الشامانية: هي من الأديان البدائية ذات المعتقدات الهزيلة والبسيطة، وعرفت لأول مرة في الشرق الأدنى من قارة آسيا، وفلسفة هذه الديانة تقدم تصوراً خاصاً، يبتني على أساس وجود صلة بين البشر والآلهة، وتنفرد عن غيرها من الديانات بوجود عالم خفي فيها محجوب عن البشر، هو عالم الآلهة والشياطين، وأرواح الأسلاف، وعقيدة معتنقيها أن السماء هي عرش الآلهة، والأرض هي بيتهم، والطبيعة هي معبدهم المقدس، وشامانيتهم تدعو إلى حب واحترام الطقوس والتقاليد، وحتى اللغة الخاصة بهم، وحالياً منتشرة هذه الديانة في سيبيريا الشرقية وحتى حدود الصين.
ومن تعريف الشامانية والتدقيق في محتواها، نجدها تقارن بين الشعوذة والسحر، مروراً بآثارها المعاصرة، ستتكون لنا لوحة غير مكتملة المعالم غامضة الظواهر، ولأنها ديانة أرضية مختلقة، شكَّلها البشر، تُطرح أسئلة مقتضبة عنها، هل هي مسعى روحي خاص بنخبة معينة أم ترحب بالجميع؟ أم أنها ممارسة سحرية تقتصر على النخبة؟ أم أنها تولَّدت عن تصورات أنثروبولوجيا قد تجاوزت الحد؟ ربما تكون الشامانية كل ذلك، وإن اقتصرت في اعتقادهم على أن خرق الحجب والتواصل مع الموتى ينفرد به الشامان لا عامة الناس.
فأساطير الصعود، واختراق العوالم الخفية، لها علاقة بجماعة الشامان المؤمنة بتلك العقائد الواهنة، فرجل الشامان - وهو بمنزلة الراهب لهذا الدين، جامع لكل مواصفات التواصل مع الآلهة المزعومة- يعتقد الناس فيه البركة والتقديس، فلرجل الشامان قدرات خارقة عند اتباع الشامانية، ككشف المستور، والسيطرة على الأحداث المستقبلية، وتسخير النيران، ومعالجة المرضى عن طريق الجلسات الروحية، والتي في أثنائها تخرج الأرواح من الأجساد إلى عوالم الملكوت، أو الى العالم السفلي، والذي يراد به عالم الظلمات والشرور، وتبقى الأرواح هائمة حتى تنجز المطلوب، من خلال ممارسة بعض الطقوس كـ(الرقص والموسيقى) غالباً ـ لذا البعض يعوّد أصل كلمة الشامان إلى معنى الحركة، والقفز، والرقص ـ والتي تُدخل رجل الشامان في نشوة روحية، تعيده الى حالته الأولى، حيث يعتقد إنه في الماضي كان يمتلك قدرات خارقة تمكنه من الاتصال بالآلهة، وعندما يذهب في غيبوبة روحية بحسب دعواهم، فإنه يطير في الهواء، ويجتمع بالآلهة لأجل شعبه، ويكون رجل الشامان عادة أكثر خبرة وضلوعاً في هذا المجال الروحي من عامة الناس، أو من المؤمنين بها، فيجب عليه معرفة كيفية السيطرة واستخدام بعض الأمور الشخصية الطقوسية في سبر غور اختصاصه الروحي، فيؤدي الشامان ما حفظ من تلك الأشكال، والأغاني الطقوسية المهمة، حتى يصل لحالة الغبطة التي هي قبل الانتشائية، مكوّنة واحداً من مصادر الشعر الغنائي في أثناء رعدة الشامان من ضرب الطبول، ودعوة الأرواح، ومخاطبتها بلغة غامضة، أو بلغة الحيوان المتعارفة عندهم، والصراخ، والاهتزاز مع الإيقاعات، ليقدم عالم الملكوت، أو العالم السفلي أرواحاً مساعدة لرجل الشامان بحسب المنطق الشاماني؛ لتعينه في مسعاه العلاجي، فرجل الدين ـ الشامان ـ بحسب اعتقاده انه يدافع عن الحياة، والصحة، والخصب، وعالم النور ضد الموت، ومكافحة المرض، والعقم، وسوء الحظ بهذه الهرطقات.
وهناك طرق ثلاث للوصول إلى الشامانية: حيث يصبح المرء شامانا معترفا به: إما بإلهام غيبي علوي، بحسب الدعوى، أو عن طريق التوارث العائلي، أو بإرادة القبيلة في بعض الحالات، وإذا أخفق المرشح لمنصب الشامان في تجاوزه للمراحل التلقينية، فإن الشياطين والأرواح الشريرة تتمكن منه، ويصبح عرضة للمشكلات الحياتية الروحية والجسدية.
المصادر:
كتاب (التاريخ والأسطورة): لكارين ارمسترونغ.
كتاب (الإنسان وقواه الخفية)، وكتاب (الحاسة السادسة): لكولن ولسن.
المصدر: مجلة اليقين العدد (30)