يتبادر إلى ذهن البعض تساؤل هو: أن الله يعلم من سيذهب إلى النار، أو إلى الجنة، فلماذا خلَقَنَا إذن؟
وهذه في الحقيقة شبهة تتضمن نسبة الظلم إلى الله تعالى، مع أن جوابها واضح وسهل فإن الله تعالى عندما يُدخل الناس الجنة أو النار، ليس ذلك لمجرّد أنه يعلم استحقاقهم ذلك، بل هو ينظر إلى أعمالهم التي اكتسبوها - فعلا - باختيارهم وإرادتهم، فليس العلم هو سبب الثواب والعقاب، وهذه هي فلسفة الامتحان الإلهي للعباد لكي لا تكون للناس على الله الحجة، قال تعالى: ﴿رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً﴾ النساء: 165.
إذاً الله تعالى عنده علم بعباده من ناحية السيئات والحسنات ولكنه لا يجبرهم على اكتسابها بل أوكل ذلك إلى إرادتهم.
ومثال ذلك: لو أنّ مُعلّما يعرف جيدا مستوى أحد الطلاب وأنه سوف يرسب في نهاية السنة فهذا لا يمنحه الحق في أن يصدر الحكم عليه بالرسوب والسقوط في الاختبار قبل أن يمنحه فرصة دخول الاختبار.
وبكلمة أخرى العلم ليس علة للعقاب والثواب بل العلة والترتب على الفعل الخارجي الصادر بالاختيار سواء تعلّق به العلم أو لا، وذلك قول الله تعالى: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا *قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ الشمس: 7-1.
المصدر: مجلة اليقين، العدد (17)، الصفحة (10).