ستكون وأنت تبلغ أو تتجاوز العشرين ربيعاً عالي الثقة بالنفس والرغبة الشديدة في الاستقلال بالحياة، وخوض التجربة الحياتية منفرداً، وهو شعور إيجابي جيد إذا أردت أن تؤسس قاعدة الحياة القابلة، وترسم صورة مستقبلك في أن تعيش حياة مليئة بالفرص والتحدي والنجاح، أو حياة مملّة مبنية على انقضاء السنين بلا تغيير ملحوظ، مثلما يعيش الكثير حولك.
توجد بعض الأُسس التي تساعد على أن يضمن الشاب العشريني نوعاً من النجاح في حياته، نذكرها بعنوان نصائح أو لوائح يستطيع الشاب أن يتتبع من فاعليتها وتأثيرها من خلال تجارب الآخرين.
أولاً: الزواج
هذه المرحلة العمرية يختزن فيها الإنسان طاقة هائلة من القدرات الجسدية والفكرية والعاطفية، والزواج عامل مُهمّ جداً لضمان الاستقرار الجسدي والتوازن النفسي في حياتك، واستخدام تلك الطاقة الإنسانية في طريق السلامة والاستمرار في الحياة، فالزواج يبني أُسرة جديدة، ويبكّر في استقلال الذات، ومن الطبيعي أن يكون ذلك مع توفر الإمكانات والمقدّمات المناسبة، وإلّا يكون الزواج مشروعاً للهدم لا للبناء، فإذا كانت الفرصة سانحة، ولك القدرة المالية والاجتماعية على الزواج وتكوين الأُسرة مبكراً، فإنَّ شريك حياتك الجديد لشدّة العلاقة بينكما ونوع الحرص منكما على بناء حياة صالحة، سيدفعك هذا إلى الأمام، وللمزيد من النجاح والتميّز.
ولا يعترض الذين لم ينجحوا في زواجهم على هذا الكلام، فلربما يكون السبب في عدم دراسة وإتقان الموضوع بالصورة الصحيحة، ونحن نتحدّث فيما إذا تمت المقدّمات الصحيحة والمناسبة.
ثانياً: تحديد الهدف
حيث تكون في هذا العمر متاخماً بالحماس والإصرار والاستعداد للعمل والكدح بشكل ربما يقلّ أو يتغيّر في بقيّة مراحل حياتك الآتية، فينبغي لك أن ترسم مصباً لذلك الحماس والاستعداد، فتسأل نفسك وتجيب نفسك: ماذا تريد أن تفعل؟ لماذا تريد هذا الأمر تحديداً؟ كيف تحقق طموحك؟
وهذه المراحل الثلاثة تتدرج في الصعوبة والإمكان، فمن السهل تحديد ما تريد أن تفعل، لكن تبدأ الصعوبة في تحديد غاية هذا الفعل، لأنّ كثير من الأفعال لها أكثر من نتيجة، ولها ملازمات متعددة، فلا بدّ من الالتزام بهدف واضح ونافع، أمّا مرحلة التحقيق فلابدّ أن تكون بتركيز أكثر وحسن وحكمة في التصرّف، لذلك نرى المميّزين هم الذين يحققون أهدافهم بدقة.
ثالثاً: لا تلتفت لغيرك.
وكما تقول الحكمة (مَنْ راقب الناس مات همّاً) وهو مَنْ أكبر الأخطاء التي يقع بها الشباب، كمن يلتفت إلى أقرانه أثناء انطلاق السباق، ويقرر المسير على خطاهم نفسها.
إيّاك أن تقع في هذا الخطأ، فتفقد جزءاً كبيراً من إمكاناتك واتزان شخصيتك، فترى صديقك هذا التحق بوظيفة إدارية في شركة ما، فتحدّث نفسك أن تكون مثله، وصديقك الآخر نال وظيفة في شركة أُخرى، فترغب بها، وإذا بهاتف يستعبدك من داخلك يقول: يجب أن أكون مثل أصدقائي، وأعمل بأعمالهم الناجحة، وأسلك الطريق الذي سلكوه.
ربما تشترك مع غيرك في هدف، أو طريق لتحقيق طموح معين، لكن يجب أن تحافظ على استقلالية التفكير والتحقيق، وإلّا فإنّك تسلك طريق الضياع.. طريق التقليدية والغباء والنمطية.. وأنت تحوّل نفسك إلى كائن يعيش على الأماني والتخيلات، وترى نفسك تكبر في السن وليس معك شخصية ثابتة تعيش بها حياتك.
اعمل بواقعية، وبإمكاناتك الحاصلة، واترك عالم الوهم، ولا تسلك طريقة حياة نمطية تقليدية.
نعم، يمكن لشخص أن يختار الطريق التقليدي كخطوة عابرة غير رئيسة، وليس هدفاً تامّاً ليس لك خيار فيه؛ لأنّه أحياناً لا يستطيع الشخص حسب معطيات حياته وبيئته أن يحدد له طريقاً ناجحاً، فلا بأس بالاستعانة بغيرك في هذا الجزء فقط، مع المحافظة على إرادته واختياره استقلاليته التي تشكّل شخصيته التي يتفاعل بها مع الحياة.
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (51)