روي عن مولانا الإمام علي الهادي (عليه السلام) أنه قال: «لولا مَن يبقى بعد غيبة قائمكم عليه الصلاة والسلام من العلماء الداعين إليه والدالين عليه والذابين عن دينه بحجج الله،والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومَردته، ومِن فخاخ النواصب؛ لما بقي أحد إلاّ ارتدّ عن دينه. ولكنهم الذين يمسكون أزمّة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكانها، أولئك هم الأفضلون عند الله)[1].
قضايا كثيرة في الواقع وفي مختلف الأمور الدينية والعقائدية كانت ولا تزال محاطة بهالة من الضباب والالتباس وخصوصاً قضية الإمام المهدي الموعود (عجل الله تعالى فرجه الشريف) فلا يمكن أن ننكر اشتمالها على الغموض وهذا يبدوا واضحاً عند اغلب الناس من خلال أي استطلاع للآراء حول أي جانب من جوانب هذه القضية الكبيرة ويمكن أن ينسب هذا الغموض إلى عدة أسباب لا يمكن بحثها في توعية المجتمع في الأمور العقائدية وطرق الإعداد الصحيح لقضية الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وغير ذلك من الأسباب الملقاة على عواتق أطراف مختلفة وهذا الأمر ألقى بضلاله بوضوح على افهام الناس في هذه القضية لذا كان ضوؤنا مسلطاً على التعرف على الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وقضيته وفرزها عن باقي القضايا المزيفة، والإعداد لنصرته وغير ذلك مما يرتبط في هذا الجانب.
ويتصور كثير من الناس أن دور الفقهاء والعلماء ينتهي في عصر ظهور الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)؛ باعتبار أن الإمام (عليه السلام) هو الخليفة والقائد، وبالتالي هو الوحيد الذي يتحكم في المجتمع؟.
وفي الحقيقة أن هذا التصور خاطيء، وللإجابة عليه نقول إن الذي يراجع سيرة الأئمة الأطهار (عليهم السلام) كالصادق والكاظم والرضا والهادي (عليهم السلام) يجد أن للعلماء والفقهاء دوراً كبيراً في نشر العلوم والحفاظ على الشيعة، وكانوا يعتبرون أصابع وأيدي للأئمة (عليهم السلام) كأبي بصير ومحمد بن مسلم وهشام بن الحكم الذي كان رأس الحربة العلمية آنذاك والذي كان يشكل خطراً على الدولة العباسية، ومحاججاته مع الخصم واضحة وبينة ومذكورة في محلها..
ولنقرأ جملة من الروايات الدالة على ذلك..
* عن عبد العزيز بن المهتدي، والحسن بن علي بن يقطين جميعا، عن الرضا (عليه السلام)، قال: (قلت: لا أكاد أصل إليك أسألك عن كل ما أحتاج إليه من معالم ديني، أفيونس بن عبد الرحمن ثقة، آخذ عنه ما أحتاج إليه من معالم ديني ؟ فقال: نعم)[2].
* عن عبد العزيز بن المهتدي، قال: (قلت للرضا (عليه السلام)): إن شقتي بعيدة، فلست أصل إليك في كل وقت، فآخذ معالم ديني عن يونس مولى آل يقطين؟ قال: نعم)[3].
*روى أبو تراب الروياني، قال: سمعت أبا حماد الرازي، يقول: (دخلت على علي بن محمد(عليهما السلام)، بسر من رأى فسألته عن أشياء من الحلال والحرام فأجابني فيها فلما ودعته قال لي: يا حماد إذا أشكل عليك شيء من أمر دينك بناحيتك فسل عنه عبدالعظيم بن عبدالله الحسني واقرأه مني السلام)[4].
فإذاً دور العلماء والفقهاء له أثر كبير في زمن الظهور المبارك لدولة العدل الإلهي، نعم الدور الأول هو للإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) إلا أن دور العالم أو الفقيه له أثره ومكانته عند الإمام (عليه السلام).
المصدر: مجلة اليقين العدد (8)