5- يحيى بن محمد العلوي البصري (قدس سره) (ت 613هـ)

قال ابن أبي الحديد المعتزلي (المتوفى سنة 656هـ‍) نقلاً عن أستاذه أبي جعفر يحيى بن محمد العلوي البصري: فإن قلتم: إن بيت فاطمة (عليها السلام) إنما دُخِل، وسترها إنما كُشِف حفظا لنظام الإسلام، وكي لا ينتشر الأمر، ويُخرج قوم من المسلمين أعناقهم من ربقة الطاعة، ولزوم الجماعة..

قيل لكم: وكذلك ستر عائشة إنما كُشِف، وهودجها إنما هتك لأنها نشرت حبل الطاعة، وشقت عصا المسلمين، وأراقت دماء المسلمين.. إلى أن قال: فكيف صار هتك عائشة من الكبائر، التي يجب معها التخليد في النار، والبراءة من فاعله، من أوكد عرى الإيمان، وصار كشف بيت فاطمة (عليها السلام) والدخول عليها منزلها، وجمع حطب ببابها، وتهددها بالتحريق من أوكد عرى الدين، وأثبت دعائم الإسلام، ومما أعز الله به المسلمين، وأطفأ نار الفتنة، والحرمتان واحدة، والستران واحد؟

وما نحب أن نقول لكم: إن حرمة فاطمة (عليها السلام) أعظم، ومكانها أرفع، وصيانتها لأجل رسول الله (صلى الله عليه وآله) أولى، فإنها بضعة منه، وجزء من لحمه ودمه، وليست كالزوجة الأجنبية، التي لا نسب بينها وبين الزوج.

إلى أن قال: وكيف تكون عائشة أو غيرها في منزلة فاطمة (عليها السلام)، وقد أجمع المسلمون كلهم – من يحبها ومن لا يحبها منهم-: أنها سيدة نساء العالمين؟!

قال: وكيف يلزمنا اليوم حفظ رسول الله (صلى الله عليه وآله) في زوجته، وحفظ أم حبيبة في أخيها، ولم تلزم الصحابة أنفسها حفظ رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أهل بيته[1].

 


[1] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج20، ص16- 17.