الايمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك، على الكذب حيث ينفعك

عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «اَلْإِيمَانُ أَنْ تُؤْثِرَ اَلصِّدْقَ حَيْثُ يَضُرُّكَ عَلَى اَلْكَذِبِ حَيْثُ يَنْفَعُكَ وَأَلاَّ يَكُونَ فِي حَدِيثِكَ فَضْلٌ عَنْ عَمَلِكَ»[1].

وجودنا وكينونتنا -بقاءنا-في هذه الحياة محدّد بفترة زمنية لابد من انقضائها، وهذا يعني أن الخير والشر والغنى والفقر وغير ذلك من الحالات المتضادة وغيرها لا بقاء لها ولا دوام، وإنما يرحل الإنسان بعمله، ويبقي أدواته في دار الفناء-المال والجاه وأشباه ذلك-فمن فطن لهذا الأمر وصل الى حقيقة الدنيا، وهذا أمر عبّر عنه أمير المؤمنين (عليه السلام) بأعمق ما يكون إذ يقول: «أَلاَ حُرٌّ يَدَعُ هذِهِ اللُّمَاظَةَ لِأَهْلِهَا؟ إِنَّهُ لَيْسَ لِأَنْفُسِكُمْ ثَمَنٌ إِلاَّ الْجَنَّةَ ، فَـلاَ تَبِيعُوهَا إِلاَّ بِهَا»[2]، وهذا يعطينا فكرة واضحة عن الحياة وأنها محطة مؤقتة أما المقر فهو الدار الآخرة؛ لأنها دار القرار كما عبّر عنها القرآن الكريم في قوله تعالى: (يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ)[3]، وهذا الأمر يدعونا الى طاعة الله في كل جزئياتنا ولا نعصيه لوهم؛ لحظة يتوهم المرء فيها أنه باقٍ، وأن له أن يفعل خلاف الحق لهذا الأمر أو غيره من تسويلات الشيطان الخرقاء، وأنك لتجد أن أمير المؤمنين(عليه السلام) يشير في قوله: الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك على الكذب حيث ينفعك، وأن لا يكون في حديثك فضل عن عملك. الى التزام منهج العقل في الثبات على الصدق لأنه يؤدي بصاحبه الى الله وإلى طاعته، حتى لو أدّى الى مضرة في زمن من أزمنة هذه الدنيا القصيرة فلن يوقع صاحبه في مواقع الفشل في الأخرة، وهو يلحق بهذه الضابطة الثقافية -لأنها تعلم وتوجه للسلوك فهي معرفة سلوكية، أي ثقافة على المعنى الذي يعد الثقافة سلوك عن معرفة-ضابطة أخرى وهي التزام الفعل ومطابقته للقول؛ حتى لا يؤدي ذلك بالإنسان الى عواقب ذلك، وهي عواقب وخيمة؛ لأنه يؤدي بصاحبه الى النفاق، وقانا الله وإياكم سوء العاقبة.

مجلة ولاء الشباب العدد (65)


[1] نهج البلاغة، خطب الإمام علي(عليه السلام): ج ٤ ، ص١٠٥.

[2] نهج البلاغة، خطب الإمام علي(عليه السلام): ج٤.

[3] سورة غافر: اية39.