سورة الفاتحة (أم الكتاب) تفسيرها، فضلها، آثارها في الدنيا والآخرة

سورة الفاتحة (أم الكتاب) تفسيرها، فضلها، آثارها في الدنيا والآخرة

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدين.

اهتم الدين الحنيف بتربية المسلمين تربية روحية ترتقي بهم نحو الهدف الأسمى من الخلقة، ألا وهو السمو الروحي والخُلُقي بما يتناسب مع متطلبات الفطرة الإنسانية التي تتوق للوصول إلى  الكمال اللائق بها، والقُرب من النور الإلهي، الذي هو أصل كل نورٍ وهدى ورحمةٍ في عالم الموجودات، ولا يتم هذا الأمر من دون وجود راعٍ يُقَوِّم مسيرة الإنسان في هذه الحياة، ويسير بهم نحو الهدف من أقصر الطرق وأسلمها عن الانحراف والزَيْغ، ألا وهم المعصومون(صلى الله عليه وآله)، وكذلك لا يتم من دون شريعة مُنزَلة من قبل خالق الإنسان ومربيه، الذي اهتم برعاية هذا الإنسان وتكفَّل بإيصاله لما يطلبه من كمال وقُرب.

ومن جملة ما مَنَّ الشارع به على عباده، وتفضَّل به عليهم مما يدخل في إطار التكامل والقرب المطلوبين منه والمرغوبين إليه، حالة الذكر التي يعيشها الإنسان في بعض الأوقات، فتملأ روحه ونفسه بنور الله الذي يلهج به لسانه، فيشع عليه رحمة وطمأنينة وهدى، ويجذبه نحو القرب منه، مما يولد التكامل في روحه وأخلاقه ونفسه،  فإن حالة الذكر نفسها تُعَدُّ من النعم التي مَنَّ الله بها على العباد التي تقتضي شكراً، كما ورد عن الإمام زين العابدين(عليه السلام):

(إلهِي لَوْلا الْواجِبُ مِنْ قَبُولِ أمْرِكَ لَنَزَّهْتُكَ مِنْ ذِكْرِي إيَّاكَ، عَلى أَنَّ ذِكْرِي لَكَ بِقَدْرِي، لا بِقَدْرِكَ، وَما عَسى أَنْ يَبْلُغَ مِقْدارِي، حَتّى أُجْعَلَ مَحَلاًّ لِتَقْدِيسِكَ، وَمِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ عَلَيْنا جَرَيانُ ذِكْرِكَ عَلى أَلْسِنَتِنَا، وَإذْنُكَ لَنا بِدُعآئِكَ، وَتَنْزِيهِكَ وَتَسْبِيحِكَ)[1].

وقد تنوعت أساليب الذكر وتعددت الكلمات التي يلهج بها الذاكرون بحسب ما وصلنا من عدد كبير من الروايات التي فصلت سبل الذكر وطريق الوصول إلى الله، وفي كثير من هذه الأذكار نجد القرآن حاضراً وبقوة، إن لم نقل هو سيد الموقف في ما ورد في هذه الأذكار من نصوص.

وسورة الحمد بما فيها من البسملة من أجلِّ وأشرف السور والآيات التي نزلت في القرآن الكريم، بل في بعض الروايات -كما سيأتي- أنها أعظم سورة في كتاب الله الكريم، ولذا لا نستغرب ما قد أولاها المشرِّع الأقدس من أهمية كبيرة تجسدت في الكم الكبير من الروايات الشريفة التي جاءت على لسان المعصومينB، حَفَظَةِ الدِّين ومُبيِّنِي شِرْعَة سيد المرسلين(صلى الله عليه وآله)، الصادق الأمين، والذي يعكس لسان الوحي الإلهي، فقد تحدثت عنها وبينت آثارها وحثت على الأخذ بها والاهتمام  بشأنها، وبيَّنت جملة من المواضع للأخذ بها.

ونحن من باب الحرص على تقديم الزاد الروحي للمؤمنين في شتى بقاع الأرض حرصنا على أن نقدم لهم ما يختص بهذه السورة المباركة، التي هي مفتتح القرآن وكل خير يقوم به الإنسان في حياته، يستعين بها عل أموره للدنيا والآخرة، وقد حرصنا أيضاً على استقصاء كل ما ورد مختصاً بها، ليكون الكتاب شاملاً، ولتعم الفائدة ويتضاعف الأجر.

وفي سبيل الإحاطة بكل ما ورد فيها من روايات نقسم البحث فيها إلى قسمين:

القسم الأول: ما يختص بالبسملة من سورة الفاتحة.

القسم الثاني: ما يشمل كامل السورة من روايات.

نسأل الله أن يأخذ بأيدينا وأيدي المؤمنين لمرضاته، ويرزقهم القرب من ساحة قدسه، ويَمُنَّ علينا بالقبول، ويجعله خالصاً لوجهه الكريم، وينفعنا به يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين.

                                                              

شعبة التبليغ

25/رجب/1440هـ - 2/4/2019 م

لتحميل الكتاب أضغط هنا

 

[1] مناجاة الذاكرين للإمام السجاد(عليه السلام).