هل التقليد قضية حادثة؟

هل مسألةُ التقليد حادثةٌ أوجدها العلماء المتأخرون، أَم هي موجودة عند العلماء المتقدمين؟

  الجواب: قال المشككون إِنّ التقليد أمر حادث، وبدعة ابتدعها وأنشأها المتأخرون، وقالوا إِنّ أول من تطرق لها السيد اليزدي في كتابهِ (العروة الوثقى)، وهذا إما جهل أَو جحود منهم! فقد ذكر القدماء من علمائنا مسألة التقليد في أَبحاثهم الأصولية، ولم يذكرونها في أَبحاثهم الفقهية، فظن المشككون أنّ العلماء المتقدمين لم يتعرضوا للتقليد، فحملوا على التقليد حملتهم الشعواء، ولإثبات أنّ العلماء المتقدمين ذكروا أبحاث التقليد، وكانوا من القائلين به، نذكر نموذجين من أقوالهم في هذا المجال:

   النموذج الأول: ذكر الشيخ الطوسي(قدس سره) المتوفي سنة (460) هـ في كتاب (عدة الأصول: ص124)
  قال:
(...والَّذي نذهب إِليه: أنّه يجوز للعاميّ الَّذي لا يقدر على البحث والتّفتيش تقليد العالم يدلّ على ذلك : أنّي وجدت عامّة الطَّائفة من عهد أَمير المؤمنين (عليه السلام) إِلى زماننا هذا يرجعون إِلى علمائها، ويستفتونهم في الأحكام والعبادات، ويفتونهم العلماء فيها، ويسوّغون لهم العمل بما يفتونهم به، وما سمعنا أَحدا منهم قال لمستفتي لا يجوز لك الاستفتاء ولا العمل به، بل ينبغي أَن تنظر كما نظرت وتعلم كما علمت، ولا أَنكر عليه العمل بما يفتونهم، وقد كان منهم الخلق العظيم عاصروا الأئمة (عليه السلام)، ولم يحكِ عن واحد من الأئمة (عليهم السلام) النّكير على أَحد من هؤلاءِ ولا إيجاب القول بخلافهِ، بل كانوا يصوّبونهم في ذلك، فمن خالفهُ في ذلك كان مخالفاً لما هو المعلوم خلاف).

  النموذج الثاني: قال السيد المرتضى المتوفي سنة (436) هـ في كتابه الذريعة إلى أصول الشريعة: ص797: (...والذي يدل على حسن تقليد العامي للمفتي: أنه لا خلاف بين الأمة قديماً وحديثاً في وجوب رجوع العامي إلى المفتي، وأَنّه يلزمه قبول قوله، لأنه غير متمكن من العلم بأحكام الحوادث، ومن خالف في ذلك كان خارقاً للإجماع).

مجلة اليقين العدد (45)