اسمه ونسبه: خالد بن زيد بن كُلَيب الأنصاري الخزرجي، وهو مشهور بكنيته (أبو أيوب).
إسلامه: أسلم أبو أيوب قبل هجرة النبي (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة، وشهد العقبة.
قصة الناقة: كان الرسول (صلى الله عليه وآله) قد دخل المدينة مختتماً بمدخله هذا رحلة هجرته الظافرة، ومستهلاً أيامه المباركة في دار الهجرة التي ادَّخر لها القدر ما لم يدخره لمثلها في دنيا الناس.
وسار الرسول (صلى الله عليه وآله) وسط الجموع التي أضطرمت صفوفها وأفئدتها حماسةً، ومحبة وشوقاً، ممتطياً ظهر ناقته التي تزاحم الناس حول زمامها، كُلٌّ يريد أن يستضيف رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وبلغ الموكب دور بني سالم بن عوف، فاعترضوا طريق الناقة قائلين: يا رسول الله، أقم عندنا، فلدينا العدد والعدّة والمنعة.
ويجيبهم الرسول (صلى الله عليه وآله) وقد قبضوا بأيديهم على زمام الناقة: (خَلّوا سَبيلَها فَإِنَّها مَأمُورة) ويبلغ الموكب دور بني بياضة، فَحيّ بني ساعدة، فحيّ بني الحارث بن الخزرج، فحيّ عدي بن النجار.
وكل بني قبيلة من هؤلاء يعترض سبيل الناقة، ومُلحّين أن يُسعدهم النبي (صلى الله عليه وآله) بالنزول في دورهم، وهو يجيبهم وعلى شفتيه ابتسامة شاكرة:( خَلّوا سَبيلَها فَإِنَّها مَأمُورة).
فكان الرسول (صلى الله عليه وآله) ممعناً في ترك هذا الاختيار للقدر الذي يقود خطاه، ومن أجل هذا ترك هو أيضاً زمام ناقته وأرسله، فلا هو يثني به عنقها، ولا يستوقف خطاها، وتوجّه إلى الله بقلبه، وابتهل إليه بلسانه: (اللَّهُمَّ خر لِي، واختَرْ لِي).
وأمام دار بني مالك بن النجار بركت الناقة، ثم نهضت وطوَّفت بالمكان، ثم عادت إلى مبركها الأول، وألقت جرانها، واستقرت في مكانها)[1].
وكان هذا السعيد الموعود، الذي بركت الناقة أمام داره، وصار الرسول (صلى الله عليه وآله) ضيفه، ووقف أهل المدينة جميعاً يغبطونه على حظوظه الوافية، هو البطل أبو أيوب الأنصاري، الذي جعلت الأقدار من داره أول دار يسكنها المهاجر العظيم والرسول الكريم (صلى الله عليه وآله).
جهاده: شهد أبو أيوب العقبة، وشهد بدراً، وأُحداً، والخندق، وسائر المشاهد مع رسول الله(صلى الله عليه وآله).
وكان بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) من السابقين إلى الولاية، والثابتين في حماية حقِّ الخلافة، ولم يتراجع عن موقفه هذا قط.
وعُدَّ من الإثني عشر الذين قاموا في المسجد النبوي بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله)، ودافعوا عن حقِّ الإمام علي (عليه السلام) بصراحة.
لم يَدَع أبو أيّوب ملازمة الإمام علي (عليه السلام) وصحبته، واشترك معه في كافَّة حروبه التي خاضها ضدَّ مثيري الفتنة، وكان على خيَّالته في النهروان، وبيده لواء الأمان.
عَقَد له الإمام علي (عليه السلام) في الأيام الأخيرة من حياته الشريفة لواءً على عشرة آلاف، ليتوجّه إلى الشام مع لواء الإمام الحسين (عليه السلام)، ولواء قيس بن سعد لحرب معاوية.
ولكنَّ استشهاد الإمام علي (عليه السلام) حال دون تنفيذ هذه المهمَّة، فتفرَّق الجيش، ولم يتحقّق ما أراده الإمام (عليه السلام).
روايته للحديث: كان أبو أيُّوب من الصحابة المكثرين في نقل الحديث، فروى في فضائل الإمام علي (عليه السلام) أحاديث جَمَّة.
وهو أحد رواة حديث الغدير، وحديث الثقلين، وكلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) للإمام علي (عليه السلام) حين أمره بقتال الناكثين، والقاسطين، والمارقين، ودعوته (صلى الله عليه وآله) أبا أيُّوب أن يكون مع الإمام علي (عليه السلام).
وفاته: تُوفِّي أبو أيّوب (رضي الله عنه) بالقسطنطينيّة، سنة (52 هـ)، عندما خرج لحرب الروم، ودُفن هناك.
مجلة بيوت المتقين العدد (53)