الجواب: لا ربط لهذه الآية بالتوسّل، فإن الآية تمنع عن الاعتقاد بألوهية غير الله تعالى وخالقيّته حيث يجعل ندّاً وشريكاً لله تعالى وتمنع أيضاً عن العبادة لغير الله تعالى حيث يجعل غير الله تعالى ندّاً وشريكاً لله تعالى في العبادة، أمّا التوسّل فهو التقرّب إلى الله تعالى بأوليائه وجعلهم وسائط عند الله تعالى لكي يقضي حوائجنا كرامة لأوليائه، بل الله تعالى أراد أن يظهر مقام ومرتبة أوليائه فأمرنا بالتوسّل بهم عنده، قال تعالى: (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ)[1]، والوسيلة كلّ ما يتقرّب العبد به إلى الله تعالى ولا تختصّ بفعل الطاعات والعبادات، بل تتحقّق بالتقرّب إلى الله تعالى بواسطة أوليائه، ولذا ورد في صحيح البخاري وغيره أنّ عمر بن الخطاب كان يتوسّل بالعبّاس عمّ النبي(صلى الله عليه وآله) في الاستسقاء وطلب المطر من الله تعالى ويقول: «اللهم إنّا كنّا نتوسّل بنبيّك فتمطرنا وها نحن نتوسّل بعمّ نبيّك».
قال السبكي في شفاء السقام ص 160: (اعلم انّه يجوز يحسن التوسّل والاستغاثة والتشفّع بالنبي (صلى الله عليه وآله) إلى ربّه سبحانه وتعالى وجواز ذلك وحسنه من الأمور المعلومة لكلّ ذي دين المعروفة من فعل الأنبياء والمرسلين وسير السلف الصالحين والعلماء والعوام من المسلمين، ولم ينكر أحد ذلك من أهل الأديان، وانّ التوسّل بالنبي (صلى الله عليه وآله) جائز في كلّ حال قبل خلقه وبعد خلقه في مدّة حياته في الدنيا وبعد موته).
وقد روى السيوطي في الدر المنثور في ذيل قوله تعالى: (فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ)[2] توسّل آدم (عليه السلام) بالنبي الأعظم حينما أراد التوبة من خطيئته.
وقد ذكر ابن حجر في الصواعق المحرقة ص 180 أن الإمام الشافعي كان ينشد:
آل النبــي ذريعــــــــــتي وهـــم إلـــــيه وسيـــلتي
ارجـو بهم أعــــــطى غداً بيـــد اليــــمين صــحيفتي
ونقل عن الشافعي قول: (لقد ثبت بالتجربة أنّ التوسّل بقبر موسى به جعفر الكاظم (عليه السلام) موجب لاستجابة الدعاء).
وقد روى أحمد بن حنبل في المسند ج 4، ص 138 عن عثمان بن حنيف: أنّ رجلاً ضريراً أتى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: ادع الله أن يعافيني. قال: إن تشاء دعوت لك وإن تشاء أخّرت ذاك فهو خير. فقال: ادعه، فأمره أن يتوضّأ فليحسن وضوئه فيصلّي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء:(اللهم إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك محمّد نبيّ الرحمة، يا محمّد إنّي توجّهت بك إلى ربّي في حاجتي هذه فتقضي لي، اللهم شفّعه في).
قال القسطلاني في المواهب اللدنيّة ج 3 ص 380: (إنّ عمر لما استسقى بالعبّاس قال يا أيّها الناس إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) كان يرى للعبّاس ما يرى الولد للوالد فاقتدوا به في عمّه واتّخذوه وسيلة إلى الله تعالى، ففيه تصريح بالتوسّل وبهذا يبطل قول من منع التوسّل مطلقا بالأحياء والأموات وقول من منع ذلك بغير النبي).
مجلة اليقين العدد (14)