كلما أردنا أن نطبع صفة محبوبة على صفحة النفس، أو أن نمحو منها صفة مبغوضة ذميمة، لابد أن يحصل لنا علم ولو إجمالاً بتلك الصفة، يساعدنا على أن نرسم لأنفسنا مفهوما واضحا لها؛ حتى لا نقع في شبهات يصنعها لنا الشيطان؛ فتشتبه علينا الأصوات والصور.
وصفة الرياء مع سعي المسلم للابتعاد عنها سببا ونتيجة، إلا أنه ليجد نفسه أحيانا ليس ببعيد عنها، ذلك أن ثمة صورا غامضة لمفهوم الرياء عليها غشاوة، ألا إنه رياء بسحنة من الخفاء.
الرياء الظاهر المعروف، هو عبارة عن تحسين العبادة أو العمل أمام الملأ دون الخلوة، وهو من منافيات الإخلاص ومهلكاته، والكل ساع لتجنبه والاستعاذة منه بالله عز وجل، وثمة صورة أخرى غامضة للرياء، وهي تحسين العبادة في الخلوة لتحسينها في الملأ والعلن، فالعبد مثلاً يحاول تحسين عباداته في خلوته؛ حتى يؤديها بنفس الحسن في العلن أمام الناس، ظناً منه أن معنى الرياء هو زيادة تحسين العمل في العلن، وهي شبهة في هذا الموضوع؛ لأن الرياء يتحقق بملاحظة الغير في أداء العمل، لا مطابقة العمل في السر للعمل في العلن، وعليه لا تكفي مطابقة حال الخلوة لحال العلن إذا لاحظ الشخص نظر الناس ومراقباتهم وتقييمهم ولو اتفاقا، وبتعبير بعض العلماء ينبغي على العابد أن يكون اعتبار مشاهدة الناس للعمل، كمشاهدة البهائم لها من جهة عدم اعتبار ذلك، حتى يتيقن زوال صفة الرياء من على صفحة نفسه بجميع صورها .
جاء في عوالي اللآلي ج: 2 ص: 75 أن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر قيل ما الشرك الأصغر قال الرياء .
وفي مستدرك سفينة البحار ج1 ص43 عن الصّادق (عليه السلام) قال: كلّ رياء شرك، إنّه من عمل للناس، كان ثوابه على الناس، ومن عمل لله، كان ثوابه على الله.
فينبغي أن يتعامل الإنسان في أعماله وعباداته كأنه الإنسان الوحيد على وجه البسيطة، بإلغاء كل اعتبار لمن حوله حال الإخلاص، فإن لحظة اعتباره قد تهدم الأعمال وتثلم الامتثال
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (1)