

الصوم في يوم الرجوع من السفر:

إذا لم يتناول المكلف مفطرا أثناء السفر وكان الرجوع:

قبل الزوال: يتم صيامه على الأحوط وجوبا.

بعد الزوال: لا صوم عليه على الأحوط لزوما، وإن تناول المفطر في السفر فيستحب له الامساك إلى الغروب عند الرجوع إلى بلده احتراما للشهر الفضيل.

سؤال: هل يجب الإمساك على من تعمد ارتكاب إحدى المفطرات؟

جواب: نعم يلزمه الإمساك حسب هذا التفصيل:

أ- إذا بقي على الجنابة متعمدا إلى طلوع الفجر أمسك في النهار، والأحوط وجوبا أن يكون إمساكه بقصد القربة المطلقة، أي: بقصد امتثال الأمر المتوجه إليه، من دون تعيين كون الإمساك للأمر بالصوم في شهر رمضان أو للتأدب.

ب- إذا تعمد الكذب على الله أو على رسوله أو استنشق الدخان أو الغبار الغليظين أمسك في النهار، والأحوط وجوبا أن يكون إمساكه بقية النهار برجاء المطلوبية، أي: باحتمال كون الإمساك مطلوبا فيه شرعا إما للأمر بالصوم أو للأمر بالإمساك تأدبا.

الجواب: وإذا أفطر بأحد المفطرات الأخرى، فالأحوط وجوبا أن يمسك بقية يومه تأدبا برجاء مطلوبيته.

ويجب عليه بالإضافة إلى ذلك أن يقضي اليوم الذي أفسد فيه صومه، وأن يكفّر إما بتحرير رقبة أو بإطعام ستين مسكينا أو بصوم شهرين متتابعين عن كل يوم أفطره، سواء أكان إفطاره بشيء محلل كشرب الماء أو بشيء محرم كشرب الخمر أو الاستمناء.

سؤال: وكيف يتم إطعام ستين مسكينا؟

جواب: تارة يكون بإطعامهم مباشرة فيشترط حينئذ إشباعهم، أي: تمكينهم من الطعام الجاهز للأكل بمقدار ما يشبعهم، وأخرى بالتسليم إليهم فيجب عندئذ إعطاء (ثلاثة أرباع الكيلو غرام) تقريبا من التمر أو الحنطة أو الطحين أو الرز أو الماش أو غيرها مما يسمى طعاما عن كل يوم، ولا يجوز دفع المال بدل الطعام، بل لابد من دفع الطعام وحده دون سواه، أو توكيل الفقير أن يشتريه عنه ثم يتملكه لنفسه.

سؤال: ما حكم من أفطر يوما من رمضان لعذر كالمرض المانع من الصوم أو السفر مثلا؟

جواب: يجب عليه القضاء حينئذ، بأن يختار يوما من أيام السنة غير العيدين فيصومه عوضا عن ذلك اليوم الذي مرض فيه أو سافر فيه.

سؤال: وما هي وظيفة من استمر به المرض الذي منعه من الصوم إلى رمضان الآتي؟

جواب: يسقط عنه القضاء حينئذ وتجب عليه الفدية، وهي أن يتصدق عن كل يوم بثلاثة أرباع الكيلو من الطعام تقريباً.

طوائف رخّص لها في الإفطار:

 وردت الرخصة في إفطار شهر رمضان لأشخاص معدودين لم يجب عليهم صيام رمضان منهم:

أ - الشيخ والشيخة وذو العطاش إذا تعذر عليهم الصوم، أو كان يسبب لهم حرجاً ومشقة وفي هذه الحالة - أي المشقة - يجب عليهم الفدية عن كل يوم أفطروا فيه، ومقدارها ثلاثة أرباع الكيلو غرام تقريباً من الطعام، والأفضل كونها من الحنطة، ولا يجب عليهم قضاء الصوم.

ب- الحامل المقرب التي يضر بها الصوم أو يضر بحملها، ويجب عليها القضاء بعد ذلك.

ج‍ - المرضعة القليلة اللبن إذا أضر بها الصوم أو أضر بولدها وانحصر الإرضاع بها على الأحوط وجوبا، وإلا لم يجز لها الإفطار، وإذا جاز لها الإفطار فعليها القضاء بعدئذ كما يجب عليهما - الحامل والمرضعة

* التكفير عن كل يوم أفطرتا ب‍ثلاثة أرباع الكيلو غرام تقريبا.

هل للأمور التالية تأثير على صحة الصوم؟

الإبرة: لا يبطل الصوم بزرق الإبرة في العضلة أو الوريد.

القطرة: لا يبطل الصوم بالتقطير في الأذن والعين حتى ولو ظهر بعض الطعم أو اللون في الحلق، ويبطل بالتقطير في الأنف.

المغذي: لا يبطل الصوم باستعمال المغذي.

البخاخ: لا يبطل الصوم باستعمال البخاخ الذي يسهل عملية التنفس، بشرط أن يدخل في المجرى التنفسي لا الهضمي.

المضمضة: لا يبطل الصوم بالمضمضة، بشرط أن لا يبلع شيئا من الماء متعمدا، والأفضل أن يبصق ريقه بعد المضمضة ثلاث مرات، ولكن إذا كانت المضمضة لغرض التبريد بالماء ونزل إلى الحلق وجب القضاء دون الكفارة، وإن ابتلعه نسيانا فلا قضاء عليه، وهكذا إذا أدخل الماء في فمه عبثا فدخل إلى جوفه بغير قصد، وأما لو تمضمض لوضوء الفريضة أو النافلة فسبقه ودخل إلى جوفه بغير اختيار فلا قضاء عليه.

تذوق المرق: لا يبطل الصوم  بتذوق المرق، بشرط أن لا يتعدى إلى الحلق، وإن تعدى من غير قصد أو نسيان فلا يبطل أيضاً. 

بلع الريق: لا يبطل الصوم بابتلاع البصاق المجتمع في الفم وإن كان كثيرا وكان اجتماعه باختياره كتذكر الحامض مثلا، بشرط أن لا يخرج من فضاء الفم قبل البلع.

بلع البلغم: لا يبطل الصوم ببلع ما يخرج من الصدر أو ما ينزل من الرأس بشرط أن لا يصل إلى فضاء الفم فيبلعه، وأما إذا وصل إلى فضاء الفم فالأحوط استحبابا ترك بلعه.

بلع المتبقي بين الأسنان: يبطل الصوم إذا كان البلع عن تعمد، وأما إذالم يكن متعمدا فلا يبطل.

غمس الرأس في الماء: يجوز مع الأمن من وصول الماء إلى الحلق وإن كان مكروها كراهة شديدة.

الاحتلام أثناء النهار: لا يُفسد الصوم، بشرط أن لا يكون بإرادته وإلا لم يكن احتلاما بل استمناءً، فلو أفاق في أية ساعة من ساعات النهار فوجد نفسه مجنبا بالاحتلام لم يضر ذلك بصحة صومه وإن لم يغتسل من جنابته.

استعمال المفطر: بدون عمد لا يبطل الصوم، ومع العمد يبطل الصوم وعليه القضاء والكفارة.

 

لتحميل الملف اضغط هنا