جاء بضعة رهطٍ وقدّموا شكوى في مركز الشرطة الذي أباشر العمل فيه على شخص في قضية دهس وقتل، وأنا كضابط شرطة حقّقت في القضية وبعد تمام التحقيق تبيَّن أنّ القتل كان خطأً وليس عمداً واقتنع الطرفان بذلك، فقلت لأصحاب القتيل أنتم مخيَّرون بين أخذ (الفصل) والتنازل عن القاتل أو إبقاء الشكوى ماضية عليه ليسجن جرّاء فعله.
فقال شخص تبدو عليه الهيبة والوقار من عائلة مسبب الحادث: يا سيّدي كلامك ليس صائباً.
قلت: ولِمَ؟
فقال الرجل: إنّ حكم الشرع يخالف قولك.
قلت: وما هو الصحيح؟
قال الرجل: أولاً: يطلق على هذا التعويض الشرعي بالديّة وليس بالفصل، وثانياً: يلزم هنا الديّة والكفارة.
قلت: يُطلق عليها الديّة!! وكم هي يا ترى؟ وما هي الكفارة أيضاً؟
فقال: (5250) مثقال فضة. والكفارة يجب فيها عتق رقبة، فإن عجز فصيام شهرين متتابعين، فإن عجز فإطعام ستين مسكيناً.
قلت: لم أكن أعلم ذلك لوجود الكثير من الكفارات والديّات في الشرع الإسلامي وتتعدد بتعدد أسبابها.
وبعد الاتفاق الابتدائي على دفع الديّة بدلاً عن سجن المدعى عليه وذهاب المنكوبين بولدهم لوجهتهم، قلت: إن لم يكن في ذلك إطالة وحرج عليك هلا أجبتني بشكل عام عن بعض الكفارات وأسبابها؟
فقال الرجل: بكلّ سرور. تفضل سَلْ.
قلت: أحببت أن أعرف فيما يجب في كفارة الظهار؟
فقال الرجل: تجب فيه الكفارة المرتبة، وهي عتق رقبة، فإن عجز فصيام شهرين متتابعين، فإن عجز فإطعام ستين مسكيناً.
قلت: أَلا تجب بأسباب أُخرى؟
قال: تجب هذه الكفارة أيضاً في موارد كفارة قتل الخطأ، وكفارة من أفطر يوماً من قضاء شهر رمضان بعد الزوال.
قلت: وكفارة اليمين؟
قال: يجب فيها إطعام عشرة مساكين، فإن عجز فصيام ثلاثة أيام.
قلت: عبَّرت سابقاً بعبارة الكفارة المرتبة، فهل يوجد غير المرتبة؟
قال الرجل: نعم، وهي الكفارة المخيَّرة، وهي في ثلاثة موارد أيضاً:
1ـ كفارة مَن أفطر في شهر رمضان بتعمّد الأكل أو الشرب أو الجماع أو الاستمناء أو البقاء على الجنابة.
2ـ كفارة مَن أفسد اعتكافه الواجب بالجماع ولو ليلاً، ويلحق به على الأحوط وجوباً الجماع المسبوق بالخروج المحرَّم وإن بطل اعتكافه به بشرط عدم رفع يده عنه.
3ـ كفارة حنث العهد.
قلت: وماذا يجب في الجميع؟
قال: عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكيناً.
قلت: وهل هناك أقسام أُخرى من الكفارات؟
قال الرجل: نعم، فهناك ما اجتمع فيه الترتيب والتخيير، وهي في ثلاثة موارد أيضاً:
1 - كفارة الإيلاء.
2 - كفارة اليمين.
3 - كفارة النذر، وحتى نذر صوم يوم معيَّن على الأقوى.
قلت: وما يجب في الجميع؟
قال: يجب فيها عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن عجز فصيام ثلاثة أيام.
قلت: وهل هناك أقسام أُخرى؟
قال الرجل: نعم، فهناك ما تسمى بالكفارة المعيَّنة، وهي فيمن حلف بالبراءة من الله أو من رسوله(صلى الله عليه وآله) أو من دينه أو من الأئمة(عليهم السلام)، ثمّ حنث.
قلت: فما يجب على فاعل ذلك؟
قال الرجل: يجب عليه إطعام عشرة مساكين، وهناك قسم آخر وهو كفارة الجمع، وهي في قتل المؤمن عمداً وظلماً.
قلت: أعوذ بالله، وما يجب فيه؟
قال: يجب فيه عتق رقبة مع صيام شهرين متتابعين وإطعام ستين مسكيناً.
قلت: وإذا اشترك جماعة في القتل العمدي؟
فقال: وجبت الكفارة على كلّ واحد منهم، وكذا في قتل الخطأ.
قلت: وإذا ثبت على مسلم حدّ يوجب القتل - كالزاني المحصن واللائط - فقتله غير الإمام والمأذون من قبله فهل تثبت الكفارة عليه أم لا؟
قال الرجل: ثبوت الكفارة على القاتل غير بعيد، نعم لا كفارة في قتل المرتد - إذا لم يتب - مطلقاً على الأظهر.
فقلت: المشهور في جزِّ المرأة شعرها في المِصاب كفارة فما هي؟
قال: نتف المرأة شعرها أو خدش وجهها إذا أدمته، أو شقّ الرجل ثوبه في موت ولده أو زوجته كفارة اليمين، ولكن الأظهر عدم وجوب الكفارة في هذه الموارد وإن كان التكفير أحوط استحباباً.
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (64)