حكى أحد العلماء وقال: كنت جالسًا قرب التل الزينبي في كربلاء المقدسة وبجانبي رجل واقف، وفي الأثناء وقعت عيني على المرحوم آية الله العظمى السيد أبو الحسن الأصفهاني أكبر مراجع الشيعة في زمانه وهو خارج مع مرافقيه من حرم الإمام أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، فالتفت إلى الرجل وإذا به انطلق منفعلاً نحو السيد الأصفهاني وهو يقول بصوت عالٍ: سوف أشتمه بئس شتيمة!
وبعد دقائق رأيته عاد باكياً وعليه آثار الخجل والندامة! سألته عن السبب لهذه المفارقة العجيبة بين الموقفين؟
فقال: لقد شتمت السيد حتى باب منزله الذي كان يقيم فيه، وهو لا يرد، وعند الباب توقف وطلب مني ان انتظره، دخل ثم رجع وبيده مبلغاً من المال، أعطاني ذلك وقال لي: راجعنا لدى كل ضائقة تعترضك، إذ أخشى أن تراجع غيرنا فلا يقضي حاجتك، ولكن لي إليك حاجة واحدة! وهي أنني أتحمل كل شتيمة موجهة إليّ شخصياً، ولكن أرجوك أن لا تشتم عرضي وأهل بيتي، فإني لا أتحمل ذلك، وأضاف الرجل وهو يرتعش: إن هذه الكلمات التي قالها لي السيد الأصفهاني - أعلى الله مقامه - تركت أثراً بالغاً في أعماقي حتى كدت أخرُّ إلى الأرض، وهذه دموعي جرت بلا إرادة مني، و إني أشعر برعشة في أعماقي كما تراني[1].
الفحش سلاح اللئام:
قرنت الروايات الشريفة صفة اللؤم بالرجل الفحَّاش، ولعلّ ذلك لأنّ من لا يتورّع عن شتم أعراض الناس، يحمل في نفسه مرض اللؤم والحقد على الآخرين، من أدنى سبب بل من أتفه سبب أحياناً.
ففي الرواية عن الإمام الباقر عليه السلام: (سلاح اللئام قبيح الكلام)[2].