آفة الصدقة

اشتهر احد الأغنياء في مدينته بالكرم الشديد، خاصة مع الفقراء والمساكين وكان ذا مال وفير، و لكن كانت له عادتان سيئتان فقد كان يتفاخر على المساكين وهو يعطيهم الصدقات، فإذا طلب منه أحدهم درهماً كان يقول له بصوتً عالي أمام الناس: درهم واحدً ؟! أنا لا أعطي أحداً درهماً فقط خذ هذه عشرة دراهم وكان أيضاً إذا مرّ على فقير كان قد أعطاه صدقةَ يقول له أمام الناس: ماذا فعلت أيها الرجل بـالمال الذي أعطيته لك؟ هل حللت مشاكلك به؟

ولذلك كان الفقراء لا يحبونه رغم أنه يتصدق عليهم ، وكانوا يتمنون لو أنه يكف عن مفاخرته عليهم؟

ولم يكف عن هذه العادة السيئة ، ولم يعدل عنها بل استمر يتباها أمام الناس بما يملك وبما يعطي الفقراء والمساكين من أموال.

فقرر أحد الأشخاص أن يلقن هذا الغني درساً لا ينساه أبدأً ويعلمه أن ما يفعله ليس صحيحاً بل يعد خطأ كبيراً وسوف يضيع ثوابه.

جلس هذا الشخص ذاتَ يوم في الطريق الذي يمر بهِ الغني ، وارتدى ملابس قديمة وممزقة ووضع أمامه كوباً صغيراً فارغاً ، وأخفى جزء منهُ في التراب..

وانتظر هذا الرجل وقتاً يسيراً و عندما مر الغني أمامه قال له: يا أخا العرب هل يمكن أن تضع لي درهماً في هذا الكوب؟

فضحك الغني وقال: متفاخراً بملئ فيه كعادته

درهم؟! لا أيها الفقير سوف أملأ لك هذا الكوب بدراهم.

ونادى على أحد أتباعه وأمره أن يملأ هذا الكوب بدراهم ، فضل يضع درهماً تلو الآخر حتى وضع مئة درهم ولكن الكوب لم يمتلئ

ثم أمسك كيس الدراهم وأفرغه كله في الكوب دون فائدة ، فقال له الرجل الفقير: الكوب لم يمتلئ يا سيدي

فأجابه الغني: وأنا أموالي نفذت، فأجابه الرجل: هل تعلم لماذا؟

ثم رفع الكوب فوجده مثقوباً من أسفله وقد حفر تحته حفره عميقه.. ثم قال الرجل: لقد ابتلعت هذه الحفرة كل أموالك

كذلك التباهي والتفاخر لم ينفعك وسوف يبتلع أجرك وثوابك ، ثم رد إليه أمواله

فهم الغني الدرس فرأى هدى وضياء في ذلك الموقف.

المصدر: مجلة بيوت المتقين، العدد (37)، صفحة (26)