صيام المريض

يعيش المسلمون هذه الأيام الرمضانية المباركة، التي كنّا ننتظرها بفارغ الصبر، وأنا ممّن كان ينتظرها، ولكن مع الأسف الشديد أصبتُ بعارض صحّي استوجب إجراء عملية جراحية لي، وقد أحزنني ذلك جدّاً، لأنني بإجرائها سوف يفوتني صيام بعضِ أيام الشهر المبارك، وأنا طريح الفراش، وربما بعيداً عن أجوائه التعبّدية، ففي خطبة لرسول الله(صلى الله عليه وآله)، قال فيها: «..فاِن الشّقي من حُرم غفران الله في هذا الشهر ‏العظيم..»[1]، لعدمِ صيامِ أيامه وقيام لياليه، فكان بادياً عليَّ الهمّ والكدر بسبب ذلك، وفي أثناء هذا عادني أخوتي وبعض الأصدقاء.

فقال أحد أصدقائي ولاحظ وجهي يعلوه الكَدَر: لا تبتئس فقد بشرنا الطبيب بأن حالتك سوف تتحسّن بعد العملية.

فقلت له: ليس بسبب إجراء العملية ونتائجها بل بسبب فوات الأيام الرمضانية وبركاتها وأنا لا حول لي ولا قوة بإدراكها ونيل ثوابها.

فقال أخي وهو من بين الحاضرين: قال تعالى: (أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ..)[2]، فانت معذور على معنى الآية الكريمة.

فقلت: أرجو من الله ذلك، وإني حاولت مع الطبيب تأجيل إجراء العملية بعد شهر رمضان فرفضَ لئلا تتدهور حالتي الصحية.

فقلت لأخي -وكان رجلاً متفقهاً -: إذا كان هناك رخصة من الطبيب فهل يجوز تأخيرها؟

قال أخي: يجوز ذلك بلا إشكال.

فقلت له: وإن أُجرِيتْ العملية مع الرخصة بجواز تأخيرها بعد شهر رمضان، فما حكم الإفطار بسببها؟

قال أخي: إفطارك صحيح، وتقضي الأيام التي أفطرتَها بعد الشهر الكريم.

فقلت لأخي: وهل عليّ كفارة؟

قال أخي: لا كفارة عليك.

فقال أحد أصدقائي لأخي: بمناسبة كلامنا هذا، ما هي مفطّرات الصيام؟

فقال أخي: المفطرات هي:

- تعمد الاكلّ والشرب.

- تعمد الكذب على الله ورسوله (صلى الله عليه وآله)، والأئمة المعصومين (عليهم السلام) (على الأحوط وجوباً).

- تعمد (الجماع) في القبل أو الدبر فاعلاً أو ‏مفعولاً به.

- تعمد الاستمناء بأيَّة صورة من الصور.

- تعمد البقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر.

فقال صديقي: أحيانا يضطر الإنسان إلى إخراج المني من غير موضعه المعتاد لأغراض طبية، بسحبه بمحقنة مثلا، فما حكمه؟

قال أخي: ذلك ليس من المفطرات.

‏فقال صديقي: وما المفطرات الأخرى؟

قال أخي: تعمّد اِدخال الغبار أو الدخان الغليظين إلى الحلق (على الأحوط وجوبا)، وتعمّد القيء، وتعمّد الاحتقان بالسوائل.‏

فقال صديقي: تستعمل بعض النساء- في الليل- في شهر رمضان العقاقير التي تؤجل الدورة الشهرية لكي يتسنى لها صيام الشهر المبارك من دون انقطاع، فما حكم صيامها؟

قال أخي: صومها صحيح.

قال صديقي: وماحكم الحامل المقرب الذي يضر الصوم بها أو بحملها؟

قال أخي: عليها القضاء والفدية.

قال صديقي: وما مقدار الفدية؟

قال أخي: مُدٌّ من طعام، أي ما يعادل ثلاث أرباع الكيلو.

وقال صديقي: والمرضعة قليلة اللبن إذا أضر بها الصوم أو بالولد؟

قال أخي: تفطر، وعليها القضاء والفدية، ولا فرق في المرضعة أن يكون الولد لها أو لغيرها، و(الأحوط لزوماً) الاقتصار على صورة انحصار الإرضاع بها.

فقال صديقي لأخي: لو فرض الطبيب على أخيك نظاماً غذائياً أو دوائياً معيناً يتنافى مع الصيام؟

قال أخي: يفطر، أذا كان ترك ذاك النظام يؤدي الى ضرره.

قال صديقي: وما حكم القطرة التي توضع في العين أو الأذن ويظهر طعمها في الحلق؟

قال أخي: لا تضرّ بصحه الصوم.

فقال صديقي: وحكم الزرق بالإبر داخل العضلة أو الوريد، وما يسمى بالمغذي؟

قال أخي: لا يبطل الصوم، وان كان على الأحوط استحباباً الاجتناب عن المغذي.

فقال صديقي: وحكم البخاخ الذي يستخدمه مرضى الربو؟

قال أخي: لا يضر بالصوم أذا كانت المادة التي يبثها تدخل المجرى التنفسي دون مجرى الطعام والشراب.

فقال صديقي: وما حكم الذي يصل إلى الحلق عن طريق الانف؟

أجاب أخي: يفسد الصوم كالذي يدخل الحلق عن طريق الفم تماماً.

المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (28)

 


[1] الوسائل، الحر العاملي: ج10، ص313.

[2] سورة البقرة: الآية 184.