هناك جملة من العوامل كان لها الدور الفاعل في نشوء الفِرق نذكر منها:
العامل الأوّل: الاتجاهات الحزبيّة والتعصّبات القبليّة:
إنّ أعظم خلاف بين الأُمّة هو الخلاف في قضيّة الإمامة، وما سُلَّ سيفٌ في الإسلام وفي كلِّ الأزمنة مثلما سُلَّ على الإمامة.
ومع أنّ الرسول لم يترك الأُمّة سدى، بل نصب خليفةً وإماماً للمسلمين يقوم بوظائف النبوّة بعده، مع ذلك نجد أنه قد اجتمع نفرٌ من الأنصار في سقيفة بني ساعدة قبل تجهيز النبيِّ(صلى الله عليه وآله) ومواراته ثمّ التحق بهم نفرٌ من المهاجرين لا يتجاوز عددهم الخمسة، فكثُر الاختلاف بينهم، فالسقيفة كانت الحجر الأساس لتفرُّق الكلمة.
العامل الثاني: سوء الفهم والّلجاج في تحديد الحقائق:
فقد ثار أهل العراق والحجاز ومصر على عثمان نتيجة إيثاره لبني أميّة في المناصب والعطاء وبسبب الأحداث المؤلمة التي ارتكبها عمّاله في هذه البلاد وانتهى الأمر إلى قتله ونهوض الإمام علي (عليه السلام) بأعباء الخلافة، فقام الإمام بعزل الولاة عملاً بواجبه أمام الله سبحانه وأمام المبايعين له، غير أنّ معاوية الّذي عرف موقف الإمام علي(عليه السلام) بالنسبة إلى عمّال عثمان وقرار العزل، رفض بيعة الإمام (عليه السلام)، ونجم عن ذلك حرب صفّين بين جيش الإمام علي (عليه السلام) وجيش معاوية، فلمّا ظهرت بوادر النصر لصالح أمير المؤمنين (عليه السلام) التجأ معاوية وحزبه إلى خديعة رفع المصاحف والدعوة إلى تحكيم القرآن بين الطرفين، فصار ذلك نواةً لحدوث الاختلاف في جيش أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقد أمر الإمام بمواصلة الحرب وقام بتوضيح الخدعة، غير أنّ الظروف الحاكمة على جيش الإمام ألجأته إلى وقف الحرب وإعطاء الأمر إلى الحَكَمين وإعلان الهدنة.
العامل الثالث: المنع عن كتابة الحديث:
فقد منع الخلفاء الثلاثة ومن سار على نهجهم بعد رحيل الرسول(صلى الله عليه وآله) كتابة الحديث وتدوينه.
المصدر: مجلة اليقين العدد (16)