سلمان المحمدي أُختلف في أسمه واسم أبيه قبل الإسلام، وهو من أبناء زعماء الفلاحين، ويقال له سلمان الخير، وسلمان المحمدي، وكان إذا قيل له: ابن من أنت؟ يقول: أنا ابن الإسلام، أنا من بني آدم، وكان يكنى أبو البينات وغيرها.
وكان ممن طلب الحقيقة والحجة ينتقل من بلد لبلد ومن عالِمٍ لعالم، يبحث عن الأسرار ويستدل بالأخبار منتظراً لقيام سيد الأولين والآخرين محمد(صلى الله عليه وآله) حتى بُشِّر بولادته (صلى الله عليه وآله)، وما سجد لمطلع الشمس كأبويه وإنما كان يسجد لله.
اجتمع أمير المؤمنين(عليه السلام) وسلمان وأبو ذر وجماعة من قريش عند قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لسلمان: يا أبا عبد الله ألا تخبرنا بمبدأ أمرك؟ فقال سلمان: كنت رجلاً من أبناء الدهاقين وكنت عزيزاً على والدي، فبينا أنا سائر مع أبي في عيد لهم إذا أنا بصومعة وإذا فيها رجل ينادي: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن عيسى روح الله، وأن محمداً حبيب الله، فرصف حبُ محمد (صلى الله عليه وآله) في لحمي ودمي، فلم يهنّئني طعام ولا شراب.
ثم لمّا علم والديّ بأمري جعلوني في بئر عميقة وقالوا لي : إن رجعت وإلاّ قتلناك، فقلت لهم: إفعلوا بي ما شئتم، حب محمد(صلى الله عليه وآله) لا يذهب من صدري، فلما طال أمري في البئر رفعت يدي ّ إلى السماء وقلت: يا رب إنك حببّتَ محمداً ووصيَه إليّ، فبحق وسيلته عجّل فرجي وأرحني مما أنا فيه، فأتاني آتٍ عليه ثياب بيض وأتى بي إلى صومعة فيها راهب خدمتُه عامين كاملين، وقبل وفاته دلّه على راهب بأنطاكية يقول بمقالته ثم هذا دلّه على راهب بالإسكندرية بشّره قبيل وفاته بقرب المبعث النبوي الشريف، فخرج وصحب قوماً إستضعفوه وباعوه عبداً ليهوديٍ ثم لأمرأة سليمية أهدته بستاناً لطيب خلقه، فبينما أنا ذات يوم في حائطي وإذا بسبعة رهط قد أقبلوا تظللهم غمامة فقلت: إن فيهم نبياً ثم أنهم دخلوا البستان والغمامة تظللهم وتسير معهم والرسول يأمرهم ويقول: كلوا الحشف (وهو أردأ التمر) ولا تفسدوا على القوم شيئاً وجئت بستة أطباق من رطب وقلت: إن كان فيهم نبي فأنه لا يأكل الصدقة ويأكل الهدية، فقلت هذه صدقة، فقال رسول الله :كلوا وأمسك رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين وآخرون ثم جئت بطبق سابع وقلت هذه هدية، فمد يده وقال: بسم الله كلوا، فقلت في نفسي: هذه أيضاً علامة ثم أشتراه رسول الله من المرأة السليمية بأربعمئة نخلة وأعتقه وسمّاه سلمان رضوان الله تعالى عليه.
المصدر: مجلة اليقين العدد (8)، الصفحة (7).