الحارث الهمداني

اسمه ونسبه: الحارث بن عبد الله الهمداني المعروف بالحارث الأعور، وهو من قبيلة همدان، وهي من القبائل التي نزلت الكوفة، قادمة من اليمن، ولها بطون كثيرة، وعُرفت هذه القبيلة بالتشيع للإمام علي (عليه السلام) وأهل بيته الطيبين الطاهرين (عليهم السلام).

ولاؤه لأمير المؤمنين (عليه السلام):

كان الحارث من خواص أمير المؤمنين (عليه السلام)، ومن أوليائه، ومحل عنايته واهتمامه (عليه السلام).

وكان من القراء الذين قرأوا على علي (عليه السلام) وابن مسعود.

وروي أن أمير المؤمنين(عليه السلام) دعا كاتبه عبيد الله بن أبي رافع، وقال له: (أدخل عَلَيَّ عشرة من ثقاتي، فقال ابن أبي رافع للإمام :سمِّهِم لي يا أمير المؤمنين، فسمَّاهم (عليه السلام)، فكان من بينهم الحارث الهمداني)[1].

وفي كتاب طبقات ابن سعد: أن علياً (عليه السلام) خطب الناس، فقال: (مَن يشتري علماً بدرهم؟ فاشترى الحارث صُحُفاً بدرهم، ثم جاء بها علياً (عليه السلام) فكتب له علماً كثيراً)[2].

 وعن أبي إسحاق السبيعي عن الحارث الأعور قال: خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) خطبة بعد العصر، فعجب الناس من حسن صفته وما ذكره من تعظيم الله جل جلاله، قال أبو إسحاق: فقلت للحارث: أو ما حفظتها؟ قال: قد كتبتها فأملاها علينا من كتابه: (الحمد الذي لا يموت ولا تنقضي عجائبه، لأنه كل يوم في شأن من إحداث بديع لم يكن، الذي لم يلد فيكون في العز مشاركا ولم يولد فيكون موروثا هالكا، ولم تقع عليه الأوهام فتقدره شبحاً ماثلاً ولم تدركه الأبصار فيكون بعد انتقالها حائلاً)[3].

وروى نصر بن مزاحم: لما أراد علي بن أبي طالب (عليه السلام) الخروج إلى صفين، أمر الحارث أن ينادي في الناس: أخرجوا إلى معسكركم بالنخيلة، فنادى الحارث في الناس بذلك[4].

وروي أنه عندما أغار أزلام معاوية على الأنبار في العراق من جهة الشام، أَمَّرَ أميرُ المؤمنين (عليه السلام) الحارث، فنادى في الناس: أين مَن يشتري نفسه لربه ويبيع دنياه بآخرته، أصبِحوا غداً بالرحبة إن شاء الله، ولا يحضر إلا صادق النية في السير معنا، والجهاد لعدونا[5].

ومن أخباره مع أمير المؤمنين (عليه السلام): جاء في كتاب أمالي الشيخ الطوسي ما مُلَخَّصُهُ: أنه مجموعة من الشيعة بقيادة الحارث دخلوا على أمير المؤمنين علي(عليه السلام)، فقال (عليه السلام) للحارث: (إن الحق أحسن الحديث، والصادع به مجاهد، ألا إني عبد الله وأخو رسوله وصديقه الأول، خذها إليك يا حارث قصيرة من طويلة: أنت مع مَن أحببت، ولك ما احتسبت، قالها ثلاثاً، فقال الحارث وهو قائم يجر رداءه جذلاً: ما أبالي وربي بعد هذا متى لقيت الموت أو لقيني)[6].

وفاته: توفي الحارث الهمداني (رضي الله عنه) سنة (65 هـ)، على أكثر الروايات.

مجلة بيوت المتقين العدد (55)

 


[1] وسائل الشيعة: ج30، ص235.

[2] الطبقات الكبرى: ج6، ص168.

[3] الكافي: ج1، ص141.

[4] وقعة صفين: ص121.

[5] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج2، ص89.

[6] الأمالي: ص627.