1 - عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) عَنْ قَوْلِ الله عَزَّ وجَلَّ: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ الله مِنْ فَضْلِه)، فَقَالَ: (يَا أَبَا الصَّبَّاحِ نَحْنُ والله النَّاسُ الْمَحْسُودُونَ)[1].
2 - مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ الأَحْوَلِ عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ قَالَ قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) قَوْلُ الله عَزَّ وجَلَّ: (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ)، فَقَالَ (النُّبُوَّةَ) قُلْتُ: (الْحِكْمَةَ) قَالَ (الْفَهْمَ والْقَضَاءَ) قُلْتُ (وآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) * فَقَالَ (الطَّاعَةَ)) [2].
3- عَنْ بُرَيْدٍ الْعِجْلِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) فِي قَوْلِ الله تَبَارَكَ وتَعَالَى: (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ والْحِكْمَةَ وآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) قَالَ(عليه السلام): (جَعَلَ مِنْهُمُ الرُّسُلَ والأَنْبِيَاءَ والأَئِمَّةَ فَكَيْفَ يُقِرُّونَ فِي آلِ إِبْرَاهِيمَ (عليه السلام) ويُنْكِرُونَه فِي آلِ مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وآله)) قَالَ قُلْتُ: (وآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً)، قَالَ(عليه السلام): (الْمُلْكُ الْعَظِيمُ أَنْ جَعَلَ فِيهِمْ أَئِمَّةً مَنْ أَطَاعَهُمْ أَطَاعَ الله ومَنْ عَصَاهُمْ عَصَى الله فَهُوَ الْمُلْكُ الْعَظِيمُ)) [3].
4- عَنْ بُرَيْدٍ الْعِجْلِيِّ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) عَنْ قَوْلِ الله عَزَّ وجَلَّ: (أَطِيعُوا الله وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ)، فَكَانَ جَوَابُه: (ألَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ والطَّاغُوتِ ويَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً)، يَقُولُونَ لأَئِمَّةِ الضَّلَالَةِ والدُّعَاةِ إِلَى النَّارِ: (هؤُلاءِ أَهْدى)، مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، (سَبِيلاً، أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ الله، ومَنْ يَلْعَنِ الله فَلَنْ تَجِدَ لَه نَصِيراً، أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ)، يَعْنِي الإِمَامَةَ والْخِلَافَةَ، (فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً)، نَحْنُ النَّاسُ الَّذِينَ عَنَى الله والنَّقِيرُ النُّقْطَةُ الَّتِي فِي وَسَطِ النَّوَاةِ، (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ الله مِنْ فَضْلِه)، نَحْنُ النَّاسُ الْمَحْسُودُونَ عَلَى مَا آتَانَا الله مِنَ الإِمَامَةِ دُونَ خَلْقِ الله أَجْمَعِينَ، (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ والْحِكْمَةَ وآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً)، يَقُولُ جَعَلْنَا مِنْهُمُ الرُّسُلَ والأَنْبِيَاءَ والأَئِمَّةَ فَكَيْفَ يُقِرُّونَ بِه فِي آلِ إِبْرَاهِيمَ (عليه السلام) ويُنْكِرُونَه فِي آلِ مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وآله): (فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِه ومِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْه وكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ الله كانَ عَزِيزاً حَكِيماً)) [4].
الشرح:
عَنْ بُرَيْدٍ الْعِجْلِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) عَنْ قَوْلِ الله عَزَّ وجَلَّ: (أَطِيعُوا الله وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ)، فأجابه الإمام (عليه السلام) بأنَّ المراد بما قبل هذه الآية ذمُّ الخلفاء الثلاثة وتابعيهم وبأولي الأَمر عليّ بن أبي طالب وأولاده الطاهرين (عليه السلام). هذا هو الحقُّ الّذي لا ريب فيه وذهب إليه علماء الإماميّة رضوان الله عليهم، وأمّا العامة فلهم مزخرفات في تفسير هذه الآية لا بأس أن نشير إليها، لتعلم حقيقة مقالتهم وفساد عقائدهم، فنقول:
قال القرطبي قيل: إِنَّ المراد بأُولي الأَمر من وجبت طاعته من الأمراء والولاة، وهو قول الأَكثر من السلف، وقيل: هم أصحاب محمّد (صلى الله عليه وآله)، هذا كلامه.
وروي عن مسلم عن أبي هريرة، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال: (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن يعصني فقد عصى الله، ومن يطع الأَمير فقد أطاعني، ومن يعص الأَمير فقد عصاني) وله في هذا المعنى روايات متكثّرة.
وقال القرطبي لا تنعقد الإمامة ابتداءً للفاسق بكفر أو بغيره، فإن حدث فسقه بعد عقدها، فإمّا بكفر أو بغير كفر، فإن حدث فسقه بكفر ،وجب على المسلمين عزله، وإن كان فسقه بمعاص غير الكفر فجمهور أهل السنّة أنّه لا يخلع ولا يجب القيام عليه لحديث: (أطعهم وإن أكلوا مالك وضربوا عنقك ما أقاموا الصلاة » ولحديث: (صلّوا خلف كل برّ وفاجر)، ومثله قال محي الدِّين البغوي، وعلّله أيضاً: بأنَّ خلعه يؤدِّي إلى إراقة الدماء، وكشف الحرم، وضرر ذلك أشدُّ من ضرره، وحكى مجاهد: الإجماع على أنّه لا يقام على الإمام إذا فسق بغير كفر.
وقوله (عليه السلام): (يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ والطَّاغُوتِ)، قال الجوهري: الجبت: كلمة تقع على الصنم والكاهن والساحر ونحو ذلك، والطاغوت: الكاهن والشيطان وكلُّ رأس في الضلالة، وقال القاضي: الجبت في الأَصل: اسم صنم فاستعمل في كلِّ ما عبد من دون الله، وقيل: أصله الجبس، وهو الّذي لا خير فيه، فقلبت سينه تاءً، والطاغوت يطلق لكلِّ باطل.
ثم قال (عليه السلام): (يَقُولُونَ لأَئِمَّةِ الضَّلَالَةِ)، ويقصد بذلك الّذين يؤتون نصيباً من الإسلام، وهم يقولون بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله) لأَئمّة الضلالة والدُّعاة إلى النار، وهم الجبت والطاغوت: هؤلاء أهدى سبيلاً، أي: أقوم ديناً وأرشد طريقاً من الّذين آمنوا ظاهراً وباطناً، وهم آل محمّد (صلى الله عليه وآله)، وهذا هو أشد الضلال.
وقال (عليه السلام): (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ الله مِنْ فَضْلِه)، (نَحْنُ النَّاسُ الْمَحْسُودُونَ عَلَى مَا آتَانَا الله مِنَ الإِمَامَةِ دُونَ خَلْقِ الله أَجْمَعِينَ)، فان أصل كل ذلك الضلال والبعد عن الحق وأهل الحق هو الحسد، حيث فضّل الله آل محمد (عليهم السلام) بما آتاهم من النبوة والإمامة والحكمة وطاعة الخلق لهم في خصالهم وأفعالهم وأقوالهم وعقائدهم وهو ملك عظيم لا يوازيه شيء.
مجلة بيوت المتقين العدد (51)