سار صديقان في صحراء قاحلة لمدة يومين، تحرقهما الشمس بسياطها النارية، وتكوي قدميهما رمال البيداء القاسية، حتى بلغ بالصديقين العطش والارهاق واليأس، فاقترح كل منهما طريقة أفضل للوصول إلى المكان الآمن والماء، فتجادل الصديقان فقام أحدهما بصفع الآخر، ولكنّه لم يفعل شيئاً، فعبّر عن هذا بالكتابة على الرمل: (تجادلت اليوم مع صديقي فصفعني على وجهي)، ثم تابعا السير حتى وصولهم إلى مكان يوجد فيه الماء، فشرب الصديقان حتى ارتويا، ونزل الصديقان للسباحة، ولكنَّ الشخص الذي صفع لم يكن يعرف السباحة، فأوشك على الغرق، فأسرع صديقه لإنقاذه وبعد نجاته اخرج الشخص الذي كاد ان يغرق من جيبه سكينة صغيرة وقام بالكتابة على الصخر (اليوم صديقي انقذ حياتي) فتعجب صديقه وقال له: لماذا كتبت صفعتي لك على الرمل؟ وكتبت إنقاذي لحياتك على الصخر؟ فكانت أجابته: لأنني رأيت في الصفعة التي صفعتني اياها حدثاً عابراً، فكتبتها على الرمل لتأخذها الرياح بسرعة، فأما إنقاذك لي من الغرق فهذا عمل كبير وأصيل، فكتبته على الصخر ليستصعب على المحو.
عن الإمام علي (عليه السلام) :(لا يَكُونُ الصَّدِيقُ صَدِيقاً حَتَّى يَحْفَظَ أَخَاهُ فِي ثَلَاثٍ: فِي نَكْبَتِهِ، وغَيْبَتِهِ، ووَفَاتِهِ)[1] .
عن الإمام علي ابن موسى الرضا (عليه السلام): (من استفاد أخاً في الله استفاد بيتاً في الجنة)[2] .
فالصديق الوفي والحقيقي درة ثمينة يصعب الحصول عليها، وخير الأصدقاء من نسي ذنبك وذكر أجمل صفاتك، ويجب أن يكون الوفاء متبادلاً من الطرفين، ونية الصداقة الحقيقية من الطرفين، والاستعداد لمساعدة الآخر من الطرفين، والأهم من ذلك هو أَن تكون الصداقة لوجه الله، لا لمصلحة، أو مال، فتلك انجح أنواع الصداقة.
فهنيئاً لمن لديه الصديق الوفي.
المصدر: مجلة بيوت المتقين، العدد (55)، صفحة (30)